بدأته "العربية".. ماذا يخبئ انسحاب الإعلام الخليجي من لبنان؟

aa_4__400x400
حجم الخط

جاء قرار قناة العربية السعودية إغلاق مكاتبها في لبنان، منذراً ببدء انسحاب مؤسسات إعلامية لها حضور كبير على الساحة الإعلامية العربية من البلاد الأولى تاريخياً بالنشاط الصحفي والمرئي والمسموع عربياً، بعد أن دخلت أزمة غير مسبوقة مع البلدان العربية، وبخاصة الخليجية، والحجة أمنية مرتبطة بشكل أو بآخر بـ "حزب الله" الذي يتهم بالتحكم بمقدرات لبنان أمنياً وسياسياً.

فقد أعلنت "العربية" في بيان نشرته على موقعها في 1 أبريل/نيسان، أن الإدارة أبلغت موظفيها في العاصمة بيروت بقرار إغلاق مكاتب قناتيها "العربية" و"العربية الحدث"، لـ "دواعٍ أمنية"، مؤكدة أنها "تستمر بتغطية الشأن اللبناني ومتابعته الحثيثة على كافة الصعد والمستويات، مستعينة بنخبة من الخبراء والمتعاقدين، وبإمكانات مزودي الخدمات على تنوعهم واختلافهم".

وقال البيان: "نظراً للظروف الصعبة والتحديات الموجِبَة على الأرض، وحرصاً من القناة على سلامة موظفيها وموظفي مزوّدي الخدمات المتعاقدين معها في كل زمان ومكان، تقرر إجراء عملية إعادة هيكلة نشاط القناة في لبنان، وهو ما أسفر عملياً عن إقفال المكتب المتعاون في بيروت".

وقد تنذر خطوة "العربية" بالانسحاب من لبنان، بدفع مؤسسات أخرى مدعومة خليجياً على اتخاذ الخطوة نفسها؛ لما قد يهدد صحفييها ومكاتبها في حال رفع لهجة الخطاب ضد الحزب الذي صنف "إرهابياً" بمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.

الانسحاب تمهيداً للتصعيد ضد "حزب الله"

بعد عدة إجراءات خليجية ضد الحزب، منها إعلامية، يتوقع أن تدخل "العربية" ومن سيحذو حذوها، في هجمة "تسقيط" للحزب الذي تتهمه الدول الخليجية والعربية بأنه أبرز أذرع إيران في المنطقة، إضافة لتدخلاته في سوريا والعراق واليمن ودول خليجية نسبت إليه العديد من العمليات "التخريبية".

وتأتي خطوة "العربية" بعد أكثر من شهر من عرضها الفيلم الوثائقي "حكاية حسن"، الذي قال متحدثون باسمها إنه يكشف جرائم الحزب وتدخلاته، وارتباطه بإيران، بينما وجهت انتقادات لاذعة للقناة واتهمت بأنه فيلم يروج بكل الأحوال للحزب.

وسارعت القناة حينها بنشر عدة مواد صحفية على موقعها الإلكتروني تصف الحزب بأوصاف هجومية تخالف ما اتهمت به، تقول في إحداها: "يعمل أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، على جعل لبنان العربي فارسياً. وعلى هذا الخط ارتكب مجازر ووجه الاتهامات للعرب والسنة"، وتختتم بالقول: "وفي هذا الاتجاه، يتهم نصر الله قادة العرب السنة بالسعي للصداقة مع إسرائيل، وهي اتهامات باطلة الهدف منها التخوين وشق الصفوف وبث الكراهية الطائفية".

القرار يضغط على "حزب الله"

وعلق الإعلامي اللبناني أيمن المصري على قرار القناة بالقول: إنه "يندرج ضمن التجاذب السياسي والإعلامي بين المملكة العربية السعودية وحزب الله، ويتوقع أن يشكل إقفال المكتب ضغطاً إعلامياً إضافياً ضد الحزب".

وأضاف، في حديث لـ "الخليج أونلاين"، أنه "يشاع في الوسط الإعلامي أن قراراً سعودياً جرى تعميمه بعدم مشاركة أيّ ضيف سعودي في المحطات الفضائية اللبنانية".

وأضح أنه "يمكن القول إن مفاعيل قرار إقفال مكتب العربية هي معنوية أكثر منها عملية، فالمراسلون سيستمرون في تغطياتهم وتقاريرهم الإخبارية، لكن بوتيرة أقل من السابق".

كما أكد أن "أوساطاً إعلامية في لبنان نفت علمها إذا كان ثمة خلفية أمنيّة لقرار الإقفال كما جاء في بيان القناة، حيث لم تسجل أيّ حادثة اعتداء أو إيذاء".

الإجماع العربي الخليجي على التصعيد

أشعلت الأزمة الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وإيران، حرباً إعلامية أخذت منحىً وضع الإعلام العربي بمعظمه في مواجهة مباشرة مع الآلة الإعلامية الإيرانية.

مطلع مارس/آذار الماضي، دعا وزير الثقافة والإعلام السعودي، عادل الطريفي، إلى الوقوف بحزم ضد الأبواق الإعلامية لحزب الله والوسائل الإعلامية المرتبطة به، لفضح مليشياته ومخططاته.

وأبان في كلمته خلال اجتماع وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي الـ 24 في الرياض، أن "الخطاب الإعلامي الحاقد للحزب الفارسي، واستمراره في تأجيج نار الطائفية، وتوسيع دائرة الفرقة والانقسام في المنطقة، والافتراءات والادعاءات التي يرددها ضد دول المجلس، تتطلب العمل على توحيد الجهود للوقوف صفاً واحداً لتعرية هذا الحزب ومن يقف وراءه".

ومما يرجح تكرار تحرك "العربية" مع قنوات عربية وخليجية أخرى، أنه مع تصاعد التحشيد الإعلام الإيراني ضد المملكة مؤخراً، لم يأت الرد السعودي منفرداً، فقد دان اتحاد إذاعات الدول العربية التصرفات والتصريحات الإيرانية التي وصفها بـ"غير المسؤولة" تجاه السعودية.

وأكد على لسان رئيسه محمد عبد المحسن العواش، أن "الاتحاد بوصفه اتحاداً مهنياً عربياً سيولي هذه القضية اهتماماً واسعاً لفضح الادعاءات الإيرانية أمام العالم، وبيان زيفها وكذب توجهها أمام الشعوب العربية والإسلامية".

وأعرب عن تضامن ووقوف الإعلام العربي إلى جانب الإعلام السعودي "في خندق واحد ضد الهجمة الإعلامية الإيرانية الشرسة، التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار المملكة ودول الخليج العربية والدول العربية بصفة عامة".

ولم يكن الأمر بهذا القدر فقط، حيث أجمع أعضاء الجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية التابع للجامعة العربية، في دورتها العادية الـ 35 التي انعقدت في التاسع من ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ على طرد واستبعاد المجموعة اللبنانية للإعلام "قناة المنار" و"إذاعة النور" من عضوية الاتحاد فوراً، معتبرة أنها بعيدة عن الذكاء الإعلامي تجاه المملكة العربية السعودية والدول الأعضاء العاملين.

الخليج وحزب الله

وصعدت دول الخليج إجراءاتها ضد "حزب الله" اللبناني، خاصة بعدما نجحت في تمرير قرار بالجامعة العربية يعتبره منظمة إرهابية، بعد عدة دلائل قديمة وحديثة تثبت تورطه في عمليات من شأنها زعزعة أمن الخليج ودول المنطقة.

وقبل قرار الجامعة العربية الذي صدر في 11 مارس/آذار، كانت دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت تصنيف "حزب الله" منظمة إرهابية في الثاني من الشهر نفسه، وهو ما تزامن مع صدور القرار ذاته من قبل مجلس وزراء الدّاخليّة العرب.

التصعيد الخليجي الذي يرفض أي مؤيد أو مناصر للحزب على أراضي دول مجلس التعاون، بدأ يأخذ منحىً أكثر حساسية من أي إشارة تأييد للحزب المدعوم من إيران، وبدأت الإجراءات تطبق على الأرض فعلياً في معظم دول الخليج باستبعاد العشرات من المؤيدين للحزب، وتحذير الرعايا الخليجيين بعدم السفر إلى لبنان، بعد تعرض أكثر من مواطن كويتي للقتل في البلاد وتهديدات مستمرة للسفير السعودي هناك.

"عن الخليج أون لاين"