قــــرار المحكــمـــة "العلـيـا" بشــأن صفـقـة الـغـاز.. ضــربــة للاقتـصــاد الإسرائيلـي

b778d62fedee13035c9d1e005c2431c6
حجم الخط

هناك من فرحوا. بل هناك من يحتفلون. لكنني حزنت لقرار محكمة العدل العليا. لأن نتيجته خطيرة: اصابة شديدة للاقتصاد الاسرائيلي وللتصدير والنمو، في اعقاب الغاء صيغة الغاز. ومن يعرف كم سيمر من الوقت من اجل اصلاح بند الاستقرار، هذا اذا حدث. يدور الحديث عن قرار خاطئ لمحكمة العدل العليا التي تدخلت في موضوع اقتصادي واضح ويوجد تحت صلاحية ومسؤولية الحكومة. اغلبية القضاة (4 من 5) قالوا إن الحكومة لا تملك الصلاحية، لذلك هي لا تضمن عدم حدوث تغيير في الصيغة خلال السنوات العشر القادمة. هذه نظرة خاطئة. فالحديث يدور عن مفاوضات مع شركات الغاز. ونتيجة هذا التنازل حققت الحكومة انجازات اخرى، مثلما يحدث في المفاوضات التي لا تقتصر فقط على التنازلات. لو كان القضاة الخمسة يعتقدون أن الحكومة لا تملك الصلاحية للتنازل عن جزء من قوتها، لكنا قلنا إن هذا جيد. لكن كان هناك قاض هو نوعام سولبرغ، اختلف مع موقف الاغلبية. واحيانا تكون الاغلبية على حق. سولبرغ وافق على الادعاء بأن بند الاستقرار يقيد قوة الحكومة وأنه استثنائي، لكنه كتب بأن الحكومة يمكنها رغم ذلك التحرر منه اذا أرادت. وأضاف أن الحديث يدور عن جزء من «صفقة شاملة» نتاج مفاوضات طويلة ومعقدة أجرتها الدولة مع شركات الغاز «واستثمارات من هذا النوع، تعهد لمدة عشر سنوات، هي أمر معقول». استنتاجه حاد وحاسم: «الحكومة تملك الصلاحية حسب القانون بأن تضع صيغة الغاز كما فعلت، وموضوع الاستقرار يمكنه الصمود». ويقول عن اصدقائه الذين أرادوا اعطاء الحكومة مرونة أكثر، أنهم سيتسببون بنتائج عكسية لأن «بند الاستقرار الراسخ في قرار حكومة أكثر مرونة، يصادق على رسوخها في التشريع». أي أن اصدقاءه قاموا بفعل العكس: ارادوا المديح فقاموا بالشتم. في دولة طبيعية لم يكن هذا ليحدث. يكفي أن تتخذ الحكومة قرار حول الصيغة ليفهم الجميع أن هذا ما سيكون دون حدوث أي تغيير مع الوقت. إلا أننا لسنا دولة طبيعية. لدينا كل خطة هي أساس للتغيير ولا توجد مثل قصة الغاز للبرهنة على ذلك. في البدء جاءت لجنة شوشانسكي، التي طرحت بشكل قاطع وبأثر رجعي، فرض الضرائب على الغاز من 25 في المئة الى 60 في المئة. وبعد ذلك كانت لجنة تسيمح التي حددت التصدير بنسبة 50 في المئة من الانتاج. وقامت الحكومة بعد سنة ونصف بزيادة القيود لتصبح النسبة 40 في المئة فقط. وفي السياق كان هناك «أمر متفق عليه» مع شركات الغاز والذي لم ينفذ. عندها جاءت صيغة الغاز التي اضطرت «ديلك» الى بيع نصيبها. واضطرت «ديلك» و»نوبل إنيرجي» الى بيع القرش – التمساح كله. كل هذا التغيير، بغض النظر عن أهميته، ضعضع ثقة اصحاب المستودعات وثقة البنوك التي يفترض أن تمول الحفر بملايين الدولارات. ومن هنا جاء طلبهم لبند الاستقرار. إن هذا منطقي حسب رأي من يستثمر ملايين الدولارات في دولة تغير قراراتها في كل لحظة – هذا الامر لم يرغب القضاة الاربعة في فهمه. يوجد ثمن اقتصادي كبير لقرارهم. خطة تطوير مستودع «لفيتان» ستدخل في جمود عميق وبوادر علاقتنا مع تركيا وقبرص واليونان ستتضرر. الاردن، الذي انتظر حتى الآن، سيشتري الغاز من قطر. شركات الغاز الدولية ستستمر في البحث عن الغاز أمام شواطئ لبنان وقبرص، لكن ليس أمام شواطئنا. الايرانيون سيفتحون مستودعات الغاز ويبيعون العالم كله ونحن سنشاهد ذلك. وستكون النتيجة تراجع الاستثمارات وتضرر النمو. وبدل الحصول على عشرات مليارات الشواقل لخزينة الدولة التي كان يمكن استخدامها لاهداف مثل التعليم والصحة والرفاه والبنى التحتية، بدل ذلك سنقوم بدفع تعويضات تبلغ المليارات لشركات الغاز. من سيكون متهما بالبطء الذي سينشأ؟ بالطبع الحكومة وليس محكمة العدل العليا.

عن «هآرتس»