محاولة محافل الاستخبارات - ليس في تركيا فقط - حل لغز العملية التي وقعت في اسطنبول، أول من أمس، باءت بالفشل. كما أن هوية المخرب الذي يزعم الاتراك أنه نفذ العملية الانتحارية ليست مؤكدة. فالتعاون الاسرائيلي مع محافل الاستخبارات التركية لم يتحسن في السنوات الاخيرة، حيث من المشكوك فيه جدا الان أن يكون ثمة شفافية وتعاون بين الطرفين في كل ما يتعلق بحل لغز قتل الاسرائيليين في اسطنبول. يمكن في هذه الاثناء أن نقول بيقين ان مزايا العملية الارهابية في اسطنبول تتطابق ومزايا العمليات التي نفذها «داعش» و»الجهاد العالمي» في دول مختلفة. فالارهاب الكردي، المشبوه الفوري بالعمليات في تركيا، يركز أساسا على الجنود، أفراد الشرطة، ومؤسسات الحكم، وليس على السياح. وبالتأكيد ليس هناك أي مصلحة للاكراد بالمس بالسياح الاسرائيليين. وبالمقابل، فان رجال «القاعدة» و»داعش» يهاجمون السياح في مناطق الاستجمام والاهداف اليهودية مثلما في بروكسل وباريس كسياسة. لم يكن لاسرائيل أي اخطار مسبق عن أي محاولة لعملية ضد سياح اسرائيليين في اسطنبول. ومع ذلك، فان موجة العمليات التي تغمر تركيا في الاشهر الاخيرة كان يفترض أن تشكل اشارة تحذير للاسرائيليين، للتفكير جيدا قبل السفر للاستجمام في هذه الدولة. وما لم يفهم كتلميح أصبح، أول من أمس، قولا واضحا من قيادة مكافحة الارهاب: تركيا دولة خطيرة للاسرائيليين. يبدو ان الارهاب الكردي والارهاب الاسلامي المتطرف فرا من أيدي السلطات التركية، وفي نقطة الزمن الحالية لا ينجح الاتراك في السيطرة عليهما. في كل ما يتعلق بـ «داعش»، زرع الاتراك في السنوات الاربعة الاخيرة الريح وهم يحصدون الان العاصفة. فقد سمحوا لرجال «داعش» بالخروج والدخول بلا رقابة تقريبا. واقام رجال التنظيم في تركيا خلايا استوعبت متطوعين، فأصبحت هذه قاعدة خلفية لـ «داعش»، يخرج ويدخل منها رجال التنظيم الى سورية والى أوروبا. فقد اعتقد الاتراك بان «داعش» سيخدمهم في الصراع ضد الاكراد السوريين، وعمليا استخدموا «داعش» لمنع الربط بين الجيوب الكردية على طول الحدود التركية – السورية. وفي السنة الاخيرة فقط، بضغط اوروبي – أميركي وعلى خلفية التورط مع الروس، توقف الدعم الاقتصادي التركي لـ «داعش»، وأصبح ظاهرا محاولة للتضييق على خطى التنظيم في تركيا. وعلى هذا يدفع الاتراك الان الثمن. فـ «داعش» من جهته عاد الى فكرته التقليدية التي تقول ان اردوغان هو رئيس دولة فاسد يتعاون مع المسيحيين ويجب إسقاطه من الحكم. اما عملية أول من أمس – اذا نفذها «داعش» بالفعل – فلم تكن العملية الاولى لـ «داعش» في تركيا، ولن تكون الأخيرة أيضا. تخلق أزمة القتال التركي ضد الارهاب، ظاهرا، «لحظة مناسبة» للتعاون التركي سواء مع دول اوروبا أم مع اسرائيل التي لها تجربة كبيرة جدا في المجال. ولكن الاوروبيين غير معنيين بصراع الاتراك ضد الاكراد بل بالصراع ضد داعش، والاتراك معنيون أكثر بالاكراد واقل بـ «داعش». هكذا حيث إن المصالح لا تلتقي. وبالنسبة لاسرائيل، فانه طالما ترأست جهاز الاستخبارات التركي محافل مؤيدة لايران، وطالما كانت سياسة الحكم من التعاون مع اسرائيل معادية – فلا يوجد ما يمكن الحديث فيه. فتلك العضو من الحزب الحاكم التي تمنت الموت للجرحى الاسرائيليين تمثل الـ «دي.ان.ايه» الحقيقي للرئيس التركي والمحيطين به.
عن «يديعوت»