المروّجون لتهمة "الفاشية الإسرائيلية"

m3aref
حجم الخط

أكتب في الليالي. ويصدح المذياع في الخلفية دوما (وتسميه زوجتي «ترتر». كيف يمكنك ان تعمل هكذا؟). في صوت الجيش يوجد مذيع واحد كان في الاسابيع الاخيرة، ثلاث مرات في الاسبوع، يتلو المرة تلو الاخرى قائمة مئة دولة. بما في ذلك الدول الدكتاتورية حتى الفظاعة، التي تأتي في مراتب فوق اسرائيل في «جدول حرية الصحافة العالمية». ولماذا تعد هي افضل من اسرائيل؟ لانه «عندنا توجد رقابة». «اسرائيل في المرتبة الـ 101»، يكرر كل ليلة. وآمل أحيانا أن يأخذه بساط طائر، لاسبوع فقط، ليعيش في بعض من تلك الدول التي هي افضل منا: الى ناميبيا، بوتسوانا، تنزانيا او سوتو. او الى لبنان. فهل يصدق حقا ما يقوله؟ احيانا لا اعرف حقا اذا كان من يتهم اسرائيل بقمع حرية التعبير يدعون البراءة أم هم أغبياء حقا. والمذيع ذاته لا يعرف بأن الرقابة في البلاد (مؤسسة عتيقة أكل الدهر عليها وشرب في عصر الاتصالات الانترنتية) لم تستخدم في العقود الاخيرة إلا لمنع نشر الصور المشينة في السينما (فالرقابة على المسرحيات الغيت في اسرائيل قبل 25 سنة) او نشر أنباء امنية سرية، وليس منع الاعراب عن الاراء. أقرأ وأسمع وابل الكلمات الصارخ: «فاشية»، وأجد صعوبة في أن اصدق بأن يكون من يستخدم هذه الكلمة يصدق ما يقول. فاخراج كتاب (متواضع) من قائمة الكتب التي يوصى بقراءتها في المدارس هو «فاشية». منع تمويل المسارح التي تحرض ضد الدولة «فاشية». اعلان الولاء للدولة «فاشية». آمل أحيانا ان يأخذ نفق الزمن (المعاكس) اولئك الذين يتهمون اسرائيل بالفاشية او بالنازية ليوم واحد فقط، لساعة واحدة فقط، ليعيشوا كيهود في المانيا قبل 80 سنة. وينقذهم هذا النفق من هناك بجلدة أسنانهم. فهل سيعودون من نفق الزمان هذا ليقبلوا اقدام الدولة، ويندموا على خطيئتهم؟ أم لعل كراهيتهم لذاتهم شطبت منذ الان كل ما تبقى من استقامة في عقولهم، وعندها ايضا سيعودون ليكرروا عادتهم؟ بالكاد استطيع أن أفهم «عرب اسرائيل»، ممن ينظرون الى الجحيم التي تعربد في العالم العربي ويعرفون في قرارة قلوبهم بانهم فازوا بالجائزة بكونهم مواطني اسرائيل. عرب «يهودا» و»السامرة» ايضا «الذين يختنقون تحت عبء الاحتلال» يعرفون حقا كم هو خير من سورية، ليبيا، العراق، وغزة. ولكنهم يريدون اخضاع دولة اسرائيل، كي لا تكون دولة يهودية في العالم. اولئك يمكنني أن افهمهم، فهم اعداء. البروفيسور زئيف شترنهل، باحث مهم في تاريخ الفاشية في العالم، يقول ان «الديمقراطية الاسرائيلية تعاني خطر الانهيار» – من ناحيته تأييد السياسيين ورجال الفكر من اليسار لحرب اسرائيل في غزة، في عهد «الجرف الصامد» يدل على النهاية القريبة للديمقراطية الاسرائيلية. فقد كتب شترنهل انه «فقط من سيكون مستعداً ليصعد الى عوفرا بالدبابات يمكنه أن يوقف انجراف الفاشية الذي يهدد باغراق الديمقراطية الاسرائيلية: «وهو بالذات يرى في التضامن مع الجيش الاسرائيلي الذي يقاتل في غزة، مع فرق دباباتنا التي تقتل مخربين، فاشية». تفسير واحد فقط يوجد لهذه الموجة العكرة: فهم يعرفون، بما في ذلك الابرياء، مدعو البراءة، والاغبياء على حد سواء ما قاله غوبلس: اذا كررت الكذبة مرات عديدة، ستصبح حقيقة.