قدّر تقرير جديد للبنك الدولي خسائر قطاع الهواتف المحمولة في الأرض الفلسطينية خلال الأعوام الثلاثة الماضية بأكثر من مليار دولار. كما بلغت خسائر المالية العامة للسلطة الوطنية في الفترة ذاتها 184 مليون دولار، وذلك باحتساب ضريبة القيمة المضافة فقط، التي لم تُحصّل والتي تشكل نحو 3% من إجمالي الناتج المحلي.
ويبرز التقرير الذي بعنوان "الفرصة المفقودة للتنمية الاقتصادية"، معاناة قطاع الاتصالات الفلسطيني من قيود عديدة، مكبّدا الاقتصاد والمستهلك والسلطة الفلسطينية خسائر باهظة. وقد تعطل القطاع بسبب سنوات من التأخير في مد شبكات النطاق العريض، وتواجد شركات إسرائيلية تعمل دون ترخيص في السوق الفلسطينية، والقيود المفروضة على استيراد المعدات، وغياب الجهات الرقابية المستقلة.
وقال مدير مكتب الضفة الغربية وقطاع غزة بالبنك الدولي ستين لاو يورجنسن، "لدى قطاع الاتصالات الفلسطيني القدرة على دعم الاقتصاد وخلق الوظائف، خاصة بعد أن بلغت نسبة البطالة 26 في المائة. لكي يحدث ذلك، ينبغي على الشركات الفلسطينية أن تتمكن من الحصول على نفس الموارد التي تحصل عليها جاراتها."
وأوضح البنك الدولي، أنه في أواخر 2015، تم التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لطرح الجيل الثالث من الهاتف المحمول في الضفة الغربية. ومع هذا، تظل شركات الهاتف الفلسطينية في وضع تنافسي سيء حيث تمتلك نظيراتها الإسرائيلية قدرات الجيلين الثالث والرابع، وتستطيع جذب العملاء الأعلى قيمة. وتستحوذ الشركات الإسرائيلية غير المرخصة على أكثر من 20 في المائة من حجم سوق الضفة الغربية.
وأضاف أن القيود الصارمة أثرت بدرجة كبيرة على تطوير الاتصالات الفلسطينية، ومن بينها القيود الإسرائيلية على استيراد المعدات التي تحتاج إليها شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وعدم قدرة هذه الشركات على العمل في أكثر من 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية (المنطقة ج)، ومطالبة إسرائيل للشركات الفلسطينية بأن يتم الحصول على الاتصالات الدولية من خلال شركة مسجلة في إسرائيل.
وتابع: وفي الوقت الذي تحكم فيه الممارسات الدولية المنافسة في هذا القطاع، لم تستطع شركة المحمول الفلسطينية الثانية "الوطنية"، أن تبدأ عملياتها في غزة بسبب القيود الإسرائيلية التي تحد من القدرة على الحصول على الترددات اللاسلكية واستيراد المواد اللازمة. ونتيجة لذلك، يظل هيكل سوق المحمول في غزة احتكاريا.
ورغم هذه القيود، فقد تبنت السلطات الفلسطينية نظام الترخيص الحر لمقدمي خدمات الإنترنت، وهناك أكثر من 20 شركة تقدم خدمات الإنترنت وتمتلك حق الاستثمار المباشر في البنية التحتية للنطاق العريض وتشغيله، ولم يعتمد هذا النهج إلا القليل من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأوضح أخصائي أول سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالبنك الدولي كارل روسوتو، أن "النهج الحر يمكن أن يؤدي إلى تحسين الحصول على خدمات الإنترنت بدرجة كبيرة، إذا تم تخفيف القيود الثنائية والتنظيمية القائمة حاليا. ويمكن أن يكون العائد الاقتصادي كبيرا إذا تم التغلب على العقبات التنظيمية."
وأشار التقرير إلى أنه لم يتم بعد إنشاء هيئة رقابية مستقلة وفقا لما جاء بالقانون الصادر عام 2009، وفي الوقت الحالي، تبقى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هي الجهة الرقابية الوحيدة المسؤولة عن التسعير والترخيص وأمور التشغيل. وقد اتخذت السلطة الفلسطينية خطوات نحو تحرير السوق، بيد أن هناك مخاوف كبيرة من نظام الهيمنة على السوق والمغالاة في الأسعار.