خلع نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير جولان، رداء المجاملة الديبلوماسية، وكشف في ندوة ألقاها أمس الأول في جامعة بار إيلان عن بعض أعماق التفكير الإسرائيلي تجاه عددٍ من الدول والتطورات. وعرض نائب رئيس الأركان الإسرائيلي نظرية القتال الحالية ضد «حزب الله»، قائلاً أن «لا حاجة حالياً لمقاتلة حزب الله وغزو لبنان». وعلّق على الاتصالات الجارية من أجل المصالحة مع تركيا بقوله إن «تركيا هي جهة إشكالية جداً. وطالما يرأسها حاكم كأردوغان، فستواجهنا مشاكل وتحديات». وانتقد جولان استخدامات القوة العسكرية من جانب الإدارة الأميركية، قائلاً إن الروس «يفهمون جيداً الخطوط الحمراء الإسرائيلية».
وفي سؤال من الجمهور حول امكانية شن هجوم وقائي ضد «حزب الله» في لبنان، بهدف تصفية ترسانة الصواريخ لديه قبل أن يعمل ضد اسرائيل، عمد جولان إلى شرح أسباب تفضيل اسرائيل عدم بدء حرب «إلا عندما يكون السيف موضوعاً على الرقبة»، مذكراً بأن التهديد العسكري السوري اعتبر على مدى عشرات السنين الخطر المركزي من ناحية اسرائيل الى أن تبدد من تلقاء ذاته، بعدما «استخدم النظام سلاحه (وسحق قواته) في الحرب ضد مواطنيه». وأضاف أنه «لا حاجة اليوم لاستخدام القوة العسكرية وغزو لبنان من أجل اجتثاث
عشرات ألوف الصواريخ التي يملكها حزب الله..علينا أن نهدأ. إذا كان وضعنا مريحا في هذه الأجواء الفوضوية، وأنا أعتقد أنه مريح لنا نسبياً، إذن لا ينبغي لنا أن نشوش ذلك. وعلينا أن نتعامل مع المخاطر من موقع قوة». ومع ذلك، استدرك قائلاً إنه «ليس مقنعاً أن هذا سبب للافتخار، واقعُ أننا تركنا حماس ومنظمات أخرى لسنوات تطلق النار على سكان غلاف غزة».
وعلى خلفية الاتصالات الجارية بين إسرائيل وتركيا، اعتبر نائب رئيس الأركان أن تركيا «جهة إشكالية جداً» و «طالما يحكم تركيا حزب ذو ميول إسلامية قوية، وحاكم مثل أردوغان، وطالما بقي الوضع على هذه الحال، فسوف تواجهنا مشاكل وتحديات».
وأضاف أنه كقائد عسكري ما كان سيتقدم في اتجاه «خلق عِداء مقصود وعلاقات متوترة مع تركيا» التي في نظره «دولة كبيرة وذات بأس». ومع ذلك، قال «إننا لا نرى تماثلاً في المصالح ولا تماثلاً في الأيديولوجيا، ولكن ينبغي لنا بذل جهد لتقليص التوتر مع الأتراك ـ عبر الحفاظ على مبادئنا. هذا موضوع معقد، ولكن ينبغي عدم أخذه إلى حدود متطرفة وزوايا غير مرغوب فيها».
كان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أطلع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل على حرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حل النزاع مع إسرائيل بأسرع وقت، وإنهاء الأزمة في العلاقات التي نشأت على خلفية اقتحام سفينة مرمرة في العام 2010. وتكاثرت الإشارات من تركيا بشأن قرب إعلان المصالحة، لكن إسرائيل أعلنت مراراً أنه لا تزال هناك الكثير من الخلافات التي لم تحل بين الطرفين.
وتحدث جولان عن النشاطات العسكرية الأميركية في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى ان «الولايات المتحدة وضعت لنفسها نهجاً، وهو الاستخدام الواسع للقوة العسكرية في السنوات الأخيرة، وأنا لست واثقاً أن هذا في مصلحتها». وأشار إلى أنه عندما يقوم بفحص النشاط العسكري الأميركي يرى أن «الجيش مذهل»، لكنه «في الكثير جداً من الأبعاد هم ليسوا أفضل منا كثيراً. ثمة أمور هم أفضل منا، وأمور هم أقل جودة منا».
وعندما سئل عن العلاقات مع روسيا، رد جولان بأنه من المستحيل تجاهل التواجد الروسي في المنطقة، والذي اعتبره «ليس بالضرورة سيئاً». وقال إنه رغم إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سحب قوته من سوريا إلا أن «شيئاً لن يتغير». وفي نظره «الروس لا يزالون هنا، حتى بعد تصريحات بوتين. وأنا لا أعلم كم سيستمر هذا الوضع، لكني أفترض أننا سنضطر للتعايش مع هذا الوضع لوقت طويل». وأضاف: «لست واثقاً بأن هذا التواجد في غير صالحنا. وبنظرة أكثر ارتياحاً، هناك أبعاد يقيدوننا بها، ولكن أيضاً هناك أبعاد يساعدوننا فيها. في مواضيع معينة مصالحنا متشابهة. لسنا على خلاف معهم في كل المسائل».
وبحسب كلامه، فإن «الروس يفهمون بشكل ممتاز» الخطوط الحمر الإسرائيلية، وأن الحوار مع الجيش الروسي، الذي ترأسه من الجانب الإسرائيلي، كان جيداً جداً. واعتبر أن «التنسيق معهم من أجل منع احتكاكات لا ضرورة لها، يجري على أعلى مستوى. وحول أحداث أقل جودة، نشأت فيها احتكاكات، جلسنا سوياً، وتم تصحيح الأمور فوراً. وأنا خرجت من الحوارات متشجعاً. نحن على وفاق معهم، ولا خوف».
واعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن نائب رئيس الأركان «تورط في كلامه، خصوصاً أن الندوة التي عقدت في مركز بيغين ـ السادات في جامعة بار إيلان كانت حول تحديات الجيش الإسرائيلي الراهنة». وفي نظره، «انزلق جولان إلى توصيفات غير ديبلوماسية، خصوصاً في الموقف من الأداء العسكري الأميركي والتواجد الروسي والعلاقات مع تركيا». وأوضح أن غاية المحاضرة «كانت أن يشرح للحضور كيف سيتصدى الجيش الإسرائيلي للسنوات الهوجاء التي تمر على المنطقة، وكيف سيواجه التحديات»، وهو «ركّز على خطة متعددة السنوات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي والتي يقودها بنفسه والتي وصفها بأنها بين الاستقرار والتغيير، شارحاً توجهاتها الأساسية».