أين اختفت القنبلة الإيرانية؟!

127863_0
حجم الخط

هل يمكن أن تكون القنبلة الإيرانية قد اختفت من حياتنا؟ بعد 15 عاماً من قرع طبول الحرب، يجب الاعتراف بأننا تعودنا إلى حد ما على القنبلة، وتعلمنا أيضاً أن نحبها قليلاً. لقد رتّبنا منظومتنا السياسية وفقاً لها، ومنحنا مغزى مصيرياً لتكهنات من دون مضمون، وتعودنا رؤية أشخاص جديين ببذلات يخفضون أصواتهم ويشرحون كل ظاهرة في الكون تلميحاً وهمساً: «ليس في إمكاني الإسهاب، لكن نتنياهو يبدو أكثر جدية في الفترة الأخيرة». وجرت حياتنا من «سنة حسم» إلى أخرى. وفجأة اختفى كل شيء. قبل أقل من نصف عام، ذهب رئيس الحكومة ليخطب في الأمم المتحدة. العالم كله كان يحتفل بالاتفاق الموقع مع إيران قبل شهرين ونصف من ذلك، وكان على نتنياهو أن يقوم بمهمة ناكر الجميل، التي يحبها كثيراً، وأن يشرح للأغيار المغفّلين إلى أي حد سيكون الوضع سيئاً - سيئاً إلى حد أن رئيس الحكومة في هذا العرض الأكثر إثارة للسخرية من على المنابر الدولية - صمت على المنصة 40 ثانية شرح بعدها مدى الشجاعة التي تتطلبها مهمته قائلاً: «ليس سهلاً معارضة شيء وافقت عليه الدول العظمى. ومن الأسهل بكثير البقاء صامتين. لكن.. الشعب اليهودي عرف ثمن البقاء صامتاً. وبصفتي رئيساً للدولة اليهودية، أرفض أن أبقى صامتاً». ومباشرة بعد الخطاب، أبلغ نتنياهو البيت الأبيض أنه من الآن فصاعداً سيبقى صامتاً، وفي هذه الحالة الخاصة التزم ذلك. وخلال نصف السنة الأخيرة، جرى تطبيق «صفقة القرن» (بحسب تعبير نتنياهو) و»الخطأ التاريخي» للدول العظمى (وفقاً لنتنياهو كذلك)، وبقي نتنياهو صامتاً. بعد الاتفاق، هكذا وصف نتنياهو العالم في الأمم المتحدة، قال: «إيران أنشأت عشرات الخلايا الإرهابية.. فيما كانت تحاول إقناع العالم برفع العقوبات عنها. تخيلوا ماذا ستفعل بعد رفع العقوبات - إيران من دون كوابح «ستفترس» كل من يقف في دربها». لكن إليكم ما حدث في هذه الأثناء بالاستناد إلى مصدر رفيع في المؤسسة الأمنية: تحويل الأموال من إيران إلى حزب الله وحركة حماس لم يزدد على الرغم من أن 100 مليار دولار يملكها الإيرانيون أصبحت متاحة لهم منذ كانون الثاني. التزمت إيران بالاتفاق، والبرنامج النووي الإيراني تراجع إلى الوراء - بكلام آخر، حتى لو خرق الإيرانيون الاتفاق بصورة فجة - فإنهم يحتاجون وفقاً لتقديرات المؤسسة الأمنية عندنا إلى زمن أطول بكثير للوصول إلى القنبلة من الزمن الذي كانوا بحاجة إليه لو لم يوقعوا الاتفاق. وفي هذه الأثناء تبين أن الادعاءات بأنه بعد الاتفاق ستسارع شركات غربية بحماسة إلى عقد صفقات مع إيران مبالغ فيها، وفي الانتخابات البرلمانية الإيرانية حصلت التركيبة المعتدلة على أكبر عدد من المقاعد في الجمهورية الإسلامية. الإيرانيون لم يغيروا جلدهم، فهم لا يزالون يقدمون مساعدة كبيرة إلى «حماس» و»حزب الله»، ويرسلون ميليشيات إلى سورية، ولا نفترض أنهم تخلوا عن تطلعاتهم النووية، لكن السؤال ليس هذا، بل هل وضعنا أصبح أفضل أو أسوأ بعد الاتفاق؟ إن جميع من في الجهاز السياسي - بدءاً من يعلون مروراً بلابيد وليبرمان وصولاً إلى هيرتسوغ - قالوا لنا إن الاتفاق يشكل خطراً وجودياً مخيفاً. جميعهم فضلوا تبني سيناريو نتنياهو المرعب. ولا أحد في إسرائيل دفع ولو مرة واحدة ثمن التنبؤات التي لم تتحقق. صحيح أنه من المبكر الحديث عن نجاح الاتفاق (حتى أنا عليّ حماية نفسي). لكن هناك حجة لمنتقدي الاتفاق تفقد المرء أعصابه. فهم يدّعون أن الاتفاق يتيح 10-15 سنة تهدئة، من بعدها تستطيع إيران الوصول إلى القنبلة بسهولة. كيف يمكن لدولة (إسرائيل) وظفت مليارات الدولارات والكثير من الوقت والمال السياسي من أجل خيار عسكري كان من شأنه في أفضل الأحوال تأخير تطوير القنبلة ثلاث سنوات أن تستخف بـ10-15 سنة. يبدو أن المتشائمين عندنا لن يغيروا الأسطوانة أبداً، وهناك دائماً «أمد بعيد» ستتحقق في إطاره تنبؤاتهم.