بعد ظهور نتائج التحقيقات المصرية في عملية اغتيال النائب العام المصري في يونيو/ حزيران عام 2015، اتهم الجانب المصري حركة الإخوان المسلمين وحركة حماس بالتخطيط للعملية وتنفيذها. كما ادعوا أن عدداً من النشطاء المتورطين في العملية يعيشون في تركيا.
بنظر صحيفة "هآرتس" العبرية، نتائج التحقيقات هذه ستحمل تداعيات كثيرة على عدة أصعدة متعلقة بمصر، منها مصير المصالحة المصرية-التركية، والقلق المصري من علاقة السعودية بحركة الإخوان المسلمين، ومحاولات مصر للتأثير على عملية المصالحة الجارية بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تعميق الفجوة القائمة بين حكومة السيسي وحركة حماس.
وفي السياق التركي-المصري، يقول المحلل السياسي والاستراتيجي للصحيفة العبرية، عاموس هارئيل، إنه إلى حين إدانة المتهمين وإصدار أحكام قضائية ضدهم يمكن دفن احتمال تحسن العلاقات التركية المصرية. وذلك لأن حكومة السيسي سوف تستغل اعترافات المتهمين بقتل النائب العام لتحويل خلافها مع تركيا وصراعها ضد حكومة رجب طيب أردوغان إلى الساحة القانونية الدولية.
فبحسب الصحيفة، قدمت مصر طلباً للشرطة الدولية "الإنتربول" التدخل لتحديد موقع أحد أعضاء حركة الإخوان المسلمين المتهمين بالتورط بالعملية والقبض عليهم وتسليمهم للأمن المصري، ومعنى هذا الطلب أن تركيا سوف تضطر للخضوع للأمر الدولي، لكن هناك شك ما إذا كانت سوف تسارع في تطبيقه أم لا.
إلى جانب ذلك، اعترافات المتهمين بأنهم تلقوا تدريبات لمدة 6 أشهر على يد نشطاء حركة حماس في غزة يتيح الفرصة لحكومة السيسي للانتقام من حماس، أو على الأقل لتقوية ادعاء مصر بأن حماس "تنظيم إرهابي" وبالتالي على كل طرف –مثل السعودية- يحاول ضم حماس إلى صفوف تحالفاته توخي الحذر. والأخطر من ذلك، يرى هارئيل أن اتهام حماس بالضلوع بعملية الاغتيال تمهيداً لاتخاذ خطوة ضدها في الجامعة العبرية، خطوة شبيهة بالتي اتخذتها السعودية ضد تنظيم "حزب الله"، ودفعت الدول العربية لتصنيفه كتنظيم إرهابي.
في الوقت نفسه، يؤكد هارئيل أن هذه المعركة الدائرة ليست بين مصر وحركة حماس، إنما ضد الإخوان المسلمين بشكل عام. وأن حركة حماس أصبحت ورقة سياسية بيد السعودية وإيران، إذ يسعى كل من الجانبين لضم الحركة إلى محور تحالفاته. فالسعودية تحتاج حركة حماس لإكمال المحور المسلم السني ضد تنظيم "الدولة" والتمدد الإيراني. وإيران بالمقابل، تسعى لضم حماس تحت مظلة تأثيرها من أجل إحباط الطموحات السعودية. وفي صراع القوى هذا تلعب مصر دوراً مركزياً.
في هذا السياق يقول هارئيل إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينظر بعين الشك والقلق للتقارب بين السعودية والإخوان المسلمين، المتمثل بالشراكة التي بينهم في حرب اليمن. ويفترض السيسي أن السياسة السعودية تقوّي الحركة التي يحاربها هو منذ ثلاث سنوات. إلى جانب ذلك، السيسي أبعد عن أن يكون سعيداً من تقوية العلاقات السعودية التركية، وقد رفضت حتى الآن الاستجابة لطلب السعودية بالتوصل إلى اتفاق مصالحة مع تركيا.
وعليه يرى هارئيل، أنه سيكون من الصعب على السعودية إمساك العصا من الوسط، أي السعي للتقارب مع حماس وبالوقت نفسه إجبار مصر على تبني سياسة مماثلة خاصة فيما يخص علاقات مصر بإيران وتنظيم "حزب الله". وفي هذه الشبكة المعقدة يقول الكاتب، قد تجد إسرائيل نفسها متورطة أيضاً. فقبل أسابيع قدمت مصر طلباً لدولة الاحتلال تطالب فيه "فهم" ماهية التقارب بين إسرائيل وتركيا، وأعربت عن اعتراضها وتنصلها من ذلك، الذي سيتحول إلى طلب مصري لإسرائيل بوقف المصالحة مع تركيا، أو ضم طلب تسليم نشطاء الإخوان المسلمين من تركيا إلى مصر لشروط المصالحة.