عامان مرَّا على قرار وزارة الصحة والسكان في الجزائر إلزام الصيدليات بنظام المناوبة الليلية والمناوبة أيام العطلات من أجل خدمة المرضى فترة أطول.
القرار الذي صدر عام 2014 ونصّ على الإلزام بالعمل أيام الجمع والعطل من الساعة 8 صباحاً إلى 7 مساءً، وأثناء الليل من 7 مساءً إلى 8 صباحاً، لم يجد تنفيذاً على أرض الواقع، كونه لم يضع تدابير لحماية الصيادلة والعاملين معهم خلال المساء ومنتصف الليل.
أحد المواطنين، وهو مختار حلايجية (40 عاماً)، من حي القصبة العتيق بمدينة الجزائر، كان يهمّ بالدخول إلى الصيدلية وبيده روشتة، فسألته "هافينغتون بوست عربي" عن سبب قطع كل تلك المسافة (من القصبة حتى ساحة أول ماي)، فكانت الإجابة: "مرغم، لم أجد الصيدليات الواقعة بالحي أو بالأحياء المجاورة مفتوحة".
ويعتبر مختار نفسه محظوظاً كونه يملك سيارة، ويستطيع التنقل لأي مكان في العاصمة ليلاً، قبل أن يتساءل: "كيف لعائلة لا تملك سيارة وتقع في هذا الموقف؟ بالتأكيد سيكون مريضها في حالة أكثر حرجاً".
ويضيف: "ابنتي تعاني من سعالٍ حاد، وتم فحصها في المركز الصحي القريب منا، وأشار الطبيب إلى أخذ العلاج بداية من الليلة، وبالتالي كان لزاماً عليّ المجيء إلى هذه الصيدلية من أجل أخذ الدواء في هذا الوقت".
هكذا تكون العاصمة ليلاً، قد تسير عشرات الكيلومترات لتجد صيدليةً واحدة لا تزال تعمل. القرار كذلك لم يراعِ عمل السيدات في الصيدليات، إذ - وبحسب ما يقول فيصل عابد عضو في المجلس الوطني لنقابة الصيادلة الخواص - في تصريح لـ"هافينيغتون بوست عربي"، فإن 60% من العاملين هم من السيدات، وبالتالي يصعب عليهن العمل في المناوبات الليلية، خاصة أن طالبي الأدوية المحظورة وحبوب الهلوسة ينشطون في فترات الليل.
ما حال المناطق المعزولة؟
يقطع المواطنون الذين يسكنون الأحياء والمناطق النائية أكثر من 40 كلم لشراء الأدوية من الصيدليات، يقول سليم قاوة الذي يعمل بالصيدلية الوحيدة الموجودة بين ولايتي بجاية وسطيف شرق العاصمة، إن الإقبال عليهم يكون من مناطق بعيدة بسبب انعدام صيدليات تعمل ليلاً، ويضيف: "أحياناً نعمل في الليل وكأننا بالنهار بسبب الإقبال الكبير".الأوضاع بين سطيف وبجاية تتكرر في كل بقاع الجزائر، وربما بصور أكثر قسوة.
المسؤولية تتحملها مديريات الصحة
يؤكد فيصل عابد أن النقابة جاهدت من أجل قانون ينظم عمل الصيدليات، بما فيها المناوبة الليلية. ولكن بحسب المتحدث: "تعنت مسؤولي الصحة حال دون تطبيق القانون وبالتالي استمرار الفوضى ومعاناة المرضى".
ويؤكد عابد رفض مديري الصحة العمل بالتنسيق من النقابة، وبالتالي الصيادلة الخواص لتنظيم سوق العمل، ومحاولة الكثيرين منهم الحفاظ على نسق العمل القديم الممتد إلى ما قبل إصدار القوانين الخاصة بالمجال.
وعن تمرد بعض الصيادلة يضيف فيصل عابد: "الصيدلي تحكمه القوانين، ويعمل وفق برنامج تقرره الحكومة ومجلس أخلاقيات المهنة، لكن الصيدلي عندما يجد نفسه بعيداً عن الأطر التنظيمية لمديريات الصحة يصبح في تعداد المغردين خارج السرب".
لذا طالب المتحدث من مديري الصحة عبر الولايات بتنسيق العمل مع النقابة، وتحديد قوائم الصيدليات المناوبة ليلاً، مضيفاً: "لأن تنظيم العمل يجعل من عملية المراقبة وتسليط العقوبات أمراً سهلاً".