منذ كانون الثاني 1957، حيث خشيت الادارة الأميركية من زيادة تأثير الاتحاد السوفييتي في الشرق الاوسط ونشرت "نظرية آيزنهاور" – التي وعدت بالمساعدة العسكرية لكل دولة ستعاني من الهجوم عليها أو التآمر السوفييتي – المحللون يميلون الى وضع نظريات عسكرية وسياسية والصاقها باسم الرئيس الموجود. ايضا لباراك اوباما قُدمت اقتراحات لنظرية خاصة به. واحدة منها فقط قام صديقه جيفري غولدبرغ بنشرها في مجلة "أتلانتيك".
نظرية اوباما عرفت عنها اسرائيل بفضل الفيسبوك، وهي تتحفظ على عجرفة بنيامين نتنياهو نحو الرئيس، لذا يفترض أن نعرف عن نظرية موازية لها هنا – نظرية نتنياهو. إنها متوفرة للجميع وتمت كتابتها في القرن التاسع عشر من قبل تشارلز ديكنز ويمكن تلخيصها بكلمة "المزيد". هذه الكلمة التي تم تليينها من قبل اوليفر تويست مع اضافة "القليل"، "لو سمحت"، "يا سيدي".
كلمة "المزيد" هي التعبير الافضل لنوايا وحلم نتنياهو. البرنامج الوحيد له. المزيد من الشيء ذاته. المزيد من السنوات في الحكم. المزيد من المستوطنات. المزيد من النزيف. المزيد من معارضة الحل الوسط الذي قد يضع حدا للصراع. المزيد من الانتظار للفارس الجمهوري على حصان/ البيت الابيض الذي سيحارب كل العالم من اجل الضم الفعلي ويعطي اسرائيل المزيد والمزيد من عشرات مليارات الدولارات.
نتنياهو يسيطر على "الليكود" بما مجموعه 18 سنة. أكثر من دافيد بن غوريون كقائد لـ"مباي" منذ اقامة الدولة حتى الاعتزال. أكثر من ليفي اشكول وغولدا مائير معا. ضعفي اسحق شامير بعد مناحيم بيغن. تقريبا مثل اسحق رابين وشمعون بيريس معا في قيادة حزب المعراخ بين 1974 – 1992. ليس لديه برنامج يومي باستثناء ضمان يوم آخر له.
منذ 2009 وهو يسيطر، بمساعدة رئيس اركان ثالث، مفتش شرطة ثالث، رئيس "شاباك" ثالث، وزير دفاع ثان، وزير امن داخلي ثان – جميعهم يأتون ويذهبون وهو الوحيد الذي يبقى في مكانه وليس مسؤولا عن الوضع الامني. هو الذي لا يغلق الثغرات في الجدار لأن لديه بديلا جاهزا هو عقد المجلس الوزاري المصغر من اجل نقاش طوارئ تخرج في نهايته البشرى: "قررنا أن نبدأ بقرار البدء" لوضع ميزانية، لاغلاق الثغرات.
في الاجهزة الامنية لا يفهمون نتنياهو: "يتحدثون عن عمليات الاجواء. لماذا لا تتغير الاجواء؟". تساءل مؤخرا أحد المسؤولين على ضوء اقوال نتنياهو. هذه ليست انتفاضة، يقول مختص آخر بالساحة الفلسطينية. مفهوم "انتفاضة" تستخدمه "حماس" في غزة، لكن "فتح" في الضفة الغربية تفضل الحديث عن "هبة". سواء كان هذا الاسم أو ذاك، فانه لا يوجد حل لدى نتنياهو. إنه يدفع الفلسطينيين الى العنف أو الى الامم المتحدة – وليس للخضوع.
في صيف 1949 في احدى جلسات الحكومة لاستخلاص دروس حرب 1948 واتفاق وقف اطلاق النار، حذر بن غوريون من أنه "من بين جميع الافضليات التي ادت الى انتصارنا يوجد لنا أمن لفترة معينة. ولا أعرف كم من الوقت بالنسبة للافضلية الاخلاقية والفكرية. من يعرف تاريخ هذه الشعوب حتى لو بشكل بسيط، يعرف أنه فجأة ستظهر لديهم قوة اخلاقية كبيرة أو شخصية سياسية كبيرة تستطيع تغيير المجريات وتأجيج الجموع الغفيرة". يمكن اعتبار ذلك نبوءة صحيحة حول ظهور زعماء مثل عبد الناصر أو السادات. ولكن من الناحية السلبية قد يكون هذا تفسيرا لتأثير "قوة اخلاقية صغيرة أو رجل سياسي صغير يمكنه ادخال اليأس الى الجموع الغفيرة" في اسرائيل.
مقابل مدرسة نتنياهو – صفر تقدم وصفر أمل – مطلوب قيادة حقيقية واعية ومستعدة لتحمل المخاطر، نظرية لا لبيبي: لا للمزيد.
الحكم المحلي بغزة توضّح استعداداتها لفصل الشتاء القادم
20 سبتمبر 2023