«أقطع يدي ولا اكتب اعترافاً، واني اعتبرت نفسي في مهمة نضالية استشهادية. وإذا كان الجلاد يملك من أدوات القتل والتعذيب والقهر الكثير وأنا أسير مقيد لا أملك سوى إرادة المقاومة والإيمان المطلق بعدالة قضية شعبي، وإذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فسأدفع هذا الثمن». قالها مروان لمحققيه
اربعة عشر عاما تمضى ومروان البرغوثى يقبع خلف القبضان ليبدا عامه الخامس عشر متحديا قبضة وظلم السجان بإرادة قوية لا تلين ولا يعرف الياس لروحه سبيل فهو المناضل الذى امضى قبل ذلك اكثر من ستة اعوام بالسجون والمعتقلات الصهيونية ليخرج ويمارس عمله الوطنى والفتحاوى فى رواية جديدة من روايات النضال الفلسطينى المتواصل فلم يلتفت الى مغريات او مكتسبات هنا او هناك لأنه امن بان الوطن اكبر من كل الاشياء التى لا قيمة لها فواصل مسيرته وتحديه البطولى من خلال قيادته للعمل الفتحاوى بالضفة الفلسطينية بكل مستوياته السياسية والعسكرية فكان الرجل السياسى المحنك والمناضل الثائر الذى يدافع عن القضية ويحمى ابناء شعبه فشمر عن سواعده السمراء ليعلن حربا بلا هوادة على المحتل الغاصب الذى ضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات ولم ينفذ ما عليه من التزامات وواصل الاعتداء على ابناء شعبنا الفلسطينى .
في نيسان/أبريل عام 1994 عاد البرغوثي على رأس أول مجموعة من المبعدين إلى الأراضي المحتلة، وبعد ذلك بأسبوعين وفي أول اجتماع لقيادة فتح في الضفة الفلسطينية وبرئاسة القائد الشهيد فيصل الحسيني تم انتخاب البرغوثي بالإجماع نائبا للحسيني وأمين سر الحركة في الضفة ليبدأ مرحلة جديدة من العمل التنظيمي والنضالي. إذ بادر البرغوثي إلى إعادة تنظيم حركة فتح في الضفة و التي كانت قد تعرضت لضربات شديدة من قبل الاحتلال وشهدت حالة من التشتت والانقسام، ونجح في إعادة تنظيم الحركة من جديد في فلسطين في فترة قصيرة.
في عام 1996وفي إطار الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية انتخب عضوا في المجلس التشريعي نائبا عن دائرة رام الله، وقد عمل في المجلس في إطار اللجنة القانونية واللجنة السياسية، وقد كان ذلك بسبب اهتمامه الشديد بموضوع سيادة القانون وتعزيز السلطة القضائية واستقلاليتها وإقرار منظومة من القوانين الفلسطينية العصرية الحديثة إذ أعطى اللجنة السياسية اهتمامه البالغ بقضية استكمال معركة الحرية والاستقلال.
البرغوثي، الذي يحمل درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية ودكتوراه العلوم السياسية تعرض إلى أكثر من محاولة اغتيال على أيدي القوات الإسرائيلية ونجا منها، وعند اختطافه في 15/4/2002 وبرفقته احد مساعديه المناضل احمد البرغوثي "الفرنسي"، قال شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "أنه يأسف لإلقاء القبض على البرغوثي حيا وكان يفضل إن يكون رمادا في جره"، أما شاؤول موفاز، وزير الدفاع الإسرائيلي انذاك فقد علق على الاختطاف بالقول "إن اعتقال البرغوثي هو هدية عيد الاستقلال التي يقدمها الجيش للشعب الإسرائيلي وان اعتقاله ضربة قاتلة للانتفاضة". الياكيم روبنشتاين المستشار القانوني للحكومة قال عنه " إنه مهندس إرهابي من الدرجة الأولى وقد راجعت ملفاته طوال ثلاثين عاما ووجدت انه من النوع الذي لا يتراجع ولذلك يتوجب إن يحاكم بلا رحمة وإن يبقى في السجن حتى موته".
وأصدرت محكمة الاحتلال المركزية بتل أبيب على المناضل مروان البرغوثي في السادس من حزيران 2004، الحكم بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاما، ورد البرغوثي في جلسة المحكمة مخاطبا القضاة "إنكم في إصداركم هذا الحكم غير القانوني ترتكبون جريمة حرب تماما مثل طياري الجيش الإسرائيلي الذين يلقون القنابل على المواطنين الفلسطينيين تماشيا مع قرارات الاحتلال". وأضاف البرغوثي " إذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فأنا مستعد لدفع هذا الثمن".
الايام تمر بسرعة وها هى الذكرى الرابعة عشرة لاعتقال المناضل البرغوثي، ومنذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ظهر مروان في قاعة المحكمة، رافعاً يديه المقيدتين ملوحا ومعلنا: «الاحتلال إلى زوال.. الانتفاضة ستنتصر» ولا زال يرفع يديه بعلامة النصر ، بعد مرور اربعة عشر عاما خلف القضبان فى ظروف قهرية ومحاولات بائسة من قبل الاحتلال لتفريغ المناضلين من محتواهم النضالى، وتجريدهم من عقيدتهم الثورية والنضالية، فاستطاع مروان واخوته من الاسرى ان يحولوا باستيلات الاحتلال الى اكاديميات ثورية تخرج الابطال، وتشارك فى صنع القرار، فهؤلاء الابطال الذين ارتفعت اقدامهم فوق رقاب سجانيهم، والمجد يركع امامهم لعظمة صمودهم وتحديهم وصبرهم ونضالهم فى مواجهة مخططات الاحتلال، من داخل الزنازين ومن خلف القضبان .
دمت ابا القسام اسداً ثائراً فى وجه الاحتلال، فلن تنال منك ظلمة السجن وسطوة السجان، وستبقى منتصرا بإرادتك وعزيمتك وعشقك للوطن والقضية ، فلا غرف التوقيف باقية ولا زرد السلاسل، والفجر ات .. ات لا محال .