بقلم: بن كسبيت
وصل إسرائيل كاتس، أول من امس، الى ستوديو أخبار 2 في مزاج قتالي، وأعلن الحرب. على من؟ ليس واضحا في هذه اللحظة. أين العدو؟ في كل مكان. أين قيادة العدو؟ في الفيس بوك. كيف تضرب مراكز قوة العدو؟ هل ربما بإغلاق الفيس بوك؟ ولكن هذا ليس لنا على الاطلاق، ووزير الامن الداخلي لا ينجح حتى في الوصول الى المسؤول عن الفيس بوك كي يطرق البوست في وجهه. هذه حرب ضد عدو عديم الوجه، المراتبية، موقع القيادة، أو مراكز القوة. عدو يصف نفسه بالحركة، يقرر ما يفعله بالفرار، يرتجل العملية، السلاح، والضحايا. حرب لا يمكن الانتصار فيها.
ليس كاتس وحده يطلق النار في الظلام. كل محافل الامن الفاخرة لدينا لا يمكنها أن تعد حلا أو تجد سبيلا لتفكيك القنبلة واطفاء الحريق. الوحيد الذي قال، أول من أمس، الحقيقة الى الكاميرا كان رئيس بلدية تل ابيب يافا، رون خولدائي، فور أن بُشرنا بتعزيز قوات الشرطة: «ايها الرفاق، قوات الشرطة والامن توجد في حالة تأهب قصوى على مدى الزمن، لا يمكن الوصول الى واقع يكون فيه شرطي في كل زاوية شارع. المنفذ الفرد يمكنه في كل لحظة أن يفاجئنا وهذا ما حصل. هذا واقع علينا أن نتعايش معه، ومن ينبغي أن يأتي بالأجوبة هي حكومة اسرائيل و»قوات الأمن».
عندما يتحدثون عن التعزيزات، فهذا كله كلام». الحل الحالي لكاتس ورفاقه هو «قانون الإبعاد». هذا سيحل المشكلة. بالتأكيد. أبعد اسحق رابين في حينه الى لبنان مئات من رجال «حماس». ليست عائلاتهم هي التي أبعدها رابين، بل هم انفسهم. فماذا في ذلك؟ هل ردعوا؟ هل تراجعت «حماس» ووضعت سلاحها؟ تماماً لا. للوضعية التي نوجد فيها لا توجد علاجات سحرية، صيغة، أو صورة نصر. الحقيقة هي أن هذه انتفاضة شعبية، عفوية، مرتجلة، مدنية. قانونها الوحيد هو أنه لا توجد قوانين. لا شيء مخطط حقا. من الصعب الافتراض بأن المنفذين الثلاثة، أول من امس، انتظموا قبيل مجيء نائب الرئيس جو بايدن. يحتمل بالتأكيد ان يكون الاول في بيتح تكفا اثر على الثاني في القدس، الذي أثر على الثالث في تل أبيب.
هذه انتفاضة فيروسية، ولم يولد بعد ذاك الذي يعرف كيف يوقف مثل هذه الظاهرة. باستثناء، ربما، مارك تسوكربرغ. جلس جو بايدن، أول من أمس، مع شمعون بيريس على مسافة بضع مئات من الامتار عن «المخرب» الذي ركض بهوس على متنزه تل أبيب وطعن كل من صادفه في طريقه (بما في ذلك عربيان، أحدهما ماكث غير قانوني). في المرة الماضية التي كان فيها هنا تلقى بايدن على رأسه اعلان البناء في القدس في منتصف الزيارة، ما تسبب بازمة عسيرة بين القدس وواشنطن، استمرت حتى اليوم.
اما هذه المرة فاستقبلته موجة «ارهاب»، ثلاث عمليات في غضون ساعتين، في ثلاثة شوارع ليست هناك أكثر رمزية منها: صلاح الدين في القدس، البارون هيرش في بيتح تكفا، ورصيف الهجرة الثانية في يافا. ثلاث قطع تاريخية، ثلاث عمليات لم تنسق بينها، ولكنها خلقت أثراً كبيراً. لا شيء جديد حصل، أول من امس. هذا هو «الارهاب» الذي نعرفه منذ النصف سنة الاخيرة. لم نصعد درجة ولم ننزل طابقاً. ما كان هو ما سيكون، مع أو بدون «تقويم الوضع» مع الوزير (!!)، الذي بشر به، أول من امس، المفتش العام بالبث الحي. في النهاية محق خولدائي: هذا واقع حياتنا. يمكن محاولة تغييره، ولكن في هذه اللحظة نحن لا نزال لا نريد حقا. أدمنّا على الوضع الراهن، وسنشفى منه فقط حين يصبح لا يطاق حقا. نحن لسنا هناك بعد.
عن «معاريف»