تحل اليوم سنة على الانتخابات، التي أدت الى تشكيل الحكومة الاكثر «يمينية» وانسجاما في أي وقت من الاوقات في إسرائيل. غير أنه بعد سنة لم تنجح حكومة نتنياهو في تحقيق أي شيء جوهري، يتطابق وفكرها. عمليا، من الصعب أن نرى ما هو بالضبط الفرق بينها وبين الحكومة التي كان سيشكلها هرتسوغ. فحتى وجود وزراء «البيت اليهودي» ووزراء قوميين من «الليكود» في مواقع اساسية لا يجدي نفعا. واذا لم يطرأ تغيير دراماتيكي قريبا، فالناخبون سيقتنعون بان نتنياهو، بينيت، هرتسوغ ولبيد – كلهم الأمر ذاته. مثال بعيد الاثر يكمن في ما كشفت عنه النقاب صحيفة «هآرتس»، هذا الاسبوع، وأفاد بان نتنياهو أجرى مفاوضات مع الفلسطينيين عرض فيها التخلي عن انجازات حملة «السور الواقي» ووقف الدخول الى المدن في «يهودا» و»السامرة» لاحباط «الارهاب». لم يتلقَ رئيس الوزراء الاذن بذلك من الكابنت او الحكومة، مثلما في مواضيع حرجة اخرى. وهكذا، في ذروة موجة «ارهاب» يتصدرها تحريض ابو مازن، فكّر نتنياهو – بدلا من العمل على حل السلطة – بالذات بالتراجع، بالضبط مثلما تصرف بعد اضطرابات النفق التي بادر اليها عرفات في العام 1996. ويضاف الى ذلك تحويل نصف مليار شيقل الى السلطة الفلسطينية والانبطاح الذي تبديه الحكومة امام موجة «الارهاب». وليس صدفة ان وزير الدفاع يعلون ينال الشعبية الواسعة في المعسكر الصهيوني. فالحكومة تتصرف بالضبط مثلما كان يمكن للفني وهرتسوغ ان يعملا، وفق فكر «أوسلو». الى جانب ذلك، فان الاستيطان في «يهودا» و»السامرة» وفي القدس، عصفور روح «البيت اليهودي» وقسم من وزراء «الليكود»، مجمّد على نحو شبه تام، لدرجة أنه حتى لبيد يهاجم الحكومة على أنها لا تبني مع معاليه ادوميم. بينيت، الكين، لفين ورفاقهم يتصرفون وكأن كل شيء على ما يرام، حين يمتنع نتنياهو حتى عن تبني تقرير لجنة ليفي، الذي اشار ضمن امور اخرى الى التمييز القانوني – المؤسساتي ضد سكان «يهودا» و»السامرة» اليهود. تنجح وزيرة العدل في تحقيق انجازات موضعية، ولكن في المجال القانوني كله لم يحدث بعد تغيير جذري، ولا حتى في سلوك رجال القانون في الدولة. فمثلا، هذا الاسبوع فقط ردت النيابة العامة طلبا لتقييم الون ليئال الى المحاكمة، حسب مادة محددة في قانون العقوبات، على افعال تآمرية يقوم بها في الخارج ضد اسرائيل. والحجة هي حرية التعبير؛ اما النبرة فهي «السلام الان». الى جانب ذلك، تنتج ميري ريغف ضجيجا كبيرا وتعد بتعيير المعايير كي لا يحظى أعداء الدولة بتمويل رسمي. ولكن ليس واضحا بعد ما سيتبقى بمثابة فضيحة كثيرة العناوين في الصحف وما سيطبق عمليا. وبقدر ما هو معروف فانه لم يتغير في هذه الاثناء أي شيء، والا لكنا سمعنا عن عدد لا يحصى من الالتماسات الى محكمة العدل العليا. الامر ذاته في الاعلام الرسمي والالكتروني – سيطرة اليسار لا تزال قائمة وثابتة. ولم تطرأ حتى خطوة تغيير حقوق البث في التراخيص من أجل فتح السوق، كما يريد رئيس الوزراء حقا. وينبغي أن نضيف الى خيبة الامل العامة المجال الاقتصادي ايضا. فالضرائب مجنونة، اسعار الشقق لم تنخفض، الاصلاح في اسعار الغذاء لم تطبق، وفي هذه الاثناء وعد وزير المالية بتصفية مجالس الانتاج والضرائب كي يخفض اسعار الغذاء، ولكنه خاف من تهديدات أصحاب المصالح. هكذا فان كل شيء، حتى الان، هو كلام في كلام. صحيح أن الحكومة تقوم بمهامها عمليا منذ عشرة اشهر فقط، ولكن انظروا ما الذي نجحت حكومة رابين في عمله في السنة الاولى من حكمها – مصيبة «اوسلو». وعليه فان الحكومة «الاكثر يمينية» توجد الان على مفترق طرق حرج. معضلتها بسيطة – إما أن تحكم حسب طريقها او أن تكف عن الوجود. عن «معاريف»
الخارجية المصرية تعلق على الهجوم البري الإسرائيلي على غزة
28 أكتوبر 2023