اقدم الداعشيون على اعدام الشاعر السوري بشير العاني وإبنه في دير الزور بتهمة الردة ، فكل من يخالف هولاء الرأي هو مرتد عن الاسلام لأن الاحزاب والجماعات التي تدعي الاسلام تعتبر انها هي الاسلام وأنه بدأ معها وليس قبلها . وهكذا يمكننا ان نلاحظ انه بعد ان تسلم محمد مرسي الحكم في مصر صرنا نشاهد اخوانيين على التلفزيون يعتبرون المسلم هو من انتمى الى الجماعة فقط ، وبقية الجماعات التي تمارس الارهاب والقتل تعتبر الاسلام هو الايمان بها وبقادتها وتحارب العلم والمعرفة وتشوه الدين . وسبق لداعش والنصرة ان دمرتا تماثيل ابي العلاء المعري والمعالم الاثرية التاريخية في العراق وسوريا مثلما خرج اخوانيون في مصر يطالبون بتغطية التماثيل الفرعونية . والرد البسيط على هؤلاء الجهلة انه لو حرم الدين هذه المعالم لدمرها المسلمون منذ الفتح الاسلامي ، لكن احدا لم يحرمها او يطالب بازالتها.
اما في حالة الشاعر العاني وابنه المظلومين فان الأمر يتعلق بحقد هذه الجماعات على العقل والابداع . فالشاعر لم يرتكب إثما سوى انحيازه للفقراء كيساري لم يهرب من مدينته وظل صامدا فيها عاشقا للفرات . ومثل هذا الشاعر لقي شعراء عراقيون مصيرا مماثلا من ميليشيات الحشد البربري الموازية لداعش واعدم مثقفون عراقيون كما اعدم شعراء اهوازيون ايضا من قبل السلطات الايرانية قالوا شعرا عروبيا وكما يلاحق شعراء في قطر والسعودية . فالانظمة الباهتة هي من صنعت الجماعات الهمجية وارضعتها بالفكر الهدام غير الانساني وغير الاسلامي وامدتها بالمال والسلاح. فالمرتدون ليس الشعراء والمثقفون والمحرومون بل هي الانظمة وجماعاتها الطائفية المتوحشة التي تهدم ولا تبني وتحارب الدين بحجة خدمته وتلك خدمة مجانية لاعدائه. رحم الله الشاعر العاني وابنه وهو الذي ظل يحرس قبر زوجته الراحلة او كما قال في آخر ما كتب:
أنا العاثرُ بجماجم اتزاني/ الشاغرُ إلاّ منكِ/ أبحث عن صرّةٍ لملمتِ فيها أوجهي التي أنسربت/ لملمتِ فيها براءتي/ خسائري/ أنا الذي قايض الطمأنينة بالهزائم"