فلسطين تحتل إسرائيل!

thumbgen (19)
حجم الخط
 

أجرى مركز دراسات أمريكى استطلاعاً فى 4 دول.. الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والمكسيك.. حول فلسطين وإسرائيل. كان السؤال: هل تحتل إسرائيل فلسطين.. أم أن فلسطين هى التى تحتل إسرائيل؟

أجاب أغلب المشاركين فى بريطانيا وكندا والمكسيك: إسرائيل تحتل فلسطين.. لكن أغلب المشاركين فى الولايات المتحدة قالوا: إن فلسطين تحتل إسرائيل!

(1)

إن ضعف الثقافة السياسية هو أمرٌ معروف لدى قطاعات واسعة من الرأى العام الأمريكى.. ومن قبل كانت بعض الاستطلاعات فكاهيّة.. حين سُئل البعض عن اسم وزير الخارجية.. فأجابوا بأنه نوعٌ من الجِبنة.. وعن اسم وزير الخزانة.. نوعٌ من الفاكهة!

ولم تعدُ تلك الإجابات تثير الضحك.. بعد أن تعدّدت وتكرّرت.. وصارتْ إجابات طبيعية!

ويصيب زائرى الولايات المتحدة الذهول من حجم عدم المعرفة الأمريكية بالعالم.. ومن عدم معرفة الأمريكيين بالولايات الأمريكية ذاتها.. وحين يسأل أحدهم زائراً.. من أين أنت؟ ويجيب الزائر بأنه من هذه الدولة فى آسيا أو أفريقيا.. فيكون التعليق: هل هذه إلى جوار المكسيك؟!

(2)

لكن الأمر فى هذا الاستطلاع لا يُعد جزءاً من هذا السياق.. ذلك أن السياق السابق هو سياقُ عدم المعرفة.. وعدم الاهتمام.. وربما يكون ذلك عنوان نفس مفهوم: إننا فى أمريكا لا نحتاج أن نعرف العالم.. العالم هو الذى يحتاج إلى أن يعرفنا.

السياق هنا هو المعرفة الخطأ.. وقلب الحقائق.. والإدراك غير السليم.. والوعى الزائف.. هو كل ذلك معاً. أن يقول أغلب المشاركين الأمريكيين فى استطلاع أمريكى: إن فلسطين هى التى تحتل إسرائيل، وكان لديه خيار واضح آخر.. إن إسرائيل تحتل فلسطين.. فهذا معناه.. أن الجماعات الصهيونية قد نجحت فى فرض «العلم الزائف» فى المجتمع.. وأنها لم تنجح فحسب فى التغطية على جرائم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.. بل إنها نجحت فى خلق شعور بأن فلسطين هى التى تحتل إسرائيل.. وأن الفلسطينيين هم قوة احتلالٍ لإسرائيل!

(3)

إن جانباً من خسارتنا للقضية الفلسطينية عالمياً فى اللحظة الراهنة.. يعود إلى الجهود غير الأخلاقية للجماعات الصهيونية التى عملت دون انقطاع لتزييف حقائق الصراع أمام العالم. ولكن جانباً آخر منه يعود إلى العالم العربى.. الذى بدأت تسقط عواصِمهُ واحدةً تلو الأخرى.. بعد أن سقطت القدس.. وأصبح العرب فى حاجة إلى تحرير أكثر من بلد عربى بعد أن كان هدف التحرير حصرياً فى فلسطين.

لقد توازتْ جهود الحركة الإسلامية المتطرفة مع جهود الحركة الصهيونية.. ونجح التحالف الآثم بين الفريقين فى أن يضيف إلى المحنة الفلسطينية محناً أخرى.. وأن يدفع بترتيب القضية الفلسطينية إلى الوراء.

إن الدماء التى أُريقت بفعل التطرف الدينى.. وأوهام المتطرفين التوسعيّة.. قد قادت فى النهاية إلى هزيمةٍ بلا حرب. ولقد كان طبيعياً.. وإسرائيل ترى هزيمة العرب للعرب، وهزيمة المسلمين للمسلمين.. أن تستغل الحقبة الداعشية فى ترسيخ الصهيونية.. وأن يدرك العالم أن الحقيقة الجديدة هى: فلسطين تحتل إسرائيل!

حفظ الله الجيش..حفظ الله مصر.

عن الوطن المصرية