انتفاضة مواقع التواصل الاجتماعي: إسرائيل تتحسس في العتمة !

0
حجم الخط

كانت المفاجأة، الاسبوع الماضي، كبيرة ومزدوجة. فقد حدث تراجع بطيء لكنه مستقر في العمليات «الارهابية». وكان يبدو أن الموجة تتلاشى، لا سيما لمن اعتقد أن الحديث يدور عن موجة فقط. إلا أن الهدوء النسبي انهار وأخلى مكانه للتعريف الحقيقي والواقعي بأننا أمام انتفاضة بكل معنى الكلمة. واذا أردتم، حسب وزيري المواصلات والمخابرات، فان هذه انتفاضة «داعشية». إذاً، توجد لنا نسخة معدلة. وكانت المفاجأة الثانية هي حجم «الارهاب» المتجدد وانتشاره الواسع، بما في ذلك وراء الخط الاخضر، وعدد المصابين الكبير نسبيا. كل شيء يتكرر. لكن الموضوع ليس كلاميا فقط، فاسرائيل لا تجد اجابة على هذا «الارهاب» الجديد. هذه هي الحقيقة المحزنة. إن التحليل العميق للاحداث «الارهابية» يكشف أن الانتفاضة الحالية تستند الى مجموعة كبيرة من العمليات البدائية في معظمها، الطعن بالسكين، والدهس بالسيارة. وهنا وهناك استخدام للسلاح الحي. تجد اسرائيل صعوبة في مواجهة «الارهاب» على نار هادئة.  يبدو للوهلة الأولى أنه كلما كان «الارهاب» أقل عنفا كان من السهل أكثر محاربته. ولكن يتبين أن النتيجة معكوسة. لماذا يصعب القضاء على موجة «الارهاب» الاخيرة؟ كلمة السر هنا هي الشبكة. إن هذه الانتفاضة هي انتفاضة شبكية، وهي تشبه الى حد كبير العالم الجديد الذي نعيش فيه، والتطور الذي مرت به التنظيمات الارهابية الكبرى التي تعمل في المنطقة، مثل «داعش». ظاهرة الشبكة معروفة. وقد أعطي التعريف الألمع لها في العام 2008 في كتاب توماس فريدمان الذي حصد الكثير من الجوائز – العالم منبسط. كما نعرف الآن، فان الشبكات الجديدة تجتاز العالم طولا وعرضا، وكل واحد منّا تقريباً ينتمي لهذه الشبكة الاجتماعية أو تلك ونحن نشارك فيها ونساهم فيها ونتمتع بها. لقد غيرت هذه الشبكات العالم من الأساس، عملية العولمة تعتمد عليها وتتغذى عليها. هذا عالم أفقي ولم يعد هرميا. لقد انتصر الجيش الاسرائيلي في الانتفاضة الثانية. عملية «السور الواقي» (من آذار حتى أيار 2002) فاجأت الفلسطينيين وأضرت بخلايا «الارهاب»، لكن هذا الامر احتاج اربع سنوات من اجل القضاء كليا على «الارهاب» واعتقال قادته. ولكن في هذا النجاح بالتحديد تكمن بذور «الارهاب» القادم الذي وجد تعبيره الآن. في ظل غياب القيادة وبدون بنية تحتية تحرك «الارهاب» من العالم الظلامي الى الساحة الجماهيرية، الى دوار المدينة الجديد. إن الشباب الذين يختارون «الارهاب» متشابهون، لكنهم ليسوا على صلة، ولا يعرفون بعضهم، لكنهم يعملون بالنمط ذاته وبدون تنسيق. الجيش الاسرائيلي و»الشاباك» وحرس الحدود وشرطة اسرائيل لا حول لهم ولا قوة، يتحسسون بالعتمة. ومحاولات الاحباط لم تعد ناجعة. وحتى حينما تبحث «قوات الامن» عن «الارهاب» ومنفذيه بشكل علني فانها لا تستطيع تحديده. لقد هربت الخيول من الاسطبل. والأخطر من ذلك هو أن الادعاءات حول التحريض لا يمكن علاجها. وحتى لو تم اغلاق وسائل الاعلام العلنية، الراديو والتلفاز، فليس هناك طريقة لمنع جيل الشباب من الدخول الى الشبكات الاجتماعية. وكل محاولة لمراقبة ذلك فشلت. والتوجه لشركات «غوغل» والفيس بوك رُفضت. فهما لا يعملان في خدمة حكومة اسرائيل ولن يتنازلا عن استقلالية شبكتيهما. خطوة اخرى الى الامام: «الارهاب» لم يعد وحيدا. فوسائل الاعلام الحديثة والتقليدية تقوم برفعه بسهولة نسبية وعرضه على الكثير من المشاهدين الجدد وتقوم بجذبهم. لقد أصبح «الارهاب» هو الوقود الذي يحرك المعركة الدولية المتداخلة ضد اسرائيل. إنها معركة سياسية واقتصادية وقانونية واكاديمية ودعائية. بل هي مبنية على شبكات دولية تغذي نفسها من خلال العنف الجسدي. ولكن بدل العمليات التفجيرية الشديدة يكفي «الارهاب» المقلص الذي تتم تغطيته بشكل كبير لتغذية الحملات الدولية.  لم تكشف اسرائيل في الوقت المناسب الصلة بين هذه الدوائر ولا الزاوية الجديدة التي حصلت عليها. لقد تم استغلال المصادر باتجاه احباط «الارهاب» ومنعه واستيعابه. أما المعركة الدولية فقد تمت تنحيتها جانباً. في الوقت الحالي ينقلب كل شيء. واسرائيل بحاجة الى تفكير جديد في صراعها ضد «الإرهاب».  القمامة مليئة بالسهام، لكن أحدا منها لا يمكنه إصابة أهداف وهمية. على إسرائيل الدخول الى الشبكات واتخاذ اجراءات لاضعاف عملها. وهذا غير سهل أبدا. ومرة اخرى سنكون أول من جرب وسائل محاربة «الارهاب» كما فعلنا في السابق من خلال الافشال الموضعي. إن اجراءات كهذه من شأنها ردع الشباب ونقش نتائج «الارهاب» الفردي والعام في وعيهم. الحرب هي على الوعي. بداية فصل جديد. عن «غلوبوس»