نتائج التشريح، التي أثبتت أن «المخرب» كان على قيد الحياة حينما أطلق الجندي النار عليه، تقوم بشكل ما بتغيير الوضع القانوني. الادعاء العسكري والنيابة سيلائمان ادعاءاتهما على ضوء تطورات التحقيق، ومن الواضح أن الكلمة الاخيرة لم تقل بعد، ولا أحد يعرف ما المتوقع في المفارقة الاخلاقية والقضائية المعقدة التي تدحرجت الى المجتمع الاسرائيلي في ذروة موجة «الارهاب»، التي تأبى التوقف رغم أن هناك من يعتقد أنها تتراجع. للأسف الشديد، مثلما في أحداث كثيرة في إسرائيل، فان وسائل الإعلام والرأي العام ينقسمان بشكل اوتوماتيكي بين اليمين واليسار. الجوهر غير مهم، المهم هو أن يحقق أحد الطرفين الأرباح السياسية من هذا الموقف أو ذاك. الرأي العام في أغلبيته يميل لليمين. الجندي هو ابننا جميعا، ومن الواجب دعمه. ومن سيضمن لنا أن ينفذ الجنود المطلوب منهم في مواجهة «مخربين» قبيحين؟ يمكن القول إنه في المرة السابقة التي تم الحديث فيها عن اطلاق سراح «مخربين» من اجل اعادة ابننا جميعا، قاد الحملة اشخاص من اليسار. اليسار الاسرائيلي الذي يرى فقط الاحتلال والقمع منذ سنوات طويلة، يتخذ موقفا انفعاليا. وتحت عنوان الاهتمام بأخلاق الجيش يتم اعطاء اهمية كبيرة للحدث التراجيدي؛ لأن ذلك يعتبر مبررا لاستمرار نشاط «نحطم الصمت» و»بتسيلم» وبقية المنظمات التي باسم الاخلاق تقوم باظهار صورة سيئة لإسرائيل في الخارج. في الوسط يوجد وزير الدفاع ورئيس الاركان اللذان دخلا ازمة سياسية واضحة. ففي السنوات الاخيرة كل شيء في اسرائيل هو سياسي. ويمكن فهم وتقدير قلقهما الصادق على الجيش الاسرائيلي والسياسة الاسرائيلية، ومع ذلك أعتقد أن الاقوال الحاسمة كان يمكنها الانتظار الى حين أن تقوم المحكمة بالحسم؛ الحسم الذي هو الدمج بين تحديد الحقائق وتطبيق القانون بشأنها. قبل سنوات طويلة كان يسود في اسرائيل مبدأ «طهارة الحكم»، وهو مبدأ مهم تم محوه من حياتنا رغم أنه ما زال موجوداً في كتاب القوانين. وكمن يبحث منذ سنوات طويلة في موضوع الحكم، من الواضح أن هناك قضاة مهنيين لا يمكنهم فصل أنفسهم تماما عن رياح الوقت؛ لذلك يجدر بكل من يريد مصلحة الجندي والاخلاق التوقف عن المناكفة وانتظار قرار المحكمة بصبر. نحن الآن نعيش في دولة يكون مصير من يُحاكم فيها في المحكمة وليس في معارك الشارع. وحسب الأدلة وليس حسب مشاعر الاغلبية.