ذكرت صحيفة " الخليج أون لاين" أنالعلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإيران تمر بحالة من التوتر الشديد، التي صاحبها خطوات عملية من الحركة الفلسطينية بمواجهة النفوذ الإيراني في قطاع غزة تمثلت بإغلاق عدد من المؤسسات التي تديرها وتمولها طهران بشكل مباشر.
وأضاف أن طبيعة العلاقة المتوترة ظهرت خلال تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل حين صرح بأن الدعم الإيراني للحركة تراجع ولم يعد رئيسياً، وذلك بعد يومين فقط من إغلاق الحركة لمؤسسة تمولها إيران تسمى "الباقيات الصالحات"، في خطوة نظر لها الكثير من المراقبين على إنها بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين حماس وإيران، عنوانها "التخلي عن الحلفاء".
وبحسب الخليج فإن خالد مشعل كشف في مقابلة مع قناة "فرنسا 24" من الدوحة، عن تراجع الدعم الإيراني لحركته بعد أن كانت أحد الداعمين الأساسيين لها، بسبب رفضها تأييد "نظام بشار الأسد" عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وقال: إن "الأزمة بين حماس ورئيس النظام السوري بشار الأسد، أثرت على العلاقة مع إيران، التي ردت بمراجعة الدعم المالي للحركة بشكل كبير".
ووفق التقرير فإن قيادي آخر في حركة حماس موجود في قطاع غزة، اعتبر التصريحات التي أدلى بها مشعل حول إيران، هي بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين حركة "حماس" وإيران، ستُركز فيها الحركة على إغلاق باب إيران بشكل نهائي.
وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "العلاقة بين حماس وطهران تطورت بشكل سلبي منذ عام 2011، بعد رفض الحركة تأييد النظام السوري في حربه على شعبه، وكافة الوساطات التي بذلتها فصائل فلسطينية مثل حركة الجهاد الإسلامي، كلها وصلت لطريق مسدود".
وأوضح أن "حركته لا يمكن لها من أجل المال والنفوذ الإيراني أن تلعب على دماء الشعوب والحروب في المنطقة، وما يقوم به النظام السوري بمعاونة إيران هو مجازر بحق الشعب السوري، لا يمكن لأي فصيل فلسطيني أن يساندها".
وكشف القيادي في حركة "حماس" أن "هناك قراراً سياسياً من رأس الحركة بطي صفحة إيران نظراً لوضعها شروط لتحسين العلاقات، واستخدامها المال لأغراض سياسية تخدم مصالحها في فلسطين، وهو أمر ترفضه بشكل قاطع حركة حماس".
وبسؤال "الخليج أونلاين" حول ما إذا كان إغلاق جمعيات ومؤسسات إيرانية في غزة، هو جزء من التوجه الجديد للحركة في التعامل مع إيران، أكد أن "أي مؤسسة أو جمعية خيرية أو غيرها تتبع لإيران، ولا تتماشى مع المصالح الفلسطينية ولا يكون لها أهداف أخرى غير تقديم المساعدات سيتم اغلاقها بشكل فوري وهناك أوامر لوزارة الداخلية للتعامل مع الأمر بكل حزم".
وأغلقت وزارة الداخلية في قطاع غزة، التي تديرها حركة حماس، جمعية خيرية تتلقى تمويلًا من إيران، وقال إياد البزم، المتحدث الرسمي، باسم الوزارة: إن "وزارته قامت بحل جمعية الباقيات الصالحات الخيرية التي يترأسها زعيم حركة الصابرين" المقربة من إيران، بسبب ممارستها النشاط السياسي، مضيفاً أن "الجمعية خالفت قانون الجمعيات الخيرية، والهيئات الأهلية، بممارستها نشاطات سياسية، والقرار اتخذ وفق القوانين المعمول بها".
وتثير حركة "الصابرين جدلاً كبيراً في قطاع غزة حول هويتها، حيث تُتهم بالتبعية لإيران وبالترويج للمذهب الشيعي ولا تتمتع الحركة بنفوذ كبير في قطاع غزة ويتركز انتشارها في منطقة شمالي القطاع، وسبق أن قالت تقارير صحفية محلية، إن "عناصرها منشقون عن حركة الجهاد الإسلامي المقربة من إيران".
- رؤية حماس الجديدة
المحلل السياسي، نشأت الخالدي رأى أن "توتر العلاقات بين حركة "حماس" وطهران، هو ضمن التوجه والرؤية الجديدة التي تملكها الحركة عربياً وإقليمياً، وإغلاق باب إيران في هذه الفترة هو الخطوة الأولى نحو الرؤية الجديدة للحركة".
وأوضح أن "الوضع السياسي لحركة "حماس" وخاصة في قطاع غزة، في ظل تصلب الموقف المصري منها، يُقلق قادة الحركة الموجودين في الداخل والخارج، وقد بحثوا عن مخارج من الأزمة الكبيرة التي تعيشها الحركة على المستويين السياسي والمالي".
ولفت الخالدي إلى أن "حماس تعلم جيداً أن استمرار تحالفها مع إيران لفترة أطول والدفاع عن توجهاتها في المنطقة وخاصة في سوريا واليمن سيجلب لها الكثير من المشاكل والعقبات، لذلك قررت بشكل تدريجي الانسلاخ عنها سياسياً مع الحفاظ على الدعم العسكري الذي تقدمه لجناحها العسكري كتائب القسام".
وذكر أن "تصريحات مشعل الأخيرة في الدوحة والتسريبات لنائبه موسى أبو مرزوق حول إيران لم تكن صدفةً، بل جاءت ضمن مخطط تنفذه جيداً حركة حماس للابتعاد عن إيران والتقرب نحو الدول العربية والإسلامية، خاصة المملكة العربية السعودية، التي تعيش بمثابة حرب سياسية ونفوذ مع إيران في المنطقة".
وأشار الخالدي إلى أن "حماس لا تريد إدارة ظهرها للسعودية، التي تعتبر بالنسبة لها مفتاح حل الأزمة السياسية مع النظام المصري الحاكم برئاسة عبد الفتاح السيسي، لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة وفتح معبر رفح البري وتحريك باقي الملفات العالقة مع مصر".
ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية في فبراير/ شباط الماضي، مقاطع صوتية مسربة ضمن مكالمة هاتفية لأبو مرزوق، هاجم فيها إيران بشدة، نافياً مزاعمها بدعم المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الدعم توقف منذ عام 2009.
وكان أبو مرزوق حينها يتحدث لشخصية أخرى عبر الهاتف ويقول: "القصة ليست كما يذكرون، وهؤلاء من أكثر الناس باطنية وتلاعباً بالألفاظ وحذراً بالسياسة من 2009 تقريباً ما وصل منهم أي شيء، وكل الكلام الذي يقولونه كذب، وكل ما كان يصل "لحبايبنا" لم يكن من قبلهم، جزء من طرف صديق وأطراف أخرى بسبب الأوضاع في المنطقة وكله بشق الأنفس".
وعلى مدار سنوات أقامت "حماس" علاقات قوية ومتينة مع نظام بشار الأسد في سوريا ضمن ما كان يُعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي أواخر عام 2010 بـ"محور الممانعة"، الذي كان يضم إيران، وسوريا، وحزب الله اللبناني، وحركة "حماس"، في مقابل "محور الاعتدال"، الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية 2011)، والسعودية والإمارات والأردن.
لكن اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، ورفض "حماس" تأييد نظام الأسد وتّر العلاقات بين الحركة ودمشق، قبل أن تقرر قيادة "حماس" مغادرة سوريا التي كانت تتخذ من دمشق مقراً أساسياً لها، لتتحول إلى دول الخليج العربي وتعود لأحضان الدول العربية مجدداً الذي ترى الحركة أنهم أولى بدعم القضية الفلسطينية من غيرهم.