بعد نصف سنة من الارهاب المتواصل، يشير الجيش الى حدوث انخفاض في عدد العمليات، وانها تحدث حاليا في اواخر الأسابيع فقط. ويدعي مسؤول في الجهاز الأمني انه على الرغم من عدم الانتهاء من احصاء عدد العمليات التي وقعت في شهر آذار المنصرم، الا انه تم تسجيل انخفاض في عدد العمليات مقارنة بشهر شباط الذي وقعت خلاله 155 عملية، حسب الشاباك.
وخلال شهر تشرين الأول، الشهر الأول للأحداث الحالية، وقعت 620 عملية في الضفة والقدس وداخل الخط الأخضر، وفي محيط قطاع غزة. ويشمل هذا الاحصاء رشق الزجاجات الحارقة. ويطلق الجيش على تسلسل الأحداث اسم "موجة ارهابية" او "هبة شعبية محدودة"، حسب قيادة المنطقة الوسطى. لكن الفلسطينيين يسمونها "هبة" او "هبة القدس".
في الأسابيع الأخيرة ادعى ضباط تنتشر وحداتهم في الضفة، او يخدمون هم بأنفسهم هناك، ان المقصود ليس انتفاضة. ويكمن احد التفسيرات لذلك في حرية الحركة التي يتواصل الحفاظ عليها في الضفة، فالفلسطيني الذي يريد الخروج من جنين الى رام الله يمكنه الوصول اليها دون المرور عبر أي حاجز عسكري. كما أن الطوق الذي تم فرضه بتوجيه من القيادة السياسية، ولم يكن دائما بموافقة الضباط الميدانيين، كان مؤقتا ولم يمنع بشكل مطلق الخروج من القرى والبلدات الفلسطينية. وقال المصدر "هذا ليس طوق انتفاضة، انه فحص، نقطة للتفتيش".
ويعتمد تفسير آخر للفارق بين موجة الارهاب الحالية والانتفاضتين السابقتين على انتشار القوات العسكرية في الضفة. وقد ادعى ضابط في الجيش الاسرائيلي، امس الأول، بأن هناك 26 الى 27 كتيبة منتشرة في الضفة، بينما خلال فترة الانتفاضة وصل عددها الى 80. وأضاف: "في حينه كانت هناك كتائب عملت عسكريا، طوال 11 شهرا في السنة. نحن لم نصل الى ذلك بعد". كما يجري الادعاء بأن المشاركة الشعبية في الموجة الحالية لا تزال هامشية، ولا يوجد اطار قيادي للعمليات.
في الجيش الاسرائيلي يقولون انه على الرغم من استمرار موجة الارهاب منذ ستة أِشهر، الا انه لا توجد عمليات ارهاب ممأسسة، ولا يظهر أي تدخل ملموس من قبل مخيمات اللاجئين في الأحداث. لكنه يستدل من تحليل اماكن سكن حوالي 250 مخربا شاركوا في العمليات، ان 25 منهم يقيمون في مخيمات اللاجئين، من بينهم 10 من شعفاط. وحسب بيانات الشاباك فان اكثر من 50% من منفذي العمليات هم دون جيل 20 عاما، وحوالي 12% من منفذي العمليات هن نساء.
اضف الى ذلك انه تم الحفاظ على التنسيق الأمني بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهناك من يعتقدون انه افضل بكثير مما كان عليه قبل عقدين. في المقابل يشير الجهاز الأمني، الى ان خطر التصعيد والتدهور في الأوضاع لا يزال قائما. وقال ضابط رفيع: "يمكن للأوضاع أن تكون أسوأ". ومع ذلك يعتبر الجيش المواجهات في الضفة غير مسبوقة في حدتها، في العقد الأخير.
في الأيام الأخيرة، طرحت على جدول النقاش العام مسألة أوامر اطلاق النار في اعقاب قيام جندي بإطلاق النار على مخرب كان ممددا على الأرض في الخليل، يوم الخميس الأسبق. وحسب توجيهات الجيش فانه قبل دخول الجنود للعمل العسكري في المناطق، يجب عليهم اجتياز اختبار خطي حول هذه الأوامر، بل واجراء تدريب يحاكي مواجهتهم لأوضاع معينة.
قبل وقوع الحادث في الخليل، قال قائد لواء المشاة: "اعتقد ان اوامر فتح النيران متوازنة فعلا. اذا واجهنا الخطر، لا توجد معضلة. هذه هي القاعدة.. لا اعتقد ان هناك منطقة رمادية". وأضاف: "انا متأكد من ان موقفي لا يحظى بتأييد الجميع، وهذا على ما يرام. يوجد هنا توتر. نحن مطالبون بقتل من يجب قتله والامتناع عن قتل مئات الاف الابرياء الذين يعيشون بهدوء في هذه المنطقة، او بدون هدوء. اذا كان يمكن القتل بواسطة رصاصة واحدة او رصاصتين وليس بواسطة مشط كامل فهذا مفضل. نحن لا ننكل بجثة المخرب مع مزيد من العيارات، وهذه ليست مسألة اخلاقية فقط، وانما مسألة مهنية".
وقال الضابط ان الجنود يتأثرون نفسيا بسبب وقوع عمليات الطعن من دون انذار مسبق. "انت لا ترى مخربا يرتدي الزي العسكري. هذا فتى او فتاة، او امرأة، يأتون عادة مع سكين لمسافة الصفر، ويجب، من جهة، اصابتهم بسرعة، ومن جهة اخرى عدم التعرض للإصابة، وعدم قتل رفيق السلاح. كل هذا يتم بعدة عيارات، ومن دون صخب لأننا يجب ان نفعل ذلك بشكل مهني". وأضاف ان "هذا احتكاك يضعك في وضع بالغ الحساسية. بين يوم مشمس عند مفترق الغوش، وبين "انا بعد لحظة سأموت". هذا توتر حساس جدا".
في الجيش الاسرائيلي يحاولون تنظيم لقاءات اكثر بين الجنود وضباط الصحة النفسية، واجراء محادثات في هذا الموضوع مع القادة. وحسب قائد اللواء، فان "كل جندي في الجيش ينهي ثلاث سنوات من الخدمة، يحتاج الى مرافقة نفسية من هذا النوع او ذاك. فكل محارب يرى مشاهد معينة، سواء كان مسنة على الحاجز، طفلة تبكي في المعتقل، دماء، قتلى او صديق قتيل".