"كانت ديما مكبلة اليدين والقدمين في قاعة المحكمة الاسرائيلية، يومها كان الجو باردا، ترتدي بنطالا وقميصا خفيفا، وكانت قدميها تنزف من السلاسل وشدة البرد". قال اسماعيل رشيد الواوي والد أصغر أسيرة في سجون الاحتلال بينما استأنفت الدمعة حديثه الذي لم يكتمل.
الطفلة ديما اسماعيل رشيد الواوي "12 عاما"، أصغر أسيرة في سجون الاحتلال، ولدت في 20 تشرين ثاني عام 2003، طالبة الصف السابع الأساسي، اعتقلت في التاسع من شهر شباط عام 2016 بحجة محاولتها الطعن، 4 وحكمت بالسجن الفعلي لمدة أربع شهور ونصف اضافة لخمس سنوات مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية بقيمة 8 آلاف شيقل.
يستذكر والد ديما ساعة إعلامه بخبر اعتقال ابنته خلال اتصال هاتفي من ضابط مخابرات اسرائيلي: "اتصل علي ضابط المخابرات وأنا في عملي بالقدس، وأخبرني أنه تم اعتقال ديما عند مفترق مستوطنة (كرمي تسور) لحيازتها سكينا، وطلب مني مراجعته في عتصيون، وكنت خائفا المفترق بات يمثل مثلث الرعب، وبعد عدة اتصالات من الضابط، وصلت عبر عدة وسائل مواصلات، فذهبت إليه وعرض علي صورا لديما من الظهر وهي ترتدي مريولها المدرسي، وأخبرني أنها موجودة في مكتب شرطة الخليل وقال لي: من الجيد أنها لم تقتل".
ديما خضعت للتحقيق على عدة محققين كما ذكرت لمحامية نادي الأسير الفلسطيني، ووالدها يكمل الرواية: "حقق معها سبع محققين، أحدهم دهس ظهرها، وتحتها الحصى ووجها للأرض، وكانوا يستهزؤون عليها، ويقولون لها سندفنك وأنت حية. فتأثرت صحيا ونفسيا، وبعدها المحامي اتصل علينا وأخبرنا أن لها محاكمة، فذهبنا، غير أنها تأجلت عدة مرات، وكان القاضي الاسرائيلي يقول لا قانون يعطيني صلاحية محاكمة الطفلة، مع ذلك بقيت معتقلة".
مع أن والد ديما لم يستطع هضم رواية الاحتلال بمحاولة ابنته طعن جندي اسرائيلي، ولم يستطع أيضا ابتلاع اعتقالها، غير أنه وقع في موضع التعذيب عندما دخلت طفلته لقاعة المحكمة الاسرائيلية مكبلة اليدين والقدمين، وفقد صوابه لما رآى قدميها تنزفان من قرص البرد والسلاسل التي تقيدها. قال متوجعا:" مأساة عندما تكون طفلة بهذا المظهر، ولا أحب أن يتكرر هذا المشهد مع أي طفل لأنه يسلب كل مقومات طفولتهم".
صبحة والدة ديما بعد جهود حثيثة مع الصليب الأحمر الدولي نجحت بالحصول على زيارة لابتها، غير أن الاحتلال رفض زوجها بحجة المنع الأمني، قالت: "الزجاج ضخم جدا، لم أستطع الحديث مع ابنتي الا من خلال سماعات الهاتف، وعلى ما يبدو ديما تعرضت لحالة نفسية صعبة، لأنها لا تتحدث إلا عند سؤالها وتجيب بايجاز، وهي بطبعها كثيرة الشغب والحديث".
"حين زرت ديما أخبرتني أن أحد الجنود داس على ظهرها بحذائه، وقد كان ذلك مؤلما لها، وتعرضت لصدمة قوية، في كل مرة أراها فيها تلتزم الصمت، حتى أن الحقوقيين في مؤسسة مانديلا الذين قاموا بزيارتها كانوا يسألونها عن الظروف التي مرت بها، فتقول لهم: انتظروا، دعوني أفكر. وهي بطبعها أصلاً متسرعة لكن ذلك من أثر صدمتها واعتقالها" قالت والدتها صبحة.
تقول صبحة والدة الأسيرة "ديما كأي طفلة تحب اللعب، كثيرة الحركة والشغب، حساسة جدا".
"أعلم أن السجن لم ولن يغلق يوماً" هي العبارة الأكثر أثراً على نفسية صبحة من الرسالة التي بعثتها ديما لعائلتها عبر الصليب الأحمر الدولي، وقالت والدتها: "اتصل الصليب الأحمر علينا وأخبرنا أن لنا رسالة،وكنت قد استبعدت أن تكون رسالة من ديما، لأنها طفلة صغيرة، لكنها فاجأتنا بأنها لم تنسانا رغم صغرها ومحنتها".
وذكرت الواوي في رسالتها أنها تحاول ممارسة طفولتها داخل السجن، من لعب وقراءة رغم كل المعيقات المفروضة.
ديما كانت تنام مع شقيقتها الجامعية لينا في ذات الغرفة، وتستذكر لينا شقيقتها " ديما كانت تنام معي في الغرفة، كانت تحب اللعب دائما، ولم ألاحظ منها ليلة اعتقالها أي تصرف غريب".
وتطمح ديما دراسة الهندسة الزراعية كما ذكرت شقيقتها لينا :"كانت دائمة السؤال ماذا تفعلي بالجامعة، أريد أن أكون مهندسة زراعية، وأريد أن نذهب معا، ونشتري احتياجاتنا معا".
والدا ديما الواوي يختمان حديثهما "في يوم الطفل نتمنى الفرج العاجل لابنتنا وجميع الأسرى، وفي هذا اليوم، يوم الطفل الفلسطيني أقول أن أطفالنا يعيشون في مآسي ولا يعيشون طفولتهم".