رغم آثارها الايجابيَّة، سواء على الفرد أو المجتمع، إلا أنَّ للتكنلوجيا الحديثة سلبياتها، التي تحدث ضرراً كبيراً على المدى البعيد وبخاصة على الأطفال من ناحية علاقتهم بوالديهم، إذ نجد كثيراً من الآباء والأمهات ينشغلون بهذه الأجهزة وينصرفون عن أطفالهم لأوقات طويلة. وفي دراسة مسحيَّة لقياس تنافس الأطفال مع شاشات الأجهزة الذكيَّة للحصول على الاهتمام من الوالدين، قامت بها شركة AVG للتكنولوجيا الأمنيَّة في عام 2015 على أطفال من أعمار 8 إلى 15 سنة، في ثماني دول مختلفة، كان من نتائجها أنَّ 54% من الأطفال يعتقدون أنَّ والديهم يتفقدون أجهزتهم بصورة متكرِّرة وكثيرة، و32% منهم شعروا بـ«قلة الأهميَّة» جراء تشتت انتباه الوالدين بسبب انشغالهم بأجهزتهم .
- يحتاج الأطفال، صِغارا كانوا أم كباراً، إلى التحدُّث مع والديهم بصورة مستمرة، فهذا يساعدهم على الطلاقة في الكلام، وتنمية مهارات التواصل لديهم، وتعلمهم كيفيَّة التحكم في مشاعرهم.
- نسبة تعلم الأطفال عن طريق التقليد والمحاكاة تفوق وتتجاوز الطرق الأخرى في التربية. لذا يجب على الوالدين الاهتمام بتقديم صورة جيِّدة للاقتداء بها، فمع تزايد استخدام الأطفال للأجهزة الذكيَّة في سنٍّ متقدِّمة بات من الضروري تقديم نماذج صحيَّة سليمة في كيفيَّة استخدامها بطريقة فعَّالة تضمن له الاستفادة المثلى وتعليمه أنَّ التعامل مع الأشخاص المحيطين به أكثر أهميَّة من الاستغراق في شاشات الجوالات.
- من خلال دراسة قامت بها المستشارة كاثرين شتاينر، من جامعة هارفرد، على ما يفوق الـ1000 شخص تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 18 سنة، وجد أنَّ الشكوى الرئيسيَّة تمثلت في الغضب والإحباط والحزن بسبب اضطرارهم للتنافس مع الأجهزة الذكيَّة أو شاشات الكومبيوتر أو أي تقنية تشابهها وذلك للحصول على الاهتمام من والديهم، وأنَّ تلك المشاعر تشابه ما تسمعه في استشاراتها من غيرة الأطفال حين قدوم مولود جديد، يحاول الأطفال لفت انتباه والديهم بأي وسيلة، حتى وإن كان ذلك بإساءة التصرُّف، هدفهم في ذلك الحصول على اهتمامهم .
- كما يذكر بعض الدِّراسات أن سبب إدمان الوالدين بالهواتف الذكيَّة يعود لكون الدماغ يتفاعل مع سماع نغمة الجوال ( (pingبصورة تجعله يفرز مادَّة «الدوبامين» فيشعر الفرد بالإثارة والسعادة، وأنَّ كل ما يفعله مهم ومُلُح، ولذا من الصعب على كثيرين ترك أجهزتهم ورعاية أطفالهم والتعامل معهم بحبٍّ وحنان وصبر.
وأخيرا تضيف سعدية أنَّه واجب على كل أُم وأب أن يضعا في الاعتبار:
- أنَّ لأطفالنا الأولويَّة في حياتنا، وإعطاؤهم القدر الكافي من الرعاية والعناية، التي تضمن لهم نمواً سليماً صحياً ونفسياً وعقلياً وجسدياً.
ـ وقد ذكر الدكتور مايكل رتش، مؤسس ومدير مركز عن وسائل التواصل وصحة الطفل بمستشفى بوسطن للأطفال، أنَّه علينا أن نتذكر أنَّ أغلى سلعة نملكها في هذه الحياة هي الوقت والاهتمام، وأنَّ هذه الهواتف الذكيَّة «الجوالات» سوف تسلبنا إياه ما لم نُدرك ذلك.