تبلور إسرائيل، الآن، هويتها القومية الجديدة: الهوية السابقة كانت سيئة أيضا، لكن الجديدة غير قابلة للاصلاح. ليس الشعور هو الذي يتغير هنا، بل روح الزمان والمكان. ليس تغييرا مؤقتا وعابرا، بل تغيير لا يمكن العودة عنه. ومن بين المميزات عدم فهم الخطورة ايضا من قبل اولئك المؤيدين لاعدام فلسطيني على يد جندي، جزء من العمى هو الشلل الذي سيطر على من ليس من الكستينا. الوضع الجديد الذي تعتبر قضية الجندي احد اعراضه غير قابل للعودة لأنه لا يوجد من يوقف هذا. يمكن الاعتقاد أنه يمكن اصلاحه في المستقبل – تتغير الحكومة فتتغير الأجواء، ولكن الوضع غير قابل للاصلاح لأنه لا يوجد من يقوم بالاصلاح، ولا يوجد أحد كهذا في الأفق. كل محاولة لوضع سيناريو بديل تخلق نوعاً من الأمل، الذي يفشل في المهد، حاولوا وسترون. لا يوجد سيناريو كهذا ولا يمكن حتى تخيله. من الذي يوقف التدهور الذي يحدث أمام ناظرينا؟ الاتجاه هو أحادي الجانب، ويغير بسرعة روح المكان ومعه يتغير الشعب ومبادئه. هذه تغيرات سيكون من المستحيل تقريبا اعادتها الى الوراء. انظروا من الذي يتظاهر في بيت شيمش، من هم الزعران في معاليه ادوميم والرملة والكستينا، ومن يكتب في الفيس بوك «قتل العرب هو من القيم». هذا هو الجيل القادم من الاسرائيليين. إنه وجه مستقبلها. شعب فاسد كهذا لن يعود إلى الوضع الجيد. الشعب الذي فقد ضميره ضاع الخجل قد منه ولن يعود إلى الأبد. لماذا يعود ولمن؟ لا يوجد من يحاول على الاقل. هذا لا يعني أن جميع الاسرائيليين تحولوا الى وحوش. السيئون منهم الذين يعتبرون الجندي بطلا قوميا ليسوا الاغلبية. واولئك الذين يؤمنون بأن العرب يجب أن يموتوا واولئك الذين على قناعة أنه يجب ألا يعيش هنا غير اليهود واولئك الذين يعرفون أنهم ابناء الشعب المختار وهم على قناعة أن الوعد الالهي هو الضمانة السيادية واولئك الذين يعتقدون أنه لا حقوق للفلسطينيين وأولئك الذين على يقين أن الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقا في العالم – كل هؤلاء يزدادون بسرعة مخيفة. وأمامهم لا يوجد شيء. لا يوجد من يقف ضدهم. بعد سنة 1967 جاءت نقطة التحول الثانية في عملية «الجرف الصامد» في صيف 2014، حيث مات تقبل الآخر واستبدل به العنف. الشيطان القومي الديني المتطرف خرج من القمقم وليس هناك من يعيده. جميع وكلاء المجتمع الذين يجب أن يدافعوا عنه اصبحوا ضعفاء، بعضهم تفكك تماما ولم يبق شيء. السياسيون في الوسط – اليسار يخافون من النمر المنطلق واولئك الذين في اليمين يركبون على ظهره وستكون نهايتهم السقوط ايضا. في اسرائيل لا حاجة الى وزارة دعاية لأن وسائل الاعلام تقوم بالعمل، والمجتمع المدني مشلول من قبل الحكومة وبمساعدة وسائل الاعلام والجهاز القضائي يسير في أعقابه، «بتسيلم» خونة، و»لاهفاه» اصحاب مبادئ، هل يجب قول المزيد؟. من الذي سيوقف ذلك؟ بوجي هرتسوغ؟ يائير لبيد؟ غابي اشكنازي؟ جدعون ساعر؟ هذه الاحتمالات تثير الضحك. محكمة العدل العليا؟ رئيس الاركان؟ الجهاز القضائي العسكري؟ لجنة مكافحة الـ «بي.دي.اس» التابعة لـ «يديعوت احرونوت»؟ «عوفده» واخبار القناة الثانية مقاولو التحقيقات لـ «حتى هنا»؟ من بالضبط؟. هناك حبوب سامة عندما تزرع في الارض لا يعود من الممكن إيقاف نموها. هناك أوبئة لا يمكن وقف انتشارها. نحن هناك. عندما يتحول اعدام فلسطيني مصاب إلى قيمة تنتهي كل القيم الاخرى ومعها ينتهي الامل. بين اليمين القومي المتطرف والديني وبين الاغلبية غير المبالية وجد هنا شعب جديد. شعب اسرائيل حي وهو ايضا سيستمر في ذلك، دولته قوية وهي ستبقى كما يبدو الى الأبد. لكن هذا المكان سيصبح مستحيلاً، ولا يمكن تحمله من قبل كل من يفكر بشكل مختلف، ولا أحد يمكنه وقف ذلك من أجله.