اليمين يُسرِّع تهويد سلوان بغطاء من الحكومة

thumb
حجم الخط

   (المضمون: 51 عائلة فلسطينية في قلب سلوان معرضة لاخلاء منازلها حيث قدمت جمعية اليمين عطيرت كوهانيم، بمساعدة وزارات في الحكومة، دعاوى قضائية ضدها من اجل اخلائها - المصدر).

 قدم مستوطنون من "عطيرت كوهانيم" ست دعاوى اخلاء في الاشهر الاخيرة ضد عائلات فلسطينية تسكن في سلوان. الدعاوى الجديدة تتعلق بـ 27 عائلة نووية، التي ستضطر اذا خسرت الدعاوى الى اخلاء منازلها. توجد حتى الآن 12 دعوى في المحاكم من اجل اخلاء 51 عائلة فلسطينية في سلوان والتي يسكنها أكثر من 300 شخص. جميع العائلات تسكن في حي بطن الهوى في قلب قرية سلوان. وقد قُدمت الدعاوى من قبل عطيرت كوهانيم بعد أن تسلمت الاراضي التي تم شراءها قبل أكثر من 100 سنة من اجل اسكان اليهود القادمين من اليمن. ومن المعطيات التي وصلت صحيفة "هآرتس" يتبين أن تكلفة حماية كل عائلة يهودية تسكن في المنطقة تبلغ مليون شيكل سنويا.

          تعود كل من الدولة والبلدية وتكرران أن الحديث يدور عن دعاوى مدنية عادية وليس عن دعاوى سياسية حكومية من اجل تهويد سلوان. ولكن على مدى السنين حصل المستوطنون على مساعدات كبيرة من أذرع الدولة من خلال مشروع تهويد القرية. حارس الأملاك العام في وزارة العدل والذي منح الأملاك، استمر في مساعدة الجمعية من خلال استشارات داعمة في المحاكم وفي بيع اراضي اخرى بدون مناقصات. رئيس بلدية القدس، نير بركات، معروف بتأييده للمستوطنين في سلوان. وقد ساعدهم كثيرا في منع تنفيذ أمر اخلاء واغلاق بيت يونتان.

          عطيرت كوهانيم حصلت على الارض بواسطة قرار فني للمحكمة المركزية في القدس في 2001. اعضاء الجمعية توجهوا الى المحكمة وبتأييد حارس الاملاك العام واقترحوا أن يكونوا المسؤولين عن الاملاك لأن المسؤولين الاصليين حسب قرار المحكمة الشرعية في عام 1899 – الحاخامان الرئيسان ومدير مدرسة أليانس – لا يمكنهم القيام بدورهم. وقد وافقت المحكمة على الطلب وتحول الثلاثة من عطيرت كوهانيم الى مسؤولين عن الاملاك.

          بعد ذلك بفترة قصيرة أعطى حارس الاملاك العام الارض للمسؤولين الجدد. وفي 2004 دخلت الجمعية الى بيت يونتان الذي بني بالقرب من حي اليمن. ومنذ ذلك الحين وهي تبذل الجهد الكبير من اجل اخلاء السكان الفلسطينيين من الارض التي تم بيعها قبل مئة عام لليهود.

          في السنتين الاخيرتين ازداد الضغط الذي شمل تقديم دعاوى اخلاء ضد العائلات، وفي المقابل طرح اقتراحات مالية سخية مقابل "اخلاء هاديء". في عدة حالات خضعت العائلات وقامت باخلاء منازلها. في هذه الاثناء، اضافة الى بيت يونتان الذي تسكن فيه عشر عائلات يهودية، توجد للجمعية 13 شقة اخرى في مباني تم اخلاءها في السنة الماضية. لكن معظمها ما زالت شاغرة.

          وقد قررت عطيرت كوهانيم في الاشهر الاخيرة، كما يبدو، فتح حملة قضائية شاملة لاخلاء جميع المنطقة التي اشتراها اليهود ويسكن فيها فلسطينيون. مساحة الارض تبلغ خمسة دونمات ونصف وتسكن فيها 60 عائلة فلسطينية. اغلبية هذه العائلات تعيش في تلك المنازل منذ عشرات السنين. وفي الاشهر الاربعة الاخيرة قدمت ست دعاوى جديدة ضد 27 عائلة وست دعاوى سابقة ضد 24 عائلة.

          في الدعاوى يُقال عن السكان الفلسطينيين إنهم معتدين ويطلب من المحكمة "اعطاء أمر اخلاء المدعى عليهم واعطاء الاملاك لمقدمي الدعوى وهي خالية من الاشخاص والاثاث".

          حسب تقديرات المحامي زياد قعوار الذي يمثل العائلات الفلسطينية وشقيقه المحامي يزيد قعوار والمحامي محمد دحله، فان سبب الدعاوى الحالية هو خشية المستوطنين من عملية التقادم. "لأن الحديث يدور عن اراض غير منظمة، فان التقادم يتم بعد مرور 15 سنة. وقد تم تجديد الملكية للاراضي في عام 2001. لذلك سيقومون بتقديم جميع الدعاوى حتى تشرين الثاني 2016. لكننا ندعي أن التقادم حصل قبل ذلك بكثير لأن حارس الاملاك العام كان يعرف عن هذه الاراضي ولم يفعل أي شيء من اجل الحصول عليها". اضافة الى مسألة التقادم فان المحكمة ستضطر الى اتخاذ قرار حول سؤال ما اذا كانت الاراضي بقيت في أيدي اليهود منذ نهاية الثلاثينيات حينما ترك اليهود اليمنيين الحي. سيجد الفلسطينيون صعوبة في الربط بين الاراضي العثمانية وبين الاراضي الاخرى. ويدعي بعض الفلسطينيين أن عائلاتهم اشترت الاراضي من اليهود.

          واضافة الى الادعاءات القضائية يتحدث الفلسطينيون عن ادعاءات مبدئية بالذات حول مبدأ أن من حق اليهودي فقط طلب الاملاك التي تُركت بسبب الحرب في 1948 و1967. "كان لوالدي بيت في حارة اليهود. واذا أرادوا أن يخرجوني من هنا فأنا أريد استعادته"، قال زهير الرجبي، احد سكان الحي. شقيقه يعقوب الرجبي وصل قبل اسبوع لتقديم شهادته في المحكمة والتي تتعلق بأحد أبناء عائلته ضد المستوطنين. واثناء تقديم الشهادة طلب المحامي آفي سيغل، الذي يمثل المستوطنين، إعطاءه طلب الاخلاء كي لا يدعي أنه لم يحصل عليه. "عندي خمسة اولاد، لكني لا أخاف من المستوطنين"، قال الرجبي، "لن اخرج من هذا البيت إلا الى القبر".

          "بغطاء العدالة المطلقة، القانون الاسرائيلي يسمح بالحصول على أملاك يزعمون ملكيتها قبل 1948، بينما أملاك الفلسطينيين قبل 1948 تتم مصادرتها لصالح الدولة"، قال المحامي دحله، "دولة اسرائيل، من خلال تشريع تمييزي تساعد على اقامة المستوطنات في قلب شرقي القدس وتدفع اللاجئين الفلسطينيين في بطن الهوى لأن يصبحوا لاجئين مرة اخرى".

          هناك ايضا مغزى أمني ومادي لزيادة عدد السكان اليهود في قلب سلوان. اليهود الذين يعيشون في هذه المنطقة يعانون من رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات باتجاه بيوتهم وسياراتهم. وهم لا يستطيعون الدخول والخروج من بيوتهم بشكل حر. وهم يعتمدون عند خروجهم على السيارات المصفحة والحراس. في السنة الماضية كانت ميزانية حماية السكان اليهود في الاحياء العربية في القدس 83 مليون شيكل. وفي هذه السنة يتوقع أن تبلغ الميزانية 74 مليون شيكل. ميزانية الحماية تصل، حسب قرار الحكومة، من وزارة الاسكان. أحد الاشخاص المطلعين على الموضوع قال أمس إن تكلفة حماية المستوطنين في بطن الهوى هي 12 مليون شيكل في السنة بسبب السفر والحماية المطلوبة في هذه المنطقة. هذا يعني أن كل عائلة تسكن في المنطقة تكلف دافع الضرائب نحو مليون شيكل كل سنة. وذلك دون الحديث عن ميزانية الشرطة المطلوبة للحماية.

إن الاشخاص الذين قاموا بتقديم الدعاوى والمسؤولين عن الاملاك لم تنشر أسماءهم. وفي اعقاب توجه الصحيفة قبل اربعة اشهر، عندما نشر تحقيق في هذا الامر، توجهوا الى المحكمة المركزية في القدس وطلبوا عدم نشر اسماءهم بزعم أن هذا قد يعرضهم للخطر. وقد قبلت المحكمة المركزية والمحكمة العليا ايضا هذا الطلب وقامت باصدار قرار مؤقت يمنع نشر المعلومات عنهم، هذا رغم أنهم ذُكروا في عشرات الدعاوى العلنية. ولم يتم حسم طلبهم بأن يتحول الامر المؤقت الى أمر دائم. وقد قدمت الصحيفة من خلال المحامي تالي ليفليخ رسالة دفاع ضد هذا الطلب.

الهجمة القضائية لـ عطيرت كوهانيم تنضم الى مبادرات اخرى لجمعيات المستوطنين في القدس، التي تحظى بالنجاح مؤخرا. العاد التي تنشط ايضا في سلوان، لكن في منطقة اخرى قريبة من البلدة القديمة، نجحت في السنة والنصف الاخيرين في شراء والدخول الى 25 بيت آخر. في داخل البلدة القديمة، في الحي الاسلامي، يزعم المستوطنون ملكيتهم للمنازل التي سكن فيها اليهود. وقد تم تقديم دعاوى في الاشهر الاخيرة ضد خمس عائلات فلسطينية تسكن في الحي الاسلامي.

 وجاء من جمعية "عير عميم" التي تساعد السكان في بطن الهوى: "شرقي القدس هو منطقة بلدية واحدة يعيش فيها الفلسطينيون. وكلها ترتبط بالحبل السري للحديقة التاريخية. جمعيات المستوطنين دخلت اليها. ببرعاية الاجهزة التمييزية تقوم باقتلاع الفلسطينيين من منازلهم. وتقوم بتفويت فرصة الحل السياسي المستقبلي".

المحامي سيغل قال باسم المستوطنين: "من المعروف أن محكمة العدل العليا والمحكمة المركزية قالتا إن من نمثلهم هم اصحاب الارض الوحيدين وعلى المعتدين اخلاءها. ونحن على استعداد لتعويضهم اذا قاموا بالاخلاء طوعا".