يجابه الاقتصاد التركي تحديات كبيرة مع تصاعد الأزمات في المنطقة، وتجدد العمليات العسكرية بينالجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، وسلسلة التفجيرات التي طالت عدة مدن تركية أبرزها أنقرة وإسطنبول.
وفي حين أجمعت تقارير وآراء محللين اقتصاديين على تضرر قطاع السياحة بالعمليات العسكرية والهجمات، لفتت أخرى إلى أن الاقتصاد التركي، ومجال الاستثمارات خاصة، ما يزال صامدا بسبب خطط الحكومة وعوامل خاصة بالسوق المحلية.
وطبقا لمعهد الإحصاء التركي، فقد شهد الاقتصاد المحلي العام الماضي نموا بنسبة 4%، ووصل معدل النمو بالربع الأخير منه إلى 5.7%.
لكن تقارير صحفية تشير إلى خسارة الاقتصاد نحو 12 مليار دولار من جملة عائدات السياحة التي تبلغ 28 مليارا. كما قالت تقارير أخرى إن عدد السياح تراجع عام 2015 بنسبة 1.34% مقارنة بـ 2014 بسبب التفجيرات والأزمة التركية الروسية، إذ يحتل الروس المرتبة الثانية بعد الألمان من حيث السياح الأكثر توافدا على تركيا.
غير أن جمعيات مختصة بالسياحة قالت إن السياح العرب عوضوا الروس، وكشف مسؤول وكالة غرب البحر الأبيض للتنمية عثمان أرول أن متوسط إنفاق السائح العربي الواحد يناهز أربعة آلاف دولار مقابل ثمانمئة دولار لنظيره الروسي.
تراجع وخطط
ووفق الخبير المالي التركي علي إنجي فإن 55 سائحا روسيا زاروا تركيا في فبراير/شباط الماضي مقابل 9500 بالشهر نفسه من العام الماضي، وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن 1500 فندق عرضت للبيع، وأن شركات سياحية فقدت رؤوس أموالها المتداولة، وباتت تعتمد مصادر خارجية.
من جهتها، أعلنت الحكومة خطة بديلة لإنعاش السياحة تقدم لها بموجبها 87 مليون دولار، كما ستحصل وكالات الأسفار على مبلغ ستة آلاف عن كل رحلة سياحية جوية تجلبها للبلاد، إضافة إلى تسهيلات لها فيما يخص القروض الكبيرة.
كما قدمت أنقرة برنامج "البطاقة التركوازية" للمستثمرين الأجانب، التي تمنح لهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها المواطنون، إذ تصبح بعد فترة محددة بمثابة الإقامة الدائمة لمن يملك المؤهلات اللازمة.
تأثير ضعيف
ويرى الاقتصادي التركي إردال كاراغول أن ''الخطط الناجحة التي طورتها الحكومة منذ سنوات واستقرار الاقتصاد الكلي هي الأسس المتينة التي ساهمت في صمود الاقتصاد أمام كل الضربات الخارجية والداخلية''.
واستبعد أن تكون بلاده قد خرجت من مجال المنافسة السياحية، كونها تتوفر على تنوع بالنشاط السياحي يتراوح بين السياحة العلاجية والدينية وغيرهما، إضافة إلى أسعارها المناسبة مقارنة بباقي الدول.
ووفق كاراغول فإن ''التسويق الجيد'' بالخارج لميزات السياحة التركية كفيل بإنعاش القطاع، وربما لن تكون هناك حاجة لتطبيق الخطة البديلة، على حد قوله.
ويشير مصطفى دوغان، وهو مستشار اقتصادي للمستثمرين الأجانب بتركيا، إلى أن صراع الدولة مع حزب العمال والتفجيرات لم تؤثر سلبا على مجال الاستثمار.
ويضيف أن المستثمرين "على علم بأنالصراع ليس وليد اليوم، إضافة إلى أن المناطق التي يجري فيها لا تدخل في مركز اهتمامهم".
أداء البورصة
وتابع دوغان -في تصريح للجزيرة نت- أن بورصة إسطنبول خالفت التوقعات وارتفعت عقب تفجيري أنقرة وإسطنبول، فقد أغلقت قبل تفجير أنقرة الأخير على مستوى 79380 نقطة لتفتح تعاملاتها بعد يوم على الانفجار بمستوى 80110 نقاط.
كما تكرر الأمر عقب تفجير إسطنبول الأخير، إذ أنهت البورصة تعاملاتها قبل التفجير بمستوى 82943 نقطة، ثم بدأت التداول باليوم الموالي بمستوى 83402. وهذه الأرقام وفق رأي دوغان ''تؤكد عدم اهتزاز ثقة المستثمرين الأجانب بتركيا" وهم الذين يشكلون نسبة تتجاوز 60% بالبورصة.