حماس والاخوان والميثاق .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي

thumb
حجم الخط

بعد تصاعد الاحداث المتلاحقة تجاه جماعة الاخوان المسلمين وخاصة في مصر – بعد الإطاحة بالرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي – ثم ملاحقة الجماعة واتباعها في دول متعددة بهدف محاصرة الجماعة وإضعاف نفوذها ، وصل الامر لطرح علاقة حركة المقاومة الإسلامية – حماس – في فلسطين بالجماعة الأم – الإخوان المسلمين في مصر – خاصة في فترة التوتر التي سادت بين حركة حماس والنظام المصري الحالي ، والاتهامات المصرية بعلاقة حماس بجماعة الاخوان المسلمين في مصر ،، ورد حركة حماس – بعد زيارة وفدها للقاهرة – واللقاءات التي تمت مع جهاز المخابرات المصرية بأنه لا علاقة تنظيمية تربط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر سوى الارتباط الفكري والفلسفي للجماعة الام ..
وحتى نتعرف اكثر لابد من العودة الى الوراء قليلا لمعرفة الظروف التي ساهمت في تأسيس حركة حماس في فلسطين واهداف نشأتها تحديدا ؟ وميدان عملها ؟؟
ارتبط تأسيس حركة حماس بشكل مباشر باندلاع احداث ومواجهات الشارع الفلسطيني وجيش الاحتلال في السابع من ديسمبر 1987 في مخيم جباليا ثم في كافة مناطق قطاع غزة والضفة الغربية ، والتي تطورت تلك الاحداث لتعلن انطلاق شرارة "الانتفاضة الشعبية الكبرى" ضد الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية مما دفع كافة الفصائل الفلسطينية الفاعلة الى تنظيم صفوفها والتعامل الجدي والنفير الشعبي العام لتواكب مجريات الانتفاضة المتصاعدة ضد ممارسات الاحتلال الصهيوني ،، ومن هنا كان القرار لدى قيادة العمل الإسلامي – الإخوان المسلمين في قطاع غزة - لتشكيل حركة مقاومة تتجاوب مع ضغط الشارع الفلسطيني وتمارس دورها في فعاليات الانتفاضة الشعبية المباركة ،، ومن هنا فإن السبب الرئيسي لتشكيل حركة حماس هو فقط الاندماج في الفعاليات الشعبية المقاومة ،، ومع تطور الاحداث وإطالة أمد الانتفاضة - والتي لم يتوقع أحد أن تستمر لعدة سنوات - كان لزاما تطوير الإطار المناسب ، ووضع المباديء العامة لهذا المسمى الجديد – حماس – بما يناسب تمدده واتساعه ليضم بين ثناياه الالاف من شباب الوطن المتحمسين لمقاومة هذا الاحتلال .
ولإن الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين كان له من الشروط والواجبات المتعددة وليست السهلة وكان يحتاج من يرغب في الانضمام للجماعة وقت طويل ،، بينما حركة حماس كونها حركة مواجهة تتعامل مع الحراك الشعبي وتحتاج الى سرعة التعاطي مع الراغبين في الانضمام أصبح لها شخصيتها الاعتبارية الخاصة والمستقلة وبرنامجها المنسجم مع طبيعتها ، ومن هنا أصبحت حركة حماس فصيلا فلسطينيا مقاوما له فلسفته الوطنية والمحلية بعيدا عن البرامج العامة الكبرى التي تتميز بها فكر جماعة الاخوان المسلمين ،، ومن هنا اصبح لها ميثاقا خاصا بها حدد طبيعة علاقاتها مع كل ما يحيط بها ،، ولاشك أن صياغة الميثاق في حينه كان متأثرا في نشأة الحركة وبالأوضاع التي كانت سائدة منذ العام 1988 ،، ولاشك ان كثيرا من المتغيرات والتطورات طرأت على مكانة وحجم ودور الحركة في السنوات اللاحقة مما دفع البعض من قيادات الحركة بطرح ضرورة مراجعة الميثاق لينسجم أكثر من تطلعات الحركة المستقبلي وعلاقاتها الجديدة وسياساتها الحالية ،، خاصة وأن الكثير من الجهات تستخدم بعض بنود الميثاق – ولي عنق النصوص – لإحراج واتهام الحركة بطبيعة علاقاتها في الوسط المحيط بها بكل تشكيلاته ..
ومن هنا ومن خلال عمق النشأة فإن حركة حماس هي حركة ولدت من رحم المعاناة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين ، وارتباطها الفكري مع جماعة الاخوان المسلمين لا ينفي عنها صفة " وطنية المنشأ والاهداف " ، وأن ارتباطها التنظيمي والإداري منذ النشأة كان داخل فلسطين وبالأخص في قطاع غزة ، وبحكم مشاركتي في قيادة حماس لسنوات عدة فإنني أؤكد أن قرارات الحركة كانت تصدر من قيادتها الوطنية الفلسطينية بشكل كامل ..
وإذا كانت الحركة بعد ممارستها الفعل السياسي العام تأثرت بسياسات إقليمية محددة فذلك من طبيعة عمل الأحزاب السياسية والنظر في قضية المصالح وكيفية موازنة ترسيخ العلاقات الخارجية لتحقيق المصالح الوطنية ،، ولكن كون الحركة اليوم أصبحت تحت المجهر بحكم المتغيرات الإقليمية والتحالفات القائمة والتجاذبات المعروفة كان لزاما على قيادة الحركة التوضيح والشرح بلغة واضحة وحاسمة لا تقبل التأويل أن نشأة الحركة كانت ولازالت لأهداف محصورة بحدود الوطن " فلسطين " وأن علاقاتها الخارجية كانت ولازالت من أجل تحقيق هذا الهدف ،،
لاشك أن الواقع الراهن المحيط بحركة حماس تجعل خياراتها محدودة ولا ملجأ لها سوى التأكيد دائما بأنها لن تغير أو تبدل ما نشأت من أجله ..