صحيفة :أنفاق تنظيم "الدولة" بالموصل.. تكتيك قتالي أم ممرات آمنة للهروب

25175954394_45b9344660_o
حجم الخط

نشر موقع " الخليج أون لاين" تقريراً يتناول العشرات من الصور التي تتضمنها التقارير الصادرة عن تنظيم "الدولة"، والتي أظهرت نشاط عناصره داخل أنفاق أقيمت في مختلف المدن العراقية، في حين لم يخصص التنظيم موضوعاً منفرداً لهذه الأنفاق التي تثير التساؤلات عند من يشاهدها.

ولفت التقرير إلى أن التنظيم كان قدر نشر تقريراً مصوراً عن فصيل مسلح تابع له في قرية "خراب دليل" شرق مدينة الموصل شمالي العراق، وتظهر بعض الصور قيام مجموعة من عناصره بحفر أنفاق تحت الأرض.

وأضاف ، أن مصادر مقربة من التنظيم، قالت إن الأنفاق هي إحدى وسائل القتال والتمويه، وإن فكرته ليست بجديدة، لكن التنظيم نوع من استعمالاتها، أهمها ضمان سلامة مقاتليه خلال المعارك، وكذلك تنقلاتهم.

وتؤكد المصادر بحسب "الخليج أونلاين" أن طول بعض الأنفاق أكثر من كيلومتر، بحسب طبيعة الأرض أو المنطقة الآمنة التي يتم الدخول والخروج منها في النفق.

وقد يكون حفر أنفاق داخل مدينة الموصل أمراً صعباً، بسبب ارتفاع المياه الجوفية داخلها، إذ يؤكد السكان أنه فورَ حفرِ متر من الأرض، خصوصاً في حالة أعمال البناء، في أي منطقة من المدينة تمتلئ بالماء بعد مدة قليلة.

ويقول اللواء العسكري المتقاعد محمد إبراهيم، لـ "الخليج أونلاين": إن "الأنفاق والخنادق تكتيك قديم في الحروب تستعمل للاختفاء والتنقل، لكن في العصر الحديث لم تعد فاعلة بسبب التطور التقني والتكنولوجي، فالأقمار الصناعية التي تستعمل لأغراض عدة، أهمها العسكرية، تستطيع أن تحدد مكان ونوع البترول بعمق 300 متر وأكثر تحت الأرض، أفلا تستطيع أن تحدد الأنفاق وما تحويه من أشخاص وأسلحة؟".

وأضاف: "من خلال متابعتي لمحتوى التقارير المصورة للتنظيم فإن قياسات الأنفاق التي يحفرها تكون حسب استعمالها، وحسب الطبيعة الجيولوجية للأرض التي يتم الحفر بها، فهناك أنفاق لا يزيد ارتفاعها على طول رجل يسير القرفصاء وهناك ممرات يسير فيها شخص براحة بما يحمله من سلاح، وهناك مكامن أشبه بالكهوف، ومنها ما تكون محطات استراحة لمقاتلي التنظيم".

وأوضح أن "التنظيم يستعمل الأنفاق شبكة وصل بين مكامنه وجيوبه على الأرض في المناطق التي تتعرض لنيران يومية، فضلاً عن الاختباء بسهولة من الضربات الجوية أو من النيران المباشرة للقوات البرية، إضافة إلى استعمالها للهروب".

وتابع الضابط المتقاعد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "التنظيم يستعمل الأنفاق أيضاً مخازن أسلحة، ومحطات علاج وعناية طبية طارئة للمصابين، ومخابئ من القصف، وأماكن استراحة لمقاتليه، وحتى محطات توجيه معنوي حيث يتم تعليق شاشة تلفزيون كبيرة في أماكن جلوسهم تعرض لهم إصدارات التنظيم المرئية لغرض رفع الروح المعنوية للمقاتلين، أو إعطاء دروس شرعية من قبل شيوخ التنظيم".

وأضاف: "أعتقد أنها أفضل وسيلة للهرب في الحرب البرية حيث تمكنهم من الاختباء والتنقل بعيداً عن تقدم القوات".

من جهته، يقول يونس جاسم، وهو أحد سكان المدينة، لـ"الخليج أونلاين": "نسمع من خلال وسائل الإعلام عن قيام التنظيم بحفر الأنفاق، لكن داخل الموصل لم نلاحظ قيامه بالحفر، وربما يقوم به دون أن نلاحظ ذلك، نسمع حكايات من أشخاص داخل المدينة يؤكدون قيام التنظيم بحفر الأنفاق وأنهم يسمعون طرقاً تحت الأرض خصوصاً في الليل، لكن لا دليل ملموس على ذلك حتى الآن".

وأوضح: "تتميز الموصل بارتفاع المياه الجوفية التي تملأ أي حفر، وهذا ما نعاني منه عند أي حفر لبناء المنازل، فكيف يتغلب التنظيم على هذه المشكلة؟".

وأضاف: "لا أعتقد أن للأنفاق جدوى في صد أي هجوم، أرى أنها ممرات كي يهرب منها عناصر التنظيم فيما إذا تعرضوا لدخول القوات الأمنية عند بدء معركة الموصل".

وتؤكد مصادر مقربة من التنظيم، فضلاً عن التقارير المصورة التي ينشرها ويعطي أسماء أماكنها وتظهر فيها الأنفاق، أنها على أطراف الموصل، وبالتحديد شرقي وشمالي المدينة، وهي مشابهة للأنفاق التي تم اكتشافها في المدن التي تم تحريرها من سيطرة التنظيم في سنجار والرمادي وتكريت.

واستعملت الأنفاق من قبل تنظيم "الدولة" في معاركه السابقة في الرمادي وغيرها للهروب من حرب المواجهة المباشرة مع الدعم الجوي، بحسب خبراء عسكريين، وتكون طريقتها بنفق واحد يمر تحت منازل شارع بأكمله، إذ يبدأ النفق من أول منزل وينتهي تحت آخر منزل، حيث يخرجون منه، كما أنها تكون تحت الشوارع الرئيسية وفي المناطق المفتوحة للتنقل بحرية دون رصد تحركاتهم، أو لربط الجيوب المعزولة في خطوط التماس.

وفي الموصل، حفر عناصر "الدولة" أنفاقاً تمتد لمئات الأمتار شرقي وشمالي المدينة لتمكينهم من البقاء بعيداً عن طائرات التحالف، يلجؤون في الحفر إلى عناصر ذوي بنية ضخمة، معتمدين على مطارق كهربائية للإسراع في الحَفْر، كما يتم مد شبكة إنارة وتزويدها بوسائل راحة.

ويكرر مسؤولون عسكريون عراقيون ومن التحالف الدولي تحذيراتهم من خطورة الأنفاق وتأثيرها على المعارك مع التنظيم.

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي العقيد ستيف وارن، في مؤتمر صحفي منذ 6 يناير/كانون الثاني 2016 من بغداد: إن "هناك أنفاقاً في الرمادي"، مضيفاً: "هذا التكتيك وضعه العدو في الرمادي، وعلى القوات العراقية التحرك بحذر والعمل بطريق ممنهجة".

مشيراً إلى أن "القوات التي حررت مدن بيجي وسنجار قد اكتشفت الأنفاق وقيام التنظيم بفتح ثغرات في جدران المنازل ليتمكن عناصر التنظيم من الانتقال من منزل إلى آخر ومن بناية إلى أخرى".

واستعملت الأنفاق تاريخياً في الحروب، وخصوصاً في العصور القديمة حيث المدن الشبيهة بالقلاع المحصنة، فتكون الأنفاق ممرات آمنة وسرية لدخول وخروج الملك أو القائد العسكري مع الجنود والالتفاف حول العدو، كما أنها كانت نقاط ضعف ضد المدينة أو القلعة التي يكتشف العدو مكان نفقها؛ فمن خلاله يتسلل مقاتلوه إلى داخل المدينة أو القلعة.

وكانت الأنفاق من التكتيكات التي اشتهرت بها الثورة الفيتنامية في القرن الماضي، وسجلت نجاحاً في هذ التكتيك، الذي أصبح علامة مميزة لمقاومة الفرنسيين ثم الأمريكيين، وتمثل حرب الأنفاق تجانساً بين المقاتل الفيتنامي والتضاريس الفيتنامية، إذ سخرها لمواجهة الجنود والأسلحة والآليات، والاختباء من الغازات والقنابل الدخانية.

نفق

 

12188295_256543021345927_1952397957_n

 

12498736_256543001345929_454926260_n

 

نفق2

 

12721601_256545098012386_405050217_n