هل «الليكود» باقٍ في الحكم إلى الأبد؟!

F141124MA03-635x357-635x357
حجم الخط

هل سننجح يوماً ما في هزيمة "الليكود"؟ وهل سيبقى بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة إلى أبد الآبدين؟ يتساءل أنصار اليسار الذين يطمحون للعودة إلى الحكم بعد سنوات طويلة قضوها في صحراء المعارضة - وحينها تبدأ لعبة الاتهامات: من المسؤول عن هذا الوضع وأين أخطأنا؟ لكن سيطرة حزب واحد على السلطة لسنوات طويلة ليست وضعاً جديداً في السياسة الإسرائيلية. نتذكر كيف سيطر حزب العمل، بتحولاته المختلفة، على الحكم منذ قيام الدولة، وكان يخيل إلينا أنه سيحكم إلى الأبد. لكن "الليكود" بتحولاته المختلفة، حل محله، بعد أن كان يعتقد أنه محكوم عليه أن يبقى في المعارضة إلى الأبد. إذا ألقينا نظرة إلى الوراء، وسألنا أنفسنا كيف نجح حزب العمل في الفوز في الانتخابات مرة تلو المرة، سنكتشف أن الجواب واضح: كان ينظر إليه باعتباره هو الحزب الذي يعرف كيف يوفّر للجمهور الأمر الأكثر أهمية له من أي شيء آخر: الأمن. هو الذي قاد إسرائيل نحو الانتصار في "حرب الاستقلال"، ونجح في فتح مضائق تيران سنة 1956، وكان في الحكم عندما حققت إسرائيل انتصاراً باهراً في حرب "الأيام الستة". والذي أدى إلى سقوطه هو حقيقة اعتباره المسؤول عن الإخفاق في حرب "يوم الغفران"، على الرغم من أن هذه الحرب كانت أكبر انتصار عرفته إسرائيل، انتصار فتح الطريق في نهاية الأمر إلى اتفاق السلام مع مصر - لكن الجمهور لم يغفر للحكومة امتناعها عن تعبئة الاحتياطيين في الوقت الملائم، وما نجم عن هذا الخطأ، أي الخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش الإسرائيلي. مرت أربع سنوات قبل أن يستوعب الشعب نتائج هذه الأحداث. وفي سنة 1977 وبعد نجاح المعارضة في الانتخابات صعد "الليكود" إلى الحكم. وكان الأمن هو الذي تصدر أولويات الجمهور، وإخفاق حزب العمل في توفير هذا الأمن هو الذي أدى إلى سقوطه. في هذا الشأن لم يتغير شيء كثير منذ ذلك الحين، فالجمهور يعطي صوته لمن هو قادر على ضمان أمنه. لقد كانت هناك فرصة لحزب العمل لترميم صورته الأمنية عندما وصل إلى السلطة بزعامة رئيس الأركان السابق، يتسحاق رابين، وبعد هزيمة الحزب على يد "الليكود" سنة 1996، أُعطي فرصة أخرى عندما حقق له رئيس الأركان السابق إيهود باراك انتصاراً سنة 1999. والجنرالان وعدا بتوفير الأمن بوساطة سلام، وكانا مستعدين لتقديم التنازلات الضرورية. وقد أعطى الجمهور موافقته على هذه السياسة: فقد دعم اتفاقات أوسلو وكان مستعداً لإعطاء الجولان السوري مقابل اتفاق سلام. والتنازلات الجغرافية البعيدة المدى التي اقترحها باراك على عرفات سنة 2000 كان من الممكن أن تحظى بدعم جزء كبير من الجمهور لو لم يرفضها عرفات، ولولا موجة "الإرهاب" الفلسطيني التي جاءت بعد ذلك. وحصل "معسكر السلام" على فرصة جديدة عندما قام جنرال آخر هو اللواء في الاحتياط أرئيل شارون بمغادرة "الليكود" وأسس حزب "كاديما"، وبعد أن حصل على دعم كثيرين من حزب العمل اقتلع مستوطنات "غوش قطيف" وسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. وحظيت هذه الخطوة أيضاً بدعم قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي. منذ سنوات تعتبر سياسة التنازلات هذه في نظر الجمهور الإسرائيلي سلسلة أخطاء. إن الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي على إسرائيل للموافقة على تنازلات، ربما يحظى بدعم جزء من الجمهور، لكنه يغضب الأكثرية ويعزز التأييد لنتنياهو. في كل ما يتعلق بالأمن، فشل حزب العمل بكل تحولاته مثلما فشل "كاديما". إن الأمن هو جوهر السياسة الإسرائيلية، وإلى أن ينجح حزب العمل في تقديم أجوبة أفضل من تلك التي يقدمها "الليكود" في هذا المجال، وإلى أن يرتكب "الليكود" - لا سمح الله - أخطاء جدية في الموضوع، يمكن أن نفترض أنه سيبقى في الحكم.

عن "هآرتس"