بقلم: يوسي فيرتر
إذا استخدمنا التعبير المأخوذ من التعبيرات القتالية المحببة لنفتالي بينيت، يكون ما فعله، أول من أمس، لرئيس الحكومة هو بمثابة اطلاق رصاصة (سياسية) بين عينيه. رغم عدم الراحة المقرونة بهذه الاجواء في الظروف الحالية، لا توجد طريقة اخرى لوصف العداء بينهما في جلسة الحكومة. ف
ي الوقت الذي يضرب فيه ليبرمان نتنياهو بصلف ودون توقف من خارج الائتلاف في قضية الجندي الذي قتل «المخرب» المحيد، فان بينيت يضربه ببشاعة ودون رحمة داخل المدرعة. الاثنان لاحظا فرصة الانفصال عن نتنياهو الذي بالغ منذ الانتخابات الأخيرة في الذهاب نحو اليمين لدرجة لم تترك لهما مكاناً تحت البطانية.
الصراع في غرفة جلسات الحكومة كان حلقة اخرى في الصراع البنيوي بين قادة «الليكود» و»البيت اليهودي» على اصوات ناخبي اليمين، حيث إنه قبل سنة وعشرة ايام فقط انتهت الانتخابات بفوز الاول وهزيمة الثاني، وسيكون هناك عداء آخر، وارتفاع اللهب سيكون حسب قوة الشائعات المتزايدة حول نية نتنياهو ضم «المعسكر الصهيوني» الى الحكومة في عطلة الربيع القريبة. يجدر القول إن وزير التربية والتعليم ورئيس «البيت اليهودي» وصل الى الصدام مع نتنياهو بأيد نظيفة: لقد قام بضربه أكثر من مرة خلال السنة من اليسار، وخرج ضده بسبب قول «العرب يتدفقون بأعداد كبيرة على الصناديق»، وسارع ليقول قبل نتنياهو إن العملية في دوما هي فعل يهودي. وقد دافع بينيت ايضا عن رئيس الاركان، غادي آيزنكوت، بعد «خطاب المقص» أمام صمت رئيس الحكومة.
زعم بينيت هو في المساق الرسمي: كان محظوراً على رؤساء الدولة، رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، الخروج فورا بعد نشر الفيلم في وسائل الاعلام والقول إن العمل خطير، وإن اطلاق النار تم خلافا لأوامر الجيش وقيمه. لقد حسموا بذلك مصير الجندي، ولم يعد من الضروري التحقيق في الامر.
من الناحية الرسمية بينيت على حق. ومن الناحية الفعلية من الواضح أنه ليس على حق. الكثيرون في العالم على قناعة أن الاسرائيليين يقومون باعدام منفذي العمليات وهم لا يشكلون أي خطر، حيث يظهر في الفيلم الاعدام بشكل واضح. سفير اسرائيل السابق في الولايات المتحدة، عضو الكنيست مايكل اورن (من «كُلنا») قال، أول من أمس، إنه بالنسبة للفلسطينيين فان حادثة الخليل هي العملية الاكثر نجاحا في الاشهر الثمانية الاخيرة بسبب البُعد السياسي التدميري الذي تنطوي عليه بالنسبة لاسرائيل. كان يفترض بنتنياهو ويعلون الخروج بالرسالة الواضحة.
فهذا واجبهم الاول والاعلى كسياسيين. وصمتهم كان سيفسر في العالم على أنه عدم استنكار أو حتى الموافقة على العمل البربري. وكما يحدث احيانا فان نتنياهو أصيب بالذعر عندما تبين له أن معقله الذي هو اليمين يؤيد الجندي ويعتبره بطلا اسرائيليا، ترومبلدور حديث. أو حسب زعم والدته، توأم قائد وحدة الاركان بوغي يعلون الذي قتل بيديه أبا «المخربين»، أبو جهاد، في تونس في 1988 وتأكد من أنه قُتل. لم يكن باستطاعة نتنياهو الخروج منتصرا. الموضوع تحول الى موضوع عاطفي وغير قانوني أو اخلاقي وبالتأكيد غير رسمي. لقد فهم ذلك منذ يوم الخميس.
فبعد أن قال إن اطلاق النار نفذ خلافا لأوامر الجيش، سارع الى الكتابة ضد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الذي اتخذ مجددا قرار ضد اسرائيل، وبذلك حاول اصلاح «الضرر» الذي تسبب به الاعلان في وسائل الاعلام. ينتشر في الجيش الاسرائيلي في السنوات الاخيرة مفهوم «الرباط الاستراتيجي»، وهو موجه للجندي العادي الذي أطلق النار بشكل غير مبرر مثلا، وهذا يزرع الفوضى، ومن شأنه جر المنطقة كلها الى هاوية العنف. في الحادثة التي أمامنا يبدو أن الاسوأ من كل شيء في «المناطق» ما زال أمامنا. في الوقت الحالي نجح الجندي الذي أطلق النار في الخليل في جر الحكومة في اسرائيل الى فوضى سياسية وتسبب بمعركة رفعت نسبة الدم السيئة إلى درجة جديدة. عن «هآرتس»