كشفت مجلة " ذي أتلانتك" (الأطلسي) السياسية اليوم الخميس، أن عددها القادم في شهر نيسان المقبل سيحتوي تقريرا صحفيا مطولا يتناول مقابلة مطولة (امتدت على ستة أجزاء) أجراها الصحافي في المجلة جيفري غولدبرغ مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمدة 6 ساعات مسجلة، جري تسجيلها على مدى أربعة أشهر، مشيرة إلى أن المقابلة مخصصة لسياسة الرئيس الأمريكي الخاريجية أو ما أسمته المجلة " مبدأ أوباما".
ويتعلق تقرير غولدبرغ بالسياسة الأميركية تجاه مصر والسعودية وليبيا و إيران وإسرائيل ، حيث شدد أوباما (في واحدة من مقابلاته مع غولدبرغ) ، انه ملتزم بالدفاع عن إسرائيل وأن "عدم الدفاع عن إسرائيل سيكون بالنسبة لي فشلا أخلاقيا كرئيس للولايات المتحدة " بحسب غولدبرغ .
وفي واحدة أخرى من المقابلات الست، اوضح أوباما لغولدبرغ أنه كان يصبو من الذهاب إلى القاهرة في بداية دورته الأولى وإلقاء خطابه الشهير أمام طلاب جامعة القاهرة في شهر حزيران من عام 2009، أن "يعيد العلاقات الحميدة بين الولايات المتحدة و المسلمين في العالم " بعد الخراب الذي فعله جورج دبليو بوش بحسب غولدبرغ، "دعونا جميعا للتوقف عن التظاهر بأن سبب المشاكل في الشرق الأوسط هو إسرائيل " وان "نعمل للمساعدة في تحقيق الدولة و الكرامة للفلسطينيين، لكني لم أكن على أمل أن كلامي قد يحقق الغاية المطلوبة ( بخصوص مشاكل الشرق الأوسط الشائكة) واستكشاف ما يمكن أن يفسح المجال به أمام المسلمين للتصدي للمشاكل الحقيقية التي تواجههم - مشاكل الحكم ، وحقيقة أن بعض تيارات الإسلام لم تنتهج نهجاً إصلاحياً من شأنه مساعدة الناس على التكيف مع المذاهب الدينية الأخرى والحداثة ".
إلا أن أوباما خصص جزءًا مهما من إحدى المقابلات بحسب غولدبرغ إلى انتقاد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مشيرا الى لقائه مع نتنياهو في البيت الأبيض حيث "تحدث نتنياهو مع أوباما بغطرسة واضحة عن المخاطر التي تواجه إسرائيل ".
ويقول غولدبيرغ بأن أوباما "رأى أن نتنياهو كان يتحدث إليه بطريقة متعجرفة محاولاً تحويل النقاش من عملية السلام إلى قضايا أخرى" وأن اوباما قاطع نتنياهو بضجر قائلاً إليه " بيبي (نتنياهو) ، عليك أن تفهم شيئا: أنا ابن لأميركي من أصل أفريقي، تربيت على يد أم بمفردها، وأنا الآن أعيش هنا في هذا البيت، أنا أعيش هنا في البيت الأبيض للأنني تمكنت من الفوز بانتخابات جعلتني رئيسا للولايات المتحدة : هل تعتقد أنني لا أفهم ما الذي نتحدث عنه ؟"
يشار إلى ان جيفري غولدبرغ، الذي خدم في الشرطة الإسرائيلي كحارس في أحد سجون الاحتلال التي كانت مكتظة بالمعتقلين الفلسطينيين ابان الانتفاضة الأولى يعتبر مقرباً من الرئيس الأميركي، وتتسم علاقته مع نتنياهو بالجفاء رغم دفاعه المستميت عن إسرائيل في كل مناسبة.
وحرر الكاتب مقاله اعتمادا على ست ساعات من المقابلات مع أوباما وغيره من كبار المسؤولين في الإدارة أوباما اجراها على مدى الأشهر الأربعة الماضية ، في محاولة "لمسح مبادىء السياسة الخارجية للرئيس الأميركي منذ دخوله البيت الأبيض في يناير 2009" .
ويدعي غولدبرغ أن ليون بانيتا ، الذي كان رئيساً لوكالة الاستخبارات الأميركية، ووزيراً للدفاع خلال فترة حكم أوباما الأولى، قال له "لقد تساءل أوباما لماذا يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على ما يسمى التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، التي يمنحها الوصول إلى أنظمة أسلحة أكثر تطورا من حلفاء أميركا العرب".
إلا أن غولدبرغ يؤكد في مقاله الطويل أن أوباما خلال سنواته كرئيس للولايات المتحدة لم يتخذ أي إجراءات من شأنها أن تحد من هذا التفوق الإسرائيلي الذي يفوق "أي مجموعة أعداء محتملة" بل على العكس ضاعفها كثيراً.
وبخصوص الملف النووي الإيراني يدعي غولدبرغ أنه في مقابلته مع الرئيس أوباما في أواخر شهر كانون الثاني ، سأل أوباما ما إذا كان ينوي حقا مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا كان النظام في طهران يسعى للحصول على سلاح نووي وأن أوباما قال: " نعم أنا في الواقع كنت سأفعل ذلك لو تأكدت من أنهم ( الإيرانيون) على وشك الانطلاق إلى حيز القدرة (النووية المسلحة) كون ذلك في مصلحة الولايات المتحدة ".
ويقول غولدبرغ أن هذه كانت هي نقطة الخلاف مع نتنياهو الذي أراد من أوباما مهاجمة إيران حتى قبل أن تصنع القنبلة النووية بل عند امتلاكها "المعرفة" لصناعة القنبلة النووية وهو ما عارضه الرئيس أوباما.
ويصف غولدبرغ الرئيس أوباما بأنه كان يشعر بالإحباط بسبب إدارة المملكة العربية السعودية وإيران حروباً بالوكالة لهما في المنطقة، الأمر الذي يهدد السلام ويضع المصالح الأميركية في المنطقة في حالة حرجة، وأنه (أوباما) يعتقد أن السعودية، أحد الحلفاء الأميركيين الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، بحاجة لمعرفة كيف "تتقاسم" المنطقة مع عدوها اللدود، إيران، وأن اللوم يقع على كلتا الدولتين في تأجيج الحروب بالوكالة في سورية والعراق واليمن.
ووصف أوباما بعض الحلفاء الأميركيين في الخليج العربي -وكذلك في أوروبا- بأنها "قوى جامحة" تتطلع إلى جر الولايات المتحدة إلى صراعات طائفية طاحنة لا تمت بصلة للمصالح الأميركية.
ولم يُبدِ الرئيس الأميركي الكثير من التعاطف مع السعوديين، الذين يشعرون بأن الاتفاق النووي الذي توصل إليه أوباما مع إيران يهدد مصالحتهم وعليهم "إيجاد وسيلة فعالة لتقاسم المنطقة وإقامة نوع من السلام البارد".
ووضع الرئيس أوباما تصريحاته في "سياق نضاله الأوسع نطاقاً لإخراج الولايات المتحدة من الصراعات الدموية في الشرق الأوسط" حتى يتسنى لها التركيز بصورة أكبر على أجزاء أخرى أسرع نمواً وأكثر إشراقاً من العالم، مثل آسيا وأميركا اللاتينية.
وبحسب غولدبرغ، فإن أوباما قال أيضاً بأن دعمه للتدخل العسكري الذي شنَّه حلف شمال الأطلسي في ليبيا كان "خطأ"، نتج في جزء منه عن اعتقاده المغلوط بأن بريطانيا وفرنسا ستتحمل المزيد من عبء العملية.
ودافع أوباما بقوة عن رفضه تنفيذ الخط الأحمر الذي وضعه بشأن استخدام الرئيس السوري، بشار الأسد، للأسلحة الكيميائية على الرغم من أن نائب الرئيس جوزيف بايدن جادل داخلياً، وفقاً للمجلة، بأن "الدول الكبرى لا تمزح".
ويؤكد غولدبرغ أن أوباما يريد يترك البيت الأبيض دون التورط في حروب جديدة شائكة في الشرق الأوسط قد تقع الولايات المتحدة في شركها لسنوات طويلة قادمة وهو ما منعه من التورط في هجمات عسكرية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عام 2013 .