أردوغان تعلّم درساً مؤلماً

اردوغان
حجم الخط

بقلم: البروفيسور ايال زيسر موجة العمليات الارهابية في تركيا مستمرة. كان الهدف في نهاية الاسبوع شارعا مليئا بالسياح في قلب اسطنبول.

القتلى والمصابون كان من بينهم إسرائيليون. سارعت حكومة تركيا كعادتها في البداية الى القاء المسؤولية على التنظيم الكردي. أيضا في عمليات سابقة في أنقرة في الاسابيع الاخيرة كان هذا التنظيم هو العنوان لاتهامات تركيا. وفي نهاية المطاف يوجد صراع دموي بين تركيا وبين الاكراد، أدى الى قتل عشرات آلاف الاتراك والاكراد في العقود الأخيرة.

لكن تبين أن "داعش" هو الذي يقف من وراء العمليات الارهابية في تركيا. فعمليات الانتحار التي تتسبب بالمصابين الكثيرين والموجهة ضد السكان المدنيين والسياح الاجانب تلائم أكثر أجندة "داعش" مما تلائم اعمال الاكراد. يواجه "داعش" اليوم الحرب في أكثر من جبهة. في سورية والعراق وفي مواجهة الأميركيين والروس وايضا الاردن والسعودية. يقول العقل إن الامر الاخير الذي يحتاجه "داعش" هو فتح جبهة جديدة ضد تركيا.

ولكن يوجد لـ"داعش" منطقه الخاص. فهو يرفض بشدة تبني طريقة براغماتية من شأنها أن تخدم وتساعد الصراع على البقاء. يفضل "داعش" أخذ الامور الى النهاية، بل الى ما وراء ذلك أيضا. التصعيد هو خبزه اليومي، وقادته ما زالوا يؤمنون أن اشعال الحريق، الذي يحترق فيه ايضا المؤيدون له، هو الطريقة الصحيحة من اجل تنفيذ الأجندة على المدى البعيد. تركيا تساعد، كما هو معروف، التحالف الذي أقامته الولايات المتحدة لمحاربة "داعش"، ومن المطارات التي على اراضيها تخرج الطائرات التي تقصف اهداف "داعش".

ولكن يجب الاعتراف أن الاتراك امتنعوا عن المساهمة بشكل فعال في محاربة "داعش" أو ارسال الطائرات أو الجنود لمحاربته. وهم لم يخفوا موقفهم بأن "داعش" ليس المشكلة المركزية في المنطقة، وأنه يجب محاربة بشار الأسد أولاً والاكراد الذين يعتبرونهم خطرا على سيادة تركيا واستقلالها.

السهولة التي تعاملت بها انقرة مع "داعش" وجدت تعبيرها في قدرة كل من أراد العبور من الاراضي التركية الى "داعش" في سورية والعراق، حيث إن تيار المتطوعين الاجانب من جميع انحاء اوروبا والشرق الاوسط لم يتوقف. ويبدو أن الاتراك قد غضوا نظرهم عن عبور البضائع والسلاح من تركيا الى "داعش". لكن تنظيم "داعش" لا يحفظ الجميل لاردوغان. فقد اكتشف رئيس تركيا أنه خلافا لتصريحاته العالية في السابق، فانه يوجد "ارهاب اسلامي". وأنه في نظر ارهابيي "داعش" ليس مسلما جيدا بما يكفي. لذلك من الواجب الاضرار به وبدولته. يواجه اردوغان الطبخة التي طبخها بيديه. التركيز على بشار الاسد والاكراد لم يمنحه الحصانة أمام "داعش".

وليس غريبا أنه داخل تركيا تسمع مؤخرا انتقادات للتدخل الزائد في الازمة السورية، الامر الذي لم يغرق تركيا باللاجئين فقط، بل أيضا بالارهابيين. صحيح أن حكومة تركيا سارعت الى التنديد بعضو البرلمان التركية التي تمنت الموت للسياح الاسرائيليين المصابين في العملية، ولكن لا شك أن التحريض الفظ ضد اسرائيل من رؤساء النظام في تركيا، وعلى رأسهم اردوغان، ساهم في نشوء الاجواء التي سمحت بتعليقات كهذه.

وما زال مبكرا القول إن كان "داعش" بحث عن اسرائيليين، أم أن الامر كان صدفة. ولكن في جميع الحالات، قدرة التنظيم على تنفيذ العمليات الانتحارية في مركز اسطنبول تشير الى قدرة استخبارية وتنفيذية، وترفع بشكل دراماتيكي مستوى الخطر الذي يشكله التنظيم على الاستقرار والامن في المنطقة وخارجها. لكن بناء على عدم وجود فعالية للصراع الدولي ضد "داعش" والشبكة التي يستطيع اقامتها من خلال ملايين اللاجئين من سورية والعراق، الذين يغرقون تركيا وهم في طريقهم الى اوروبا، يمكن القول إن العملية القادمة هي مسألة وقت. عن "إسرائيل اليوم"