تجفيف الأرض التي ينمو فيها العنف الفلسطيني

thumb (1)
حجم الخط

أعطي الكثير من العناوين والألقاب للعمليات التي تواجهها اسرائيل منذ نصف سنة، منذ تشرين الأول 2015 – انتفاضة ثالثة، انتفاضة السكاكين، انتفاضة الاولاد، انتفاضة الافراد، انتفاضة الاقصى، "ارهاب" شعبي، "ارهاب" السكاكين، عمليات الذئاب المنفردة. الصحافيون والمحللون والباحثون في "الارهاب" على استعداد للقسم بأن تعريفهم هو التعريف الصائب ويعكس الظاهرة بشكل سليم. إن تعريف الظاهرة ليس مسألة نظرية وكلامية فقط. الاجابة عن الاسئلة – هل نحن أمام انتفاضة أو موجة "ارهابية"، هل من ينفذون العمليات هم ذئاب منفردة ومستقلون، أم أن الحديث يدور عن ظاهرة منظمة، هل خلفية العمليات تتعلق بأحداث المسجد الاقصى أم هي نتيجة احتجاج شعبي بسبب اليأس على خلفية الوضع الاقتصادي أو القومي – كل ذلك لن يساعد فقط في تعريف الظاهرة بشكل صحيح، بل سيُمكن ايضا من ايجاد صيغة العمل المطلوبة لمواجهتها بشكل ناجع أكثر. على مدى سنوات طويلة تميل اسرائيل الى وصف العمليات "الإرهابية" بمفاهيم تصعيدية ومخيفة. وقد وجد هذا تعبيره في استعراض وسائل الاعلام للأحداث. وفي كثير من الاحيان تدعم المعارضة ذلك، حيث تجد أن "الارهاب" وسادة مريحة للهجوم على الحكومة (بغض النظر أي حزب يوجد في السلطة). وبشكل متكرر نسمع في وسائل الاعلام أن العملية أو موجة العمليات تشكل "صعود درجة" لـ"الارهاب". ثمة الكثير من الدرجات التي تم صعودها في العقود الاخيرة، حيث يبدو أننا موجودون على قمة الهيمالايا. في جميع الاحوال سنعود ونسمع أن موجة "الارهاب" القادمة ستشكل صعود درجة اخرى. الارهاب هو ظاهرة ديناميكية. الطرفان – "الارهابيون" واجهزة الامن – يتعلمون طوال الوقت من اجل فهم وتحليل طريقة عمل العدو. يحاولون تحديد "البطن الرخوة" واستخدام طرق فعالة. ليس كل تغيير في طريقة عمل "الارهاب" هو تصعيد أو صعود درجة. الانفعال من موجة "الارهاب" يخدم منفذي "الارهاب"، الذين يريدون إحداث أكبر صدى للعمليات وتعميق الخوف. موجة العمليات التي تواجهها إسرائيل في الأشهر الأخيرة ليست ولم تكن أبدا "انتفاضة". الانتفاضة هي هبة شعبية. الانتفاضة الاولى التي بدأت في نهاية 1987 شملت المظاهرات والاحداث العنيفة التي شارك فيها كثير من الفلسطينيين في ارجاء "المناطق". ايضا الانتفاضة الثانية التي اندلعت في 2000 كانت بمشاركة أعداد كثيرة، لكنها على عكس الاولى، كانت مسلحة بالسلاح الناري، وانضمت التنظيمات "الارهابية" الفلسطينية للجماهير بمجموعة من العمليات الخطيرة. الظاهرة التي تواجهها اسرائيل الآن هي موجة خطيرة من عمليات "الارهاب". موجة لها مميزات واضحة وتختلف عن موجات العنف السابقة التي عرفناها، فهي تعتمد على السلاح الأبيض – الطعن والدهس – وفي الاونة الاخيرة إطلاق النار ايضا. عدد الاشخاص الذين يشاركون في هذه الموجة قليل قياسا بعدد الفلسطينيين في الانتفاضات السابقة. فقد شارك في موجة العمليات الحالية أقل من 300 شخص. الحديث هنا لا يدور عن آلاف أو عشرات الآلاف. لا يجب التقليل من خطورة موجة العمليات أو التحدي الذي تفرضه على الاجهزة الامنية والمجتمع الاسرائيلي، لكن لا يجب ايضا اعطاؤها أبعاد نهاية العالم. ورغم الأسف العميق والألم الكبير على الاشخاص الذين قتلوا وأصيبوا في الموجة الحالية، إلا أن عددهم قليل جدا مقارنة بموجات عمليات سابقة مثل العمليات "الانتحارية" في سنوات 1992 – 1994 (التي لم تسمّ انتفاضة)، فعدد الذين قُتلوا في الموجة الحالية، خلال نصف سنة، أقل من عدد القتلى في عملية "انتحارية" واحدة أو اثنتين في التسعينيات أو في سنوات الألفين. من المهم القول إن هذه الادعاءات لا تستخف بخطورة الموجة الحالية أو التسليم بها، بل العكس. لكن اذا لم نحدد لأنفسنا مميزات وحجم الظاهرة الحالية بشكل دقيق فلن نعرف كيف نواجهها بنجاعة. عند تحديد العمليات في الاشهر الستة الاخيرة كموجة "ارهابية"، تطرح بناء على هذا التعريف أسئلة مهمة يجب الإجابة عنها: هل يدور الحديث عن موجة بادرت إليها التنظيمات "الارهابية" أم هي ظاهرة بدون تدخل فعلي منها ؟ هل العمليات "الارهابية" هي نتيجة التوتر الديني حول المسجد الاقصى؟ هل هو اليأس النابع من الازمة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني؟ أم غياب الحكم أم اسباب شخصية تتحول الى عنف و"ارهاب"؟ هل العمليات هي نتيجة قرار عقلاني للمنفذين أم ثورة مشاعر غير مسيطر عليها؟ الى أي حد يميز هذا المجتمع الفلسطيني، أم أن الاحداث في اسرائيل ترتبط بالارهاب العالمي للذئاب المنفردة بتأثير أحداث "الربيع العربي" "وداعش"؟. يجب على الاجهزة الامنية الاسرائيلية ومتخذي القرارات الإجابة عن هذه الاسئلة ووضع الادوات الملائمة واتخاذ الخطوات العملية الناجعة من أجل علاج الظاهرة. أفراد أم منظمون؟ بشكل عام، يجب التمييز بين نوعين من العمليات "الارهابية" – "عمليات بمبادرة شخصية" (أو مبادرة محلية) وبين "عمليات منظمة". يتعلق التمييز بسؤال تدخل منظمات "الارهاب" في المبادرة للعملية والتخطيط لها وتنفيذها. "العملية المنظمة" هي عملية تنظم من قبل تنظيم "ارهابي". وعادة ما تكون نتائج هذه العمليات خطيرة وأكثر دموية من العمليات التي تنفذ دون تدخل تنظيمي. في المقابل، العمليات الذاتية أو المحلية يكون عدد المصابين فيها أقل، ومستوى التخطيط أدنى، وعادة يتم استخدام السلاح الابيض أو المصنوع محليا، وعدد المصابين يكون محدوداً. عمليات المبادرة الذاتية قد تنفذ بالهام أو على خلفية التحريض من منظمة "ارهابية". ولكن المنظمة لا تتدخل في التنفيذ. في بعض الحالات قد يعتبر المنفذون أنفسهم رسلاً للمنظمة "الارهابية" التي يؤيدونها مثل "حماس" أو "داعش"، لكنهم ليسوا اعضاء فيها، ولم يتم تدريبهم، ولم يحصلوا على المساعدة لتنفيذ العملية. احيانا تصرح الذئاب المنفردة أنها منفصلة عن منظمات "الارهاب"، ويؤكدون أنهم مستقلون. ومثال ذلك حادثة بهاء عليان، الذي نفذ عملية في القدس في تشرين الثاني 2015، وكتب على صفحته في الفيسبوك: "أطالب المنظمات بعدم تبني أو اعلان المسؤولية عن العملية. موتي هو من اجل الوطن وليس من أجلكم". تنقسم العمليات الى قسمين: "عمليات مبادرة ذاتية" للذئب المنفرد، حيث إن المبادر والمخطط هو شخص وحيد تعرض لتحول راديكالي، وقرر تنفيذ عملية مستقلة وحده، و"عمليات المبادرة المحلية"، حيث تقوم مجموعة صغيرة (اثنان أو ثلاثة) بتنفيذ العملية. قد يكونون اخوة أو زوجين أو أقارب أو اصدقاء توصلوا الى الاتفاق أنهم يريدون تنفيذ عملية مشتركة. ايضا في هذه الحالة المنفذون ليسوا اعضاء في منظمة، ولم يحصلوا على أي مساعدة من منظمة "ارهابية". في موجة العمليات التي أمامنا، الميزة هي عمليات المبادرة الذاتية والمحلية. مفهوم الذئاب المنفردة أضيق من أن يشمل الظاهرة، وكذلك مفهوم عمليات الافراد. في المقابل، انتفاضة السكاكين أو "الارهاب" الشعبي هي مفاهيم واسعة تضخم الظاهرة. هناك من يحاول الاشارة الى الصلة المباشرة أو غير المباشرة بين منفذي موجة "الارهاب" الحالية وبين منظمات "الارهاب" وعلى رأسها "حماس". إنهم يربطون بين العمليات وبين التحريض الذي يدعو الشبان الفلسطينيين ويحثهم على تنفيذ العمليات. صحيح أن منظمات "الارهاب" تحاول كثيرا "أن تركب الموجة"، وتتبنى العمليات. تقوم المنظمات بنشر توجيهات حول كيفية التحضير وتنفيذ العملية بشكل ناجع (نوع السلاح وكيفية تحويله الى سلاح أكثر فتكا وأي طرق يجب استخدامها). لكن هذه الاعمال لمنظمات "الارهاب" لا تحول المبادرة الذاتية والمحلية الى عمليات منظمة. وكذلك التأييد من قبل منفذ العملية لتنظيم "ارهابي" معين لا يعني أنه عضو، ويعمل باسم هذا التنظيم. ما الذي يُحركهم؟ إذاً، ما الذي يدفعهم للقيام بهذه العمليات والى أي حد يمكن القول إن القرار عقلاني أم إنه مشاعر لا يمكن السيطرة عليها؟ رغم التنوع الكبير لمنفذي موجة "الارهاب" الحالية – رجالا، نساء، أولاداً، ممن يأتون من مناطق مختلفة ويستخدمون طرق عمليات مختلفة، يمكن القول إن هناك مميزات مشتركة وخاصة للموجة الحالية، التي تميزها عن موجات سابقة. الميزة الاولى هي أن العمليات نتيجة لمبادرة ذاتية ومحلية وليست عملية منظمة. ميزة اخرى هي الجيل الصغير للمنفذين، حيث يوجد بينهم الكثير من الاولاد. عدد كبير من المنفذين عبروا عن رغبتهم ونيتهم تنفيذ عملية في الشبكات الاجتماعية – الفيسبوك، تويتر، وغيرها. في بعض الحالات نبع قرار تنفيذ العملية من ازمة شخصية أو عائلية – قريب قُتل في عملية أو في صراع عائلي. واحيانا تنفذ العملية كنوع من التقليد لعملية سابقة أو انتقام على خلفية الاهانة – حيث يُهان المنفذ أو أحد اقاربه أو معارفه، أو على خلفية احداث تعتبر اهانة قومية أو دينية (مثلا التعدي على الاقصى). هذه المسببات هي بمثابة الصاعق، لكن المتفجرات تتكون من الكراهية العميقة لاسرائيل، والاحباط الشخصي والاجتماعي، واليأس على خلفية قومية واقتصادية، أو ازمة الجيل (تراجع سلطة الابوين بشكل عام وسلطة الأب بشكل خاص). كل ذلك يتحول في لحظة معينة وبتأثير من التحريض الموجه والمتواصل الى خطوة تعتبر بالنسبة للمجتمع الفلسطيني والعربي والاسلامي أمراً يستحق التقدير وهو بطولي، صفة وطنية أو دينية. في اغلبية الحالات لا يأتي الامر في لحظة انفعالية وهستيرية، بل هو قرار شخصي أو جماعي يتبلور مع الوقت. في كثير من الحالات، قرار تنفيذ العملية يكون نتيجة لحساب الفائدة والثمن بشكل شخصي. وفي حالات اخرى يكون الامر استجابة لغريزة المغامرة المغلفة بالبطولة والوطنية. منفذو العمليات لا يختلفون عن شبان مسلمين في دول الغرب أصبحوا راديكاليين وقرروا الانضمام الى مجموعات محاربة اجنبية في مناطق يدور فيها صراع أو تنفيذ عمليات مبادرة ذاتية محلية في بلادهم (مثل مهدي نموش الذي نفذ عملية اطلاق النار في المتحف اليهودي في بروكسل في 2014، محمد مراح الذي نفذ العملية في المدرسة اليهودية في طولوز في 2012، الزوجين سيد فاروق وتاشفين مالك اللذين نفذا في 2015 العملية في سان برناردينو في كاليفورنيا، الاخوين كواشي اللذين نفذا العملية في صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس في 2015 وغيرهم). هذه الظاهرة التي تسمى في اوروبا وفي الدول الغربية "ارهابا داخليا" هي دمج بين عمليات المبادرة الذاتية والمحلية وبالهام من "داعش". يدور الحديث عن موجة متزايدة تهدد الآن دول العالم. موجة العمليات في اسرائيل لا تختلف في جوهرها عن التوجه العالمي، رغم أن الكثافة أكبر، والدوافع مختلفة – دوافع قومية فلسطينية "متطرفة". ما العمل؟ مواجهة موجة "الارهاب" الحالية تحتاج الى خطوات مانعة لتجفيف الارض التي ينمو فيها "التطرف" والعنف و"الارهاب"، خطوات مانعة تهدف الى افشال عمليات "الارهاب" قبل حدوثها. وخطوات عملية تهدف الى انهاء العمليات بسرعة وتقليص الأضرار. المنع – موجة "الارهاب" الحالية هي نتيجة التحريض المتواصل من قبل المنظمات "الارهابية" الفلسطينية، ومن قبل جهات في السلطة الفلسطينية وجهات خارج الساحة الفلسطينية. الجمود السياسي هو وسادة مريحة لزيادة الشعور بغياب المخرج واليأس القومي الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني. كل ذلك يؤدي الى التنفيس عن مشاعر الكراهية والانتقام من خلال العمليات. يمكن لإسرائيل التأثير في هذه العمليات من خلال خلق أفق سياسي وأمل واصلاحات اقتصادية وإقامة أطر التعاون مع جهات مختلفة في المجتمع وفي السلطة الفلسطينية. لا تستطيع اسرائيل فعليا وقف التحريض الذي تقوم به منظمات "الارهاب" أو السلطة نفسها. اسرائيل بحاجة الى شركاء فلسطينيين يعملون داخل المجتمع الفلسطيني انطلاقا من القناعة الذاتية وليس بشكل الزامي. عندما تتحول موجة "الارهاب" الى موجة "معدية"، لا يمكن وقف "الارهاب" عن طريق منع التحريض الممأسس. مطلوب هنا عمل مكثف من قبل المؤثرين على الرأي العام في الساحة الفلسطينية لحرف مسار ورسائل التحريض "الارهابية". نوع من التحريض المعاكس والمخطط له. في شبكة العلاقات السيئة بين القيادة الاسرائيلية والفلسطينية لا يمكن حدوث شيء كهذا. لا توجد لدى حكومة اسرائيل أذن صاغية لخطوات المنع المطلوبة من اجل تجفيف الارض الخصبة لـ"الارهاب" الفلسطيني. وايضا الجمهور في اسرائيل لا يوافق على اصلاحات اقتصادية أو سياسية تجاه الفلسطينيين، في الوقت الذي تحدث فيه العمليات يوميا ضد اسرائيل. في الطرف الفلسطيني، ازمة قيادة أبو مازن وغياب وريث أو قادة بديلين معتدلين لهم قوة سياسية وشرعية جماهيرية، يُصعب تطبيق الخطوات المطلوبة لإنهاء موجة العمليات الحالية. وحتى لو فهم متخذو القرارات الفلسطينيون أن هذه العمليات لا تفيد، وأن ضررها على المجتمع الفلسطيني والمصلحة القومية أكبر من فائدتها، فانهم لن يغامروا بنقل الرسالة المطلوبة الى ابناء شعبهم. الاحباط – في ظل غياب خطوات المنع لم يبق لاسرائيل سوى الاحباط. ولكن في الوقت الذي استطاعت فيه الاجهزة الامنية وعلى رأسها "الشاباك" إثبات نجاعتها في احباط عمليات "الارهاب" المنظمة، فانها تقف حائرة أمام موجة العمليات الحالية. المعلومات الدقيقة كانت دائما عاملا اساسيا في قدرة اسرائيل على احباط العمليات "الارهابية". ونجحت "قوات الأمن" في احباط العمليات من خلال اختراق منظمات "الارهاب" واستخدام مصادر بشرية أو اعلامية. في عمليات المبادرة الذاتية أو المحلية فان هذه الادوات لا تصلح. لا يوجد شركاء في عملية التخطيط، وقدرة الاجهزة الاستخبارية على التحذير من العملية محدودة جدا. ورغم ما قيل، إلا أنه يمكن الاعتماد على المعلومات العلنية. جزء كبير من منفذي العمليات الشبان تحدثوا عن ذلك في الشبكات الاجتماعية قبل ساعات أو أيام من تنفيذ عمليتهم. فادي علون مثلا (15 سنة) الذي نفذ عملية الطعن في القدس في تشرين الاول 2015، كتب في الفيسبوك: "بسم الله، قررت اليوم تنفيذ عملية استشهادية والانتصار في سبيل الله". شروق دويات (18 سنة) التي نفذت عملية في القدس كتبت لأمها: "لا تبكي عليّ بعد أن أكون شهيدة". لذلك فان تطوير تكنولوجيا متقدمة لتصنيف المعلومات وتطوير نظرية حرب جديدة تُمكن من استخدام المعلومات العلنية سريعا لاعتقال مشبوهين قبل تنفيذ العمليات، قد يشكل اجابة على موضوع الاحباط. جهود اسرائيل للاحباط من خلال الردع (هدم البيوت وطرد العائلات وعدم اعطاء تصاريح العمل وما أشبه) قد تكون فعالة احيانا في تحقيق الهدف المرجو. ولكن في احيان اخرى قد تساعد على تعزيز الاجواء المؤيدة للعمليات. كان في استطاعة اسرائيل تحسين وسائل الاحباط لو أنها وجدت طريقة لتجنيد الدوائر القريبة من منفذ العملية المحتمل – الوالدين، أبناء العائلة أو الاصدقاء من اجل الكشف المبكر والتحييد. لكن يبدو أن الطريق لتحقيق هذا الهدف تتطلب استخدام الجزر وليس فقط العصي. خطوات عملية – لقد اتخذت اسرائيل خطوات عملية كثيرة لتقليص اضرار العمليات، بدءاً بتسهيلات حمل السلاح ومرورا بزيادة انتشار الشرطة في المناطق الحساسة وفرض قيود على حركة وعمل الفلسطينيين في اسرائيل، وانتهاء بتشديد العقوبات ضد من يشغلون المتواجدين غير القانونيين. يبدو أن نجاح هذه الخطوات كان محدوداً، وهي لم تؤد الى انهاء أو تقليص موجة العمليات. تستطيع اسرائيل اتخاذ خطوات عملية فعالة اخرى، احداها اعادة تفعيل الحرس المدني كوسيلة لمحاربة "الارهاب" كما في السبعينيات. حيث يتم تجنيد مواطنين ليقوموا باجراء جولات مسلحة في الاحياء السكنية، شيء يشبه العمل الشرطي، لكن من قبل متطوعين يتم تدريبهم لهذا الامر. يمكن القول إن خطوة كهذه لن تؤدي الى انهاء موجة "الارهاب" الحالية، لكنها قد تكون إجابة فعالة على عمليات المبادرة الذاتية والمحلية. وتزيد من الردع وتسمح بالتدخل السريع والمهني عند الحاجة، الامر الذي سيزيد الشعور بالأمن ويقلص الخوف في اوساط الجمهور.

عن "معاريف"