بقلم: نداف هعتسني
سيطر الخوف والرعب على اسرائيل عند سماع تهديد السلطة الفلسطينية بوقف ما يسمى «التنسيق الامني»، الغاء اتفاق باريس، واعلان المقاطعة ضد اسرائيل والتوجه الى الامم المتحدة.
ما هو هذا الرعب وهذه المفاجأة؟ المذيعون والمحللون سارعوا لدق الاجراس وبعض الوزراء قالوا إنه لا داعي للخوف لأن الفلسطينيين يحتاجون الى التنسيق أكثر منا. إلا أنه في الظلام ومن غير أي قرار حكومي، خضع رئيس الحكومة للتهديد، وسمح بمنح السلطة الفلسطينية نصف مليار شيقل.
يدور الحديث عن اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية بناء على اتفاق باريس، الذي هو جزء من اتفاق اوسلو. المفارقة هي أن السلطة الفلسطينية تهدد بالغاء هذه الاتفاقات. وفي الوقت الذي يقول فيه نتنياهو ويعلون إن أبو مازن وأتباعه يساهمون في التحريض على محاولات الطعن والقتل، فانهما يتنازلان ويمنحان الاموال الكثيرة من اجل التحريض و»الارهاب» والتشهير بدولة اسرائيل.
الآن بالتحديد، على خلفية تهديدات السلطة التي تم تطبيق بعضها وبعضها سيساعدنا، حان الوقت لازالة قناع الكذب. حان الوقت لفتح مواجهة من أجل انهاء وجود السلطة الفلسطينية، فهم يهددون بتمزيق اتفاقات اوسلو، لكن نحن يجب علينا تنفيذ ذلك.
أولا، يجب وقف اللعبة التي تسمى «تنسيقا أمنيا». يدور الحديث عن مفهوم تم اختراعه في فترة الهذيان في الشرق الاوسط الجديد لشمعون بيريس، حيث حصلت الاجهزة الامنية على أمر بتغيير القرص في الرأس وتبني «التنسيق» مع «النظراء». وبين هذا وذاك قُتل الكثير من الجنود والمواطنين الاسرائيليين على أيدي «شرطة» فلسطينيين وتبين الى أي درجة الحديث عن مفهوم غير منطقي وكاذب
. حينما يزعم أحد في كتب التعليم الخاصة به أنه ليس لك حق في الحياة، وحينما يحرض الجمهور ويثني على من يذبح مواطنيك وحينما يستخدم البوابة الدائرية بالنسبة لـ «الارهابيين» الذين تم القاء القبض عليهم، فان كل ادعاء حول «التنسيق الامني» هو مضلل ومستفز.
عموما، السلطة باقية فقط بفضل قوة الجيش الاسرائيلي. ولولا وجودنا في «يهودا» و»السامرة» لكان مصيرها مثل مصير أتباعها في غزة، الذين ذبحوا وطردوا. من هنا، حان الوقت للتذكير بما نُسي: في ايلول 1993 على العشب الاخضر في البيت الابيض تم توقيع الاتفاق مع م.ت.ف الذي أدى الى اقامة السلطة الفلسطينية ودخول جنود المنظمة «الارهابية» الى «يهودا» و»السامرة». ومنذ ادخال جيش «الارهابيين» داخلنا ننزف ونتعرض للهجوم بشكل غير مسبوق. ايضا اثناء الفترة المسماة الانتفاضة الاولى لم يكن وضعنا أصعب مما هو عليه في فترة «السلام» لاوسلو. الانتفاضة الاولى قمنا بالقضاء عليها وأعدنا الهدوء والاستقرار الى أن تمت اقامة السلطة الفلسطينية.
منذ 1967 سيطرت دولة اسرائيل على «يهودا» و»السامرة» بوساطة الادارة المدنية. ولكل مجال تمت اقامة مكتب برئاسة ضابط من هيئة الاركان. ولم تكن هذه الادارة بدون اخطاء، لكنها أدارت «المناطق» بصورة ناجعة ومستقيمة أكثر من السلطة الفلسطينية الفاسدة، لدرجة أن اليسار الاسرائيلي زعم في حينه أن اسرائيل تتمتع بفائض اموال في «يهودا» و»السامرة». هيكل الادارة المدنية ما زال قائما اليوم ايضا، وقد حان الوقت لاعادته من اجل العمل بالكامل.
لقد بدأ عدد من الوزراء في التحدث مؤخرا عن ضرورة الاستعداد لليوم الذي يلي انهيار السلطة انطلاقا من نظرية أن هذا المخلوق سيتحطم قريبا. وليس واضحا اذا كان هذا سيحدث بشكل تلقائي. إلا أن الامر الواضح هو أنه يجب علينا التسبب بحدوثه لأنه لا يوجد لهذا الجهاز «الارهابي» الحق في البقاء بيننا واستمراره في لعب الدور الذي يهدد وجودنا. لذلك فان تهديدات قادة السلطة ليست سيناريو مخيفا بل فرصة كبيرة.
عن «معاريف»