ادعاءات «التجسس»: وقاحة أميركية

62013261194
حجم الخط

تم أمس نشر اتهام أميركي حول أن اسرائيل – في اطار جهودها لمعرفة ما يجري في المفاوضات بين ايران والدول العظمى – أضرت بشبكة العلاقات مع الولايات المتحدة نظرا لأنها تجسست على الأميركيين. 
هذا الادعاء الذي نشر في «وول ستريت جورنال» يُذكرني بصديقين كانا شركاء في شركة تجارية واتضح أن شركة كبيرة أرادت السيطرة على شركتهما وطردهما منها.
أحد الشركاء وهو صديق لي منذ زمن سألني ما العمل، اقترحت عليه استئجار محقق خاص لمعرفة ما الذي تفعله الشركة الكبيرة ضد شركته، لأنه يشعر بأنه اذا خسر الشركة – سيخسر قدرته الاقتصادية، ولهذا فكل جهد من اجل أن يفهم ما يفعله خصمه، هو صحيح. 
بعد بضعة اسابيع توجه لي ذلك الصديق بذهول، فقد اتضح له من خلال المحقق الخاص أن من يدير الصفقة لتدمير الشركة من خلف ظهره ليس سوى شريكه. أشرت عليه التوجه مباشرة الى شريكه، وهكذا فعل. شريكه قال له «نظرا لأنك تجسست علي – فان شراكتنا قد انتهت».
هذا بالتحديد هو ادعاء الأميركيين كما نشر. اسرائيل تتبعت آثار عدوتها الكبيرة – ايران. عندها تبين لها، لأسفها، أن الولايات المتحدة التي لها معها علاقات قريبة جدا، تخفي عنها حقيقة أنها تدير سرا مفاوضات مع ايران. اسرائيل توجهت الى الكونغرس ومجلس الشيوخ في محاولة لفهم لماذا تتنازل شريكتها للإيرانيين وتدير من خلف ظهرها المفاوضات، عندها، بعد أن ضربنا الأميركيون سبقونا في البكاء والشكوى، وزعموا أنه كيف تتجرأ اسرائيل على التجسس علينا.
المحاولة الأميركية لإدارة مفاوضات من خلف ظهر اسرائيل هي مس شديد بالعلاقات بين واشنطن والقدس، لكنها ايضا أمر مُهين. 
هل كان هناك أحد في الولايات المتحدة يصدق أنه يمكن اجراء مفاوضات كهذه من خلف ظهر اسرائيل - دون أن تعرف ذلك – بفضل اجهزة استخباراتها؟ إن حقيقة أنه كان هناك في الولايات المتحدة من اعتقد أن هذا الامر ممكن تشير الى أي درجة لم يفهم الأميركيون قوة التهديد الايراني على دولة اسرائيل ولم يفهموا كم هي اسرائيل مصممة على أن تعرف جيدا ما يفعله الايرانيون.
النشر أمس الذي يشكل وقاحة حقيقية، هو جزء من عملية أميركية موجهة للمس بمكانة اسرائيل في اوساط الجمهور الأميركي ومنتخبيه بهدف اضعاف قدرة اسرائيل على ادعاءاتها ضد الاتفاق السيئ الذي تنوي الدول العظمى التوقيع عليه برئاسة الولايات المتحدة. الحديث يدور من وجهة نظر اسرائيل عن نضال ملزم يتعلق بمجال حساس جدا لأمنها، الأميركيون يفهمون ذلك ويحاولون بشتى السبل المس بتصميم اسرائيل وبقدرتها.
الاشارة البشعة، وكأن اسرائيل تتجسس على الولايات المتحدة، هي جزء من العملية الأميركية. اسرائيل لا تتجسس على الولايات المتحدة وهم يعرفون ذلك. 
وكل ما تبقى هو حيل كل هدفها المس بإخلاص اسرائيل في الرأي العام الأميركي. من المؤسف أننا تدهورنا الى وضع كهذا ولكن التصميم الأميركي على التوصل الى الاتفاق، أي اتفاق، مع الايرانيين يقود الى مواجهة لا مناص منها.
التحدي الايراني والعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة سيكونان الموضوعان الأكثر أهمية في مجال العلاقات الخارجية في المستقبل القريب. يجب علينا رؤية كيف يتم التصدي للاتفاق بدون أن نفقد الولايات المتحدة. ازاء التصرف الأميركي – لن يكون ذلك سهلا.

 

عن «إسرائيل اليوم»