حتى هذه اللحظة لا يعلم أحد إلى أين يمكن أن تصل قضية آرييه درعي الجديدة، لكن من الواضح للجميع أنه إذا بدأت القضية تتعقد، ولم يغلق الملف بسرعة، فإن الانعكاسات السياسية ستكون بعيدة المدى. درعي ليس سياسياً عادياً، فهو زعيم حركة يمتلك قوة كبيرة، تقريباً وحده، وإذا اضطر إلى مغادرة الحلبة السياسية ولو بصورة مؤقتة، فإنه سيجر معه إلى الخارج حزباً كاملاً وسيؤدي ذلك إلى هزة ائتلافية خطيرة. درعي في 2016 هو وزير داخلية كامل الصلاحية، على الأقل حتى قرار محكمة العدل العليا بشأنه. وهو أيضاً وزير المناطق الواقعة في الأطراف، والنقب والجليل، وفعلياً وزير الأديان إذا اخذنا في الاعتبار أن الوزير الحالي، ديفيد أزولاي، يفعل ما يقرره درعي. وهو الزعيم الوحيد في "شاس"، في الخارج وفي الداخل أيضاً. عندما كان الحاخام عوفاديا يوسف على قيد الحياة، كانت سيطرة درعي على مجلس الحاخامين محدودة، أما اليوم فقد أصبحت مطلقة. وفي كتلة "شاس" في الكنيست هو يفعل ما يشاء. عندما عاد درعي إلى شاس، كان لهذا الحزب ثلاثة زعماء: درعي وإيلي يشاي وأريئيل أتياس، أما اليوم فدرعي هو الذي يدير الشؤون كما يجب. درعي حجر أساس في الائتلاف الحالي. وإذا تعقد التحقيق واضطر درعي إلى أخذ إجازة قسرية أو تعليق مهمته أو الاستقالة من الحياة السياسية، فإنه سيجر معه "شاس" إلى خارج الائتلاف الحكومي. كيف نعرف ذلك؟ لقد سبق أن شاهدنا ذلك في الماضي. في آب 1993 قدم المستشار القانوني للحكومة آنذاك كتاب اتهام ضد آرييه درعي بتهمة حصوله على رشوة وبتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة. وقررت محكمة العدل العليا أنه يتعين على الحكومة إقالته. استبق درعي الأمر وقدم استقالته من الحكومة ومن "شاس" في آن. وتحولت حكومة يتسحاق رابين إلى حكومة أقلية. المعايير اليوم أصعب بكثير وليست هناك ضرورة إلى كتاب اتهام لإخراجه من إطار الحكم، فحساسية الجمهور شديدة وسقف التساهل منخفض. نائبة الوزير، فانيا كيرشنباوم، مثلاً، حققت معها الشرطة، والمستشار القانوني السابق، يهودا فاينشتاين، منعها من دخول وزارة الداخلية. ومن المعقول افتراض أن هذا ما سيجري هذه المرة إذا تحول درعي من شخص يجري التحقيق معه إلى مشتبه به جنائياً. ويجب أن نتذكر فقط أن التحقيق السابق مع درعي تحول إلى حملة انتخابية نال في نهايتها "شاس" 17 مقعداً في انتخابات 1999 في أعقاب الإدعاء بأن درعي بريء وأن الأجهزة تتآمر ضده لوقف الثورة السفاردية. كلمة أخيرة عن إيلي يشاي، زعيم "شاس" السابق. في الأيام الأخيرة حاول المقربون من يشاي تقريبه مجدداً إلى "شاس". إنه "مستعد للانضمام والمساعدة إذا دعت الحاجة"، هذه هي الرسالة التي بعث بها يشاي إلى مجلس الحاخامين، والقصد واضح. لقد غادر يشاي "شاس" بعد أن فهم أن درعي لن يسمح له بأن يتنفس، وحاول خوض الانتخابات على رأس قائمة "ياحد" التي عملت ضد "شاس" أيضاً، لكنه لم ينجح في تجاوز نسبة الحسم. من ناحية أخرى لدى يشاي مواقع في "شاس"، وتعتبر أغلبية أعضاء الكتلة في الكنيست من المقربين منه، وربما يسرهم أن يروه في رئاسة القائمة بدلاً من درعي. لكننا نستبق الأمور. وكي يحدث هذا يجب أن يخرج درعي من الصورة، وحينها فإن الكثيرين، وعلى رأسهم درعي، سيضعون العراقيل على طريق عودة يشاي إلى "شاس". وفي جميع الأحوال، يأمل المجتمع الإسرائيلي أن تكون الشكوك ضد درعي غير صحيحة. الفساد الحكومي يجب أن يزول، ويجب على الشخص الذي ارتكب جنحة ونال عقوبته وحظي مجدداً بثقة الجمهور ألا يفشل من جديد كي لا نهبط درجة أخلاقية جديدة في الطريق نحو الهاوية.
عن موقع "nrg" العبري