منعت الرقابة العسكرية وسائل الاعلام والصحافيين الاسرائيليين على مدى السنين من نشر أنباء عن غارات سلاح الجو في سورية، التي استهدفت منع نقل السلاح المتطور الى «حزب الله». وكان يمكن لوسائل الاعلام الاسرائيلية أن تبلغ عن ذلك فقط استنادا الى ما يسمى «منشورات أجنبية». كشف رئيس الوزراء، أول من أمس، النقاب عن أن اسرائيل هاجمت في سورية عشرات ارساليات السلاح التي كانت في طريقها الى «حزب الله». فقد شدد نتنياهو قائلا: «نحن نعمل عندما تكون حاجة للعمل، هنا من خلف الحدود، عشرات الغارات لمنع وصول السلاح محطم التعادل الى (حزب الله)»، وقصد اساسا الصواريخ بعيدة المدى، الصواريخ المضادة للطائرات، وأجهزة الرادار. وبالمناسبة، غاب عن الجولة وزير الدفاع، موشيه يعلون، الذي على أي حال لم يكن شريكا في قرار رئيس الوزراء الكشف عن المعلومات، ورئيس الاركان جادي آيزنكوت، الذي يتواجد في زيارة الى ايطاليا. وتجدر الاشارة الى أن نتنياهو سبق أن قال قبل نحو اربعة اشهر ان اسرائيل تعمل «لمنع تحويل سورية الى جبهة ضدنا»، اما هذه المرة فان أقواله اكثر وضوحاً وجلاءً. من الواضح أن نظام الاسد، و»حزب الله» ايضا، لن يستطيبا ما قاله نتنياهو. فأقواله تعرضهما في ضعفهما، كمن لا يستطيعان الرد على غارات سلاح الجو. من الواضح أن ليس للاسد و»حزب الله» أي رغبة او نية، حتى لو كانت لديهما القدرة، لمهاجمة اسرائيل، وان كانت تخرق سيادة سورية، او ما تبقى من هذه السيادة. ولا يزال ميزان الرعب والردع الهش بين اسرائيل والتنظيم الشيعي في لبنان ونظام الاسد قائماً، لذا فقد أخذ رئيس الوزراء هنا مخاطرة كبيرة. هذه ليست المرة الاولى التي يقرر فيها نتنياهو الكشف عن اسرار دولة، هكذا فجأة، دون سبب ظاهر للعيان، باستثناء الرغبة في تحقيق مكاسب سياسية داخلية. فقد فعل هذا حين كان رئيس المعارضة، في 1995، حين كشف من على منصة الكنيست عن وثيقة وضعها العميد تسفي شتاوبر، رئيس الدائرة الاستراتيجية في شعبة التخطيط في الجيش الاسرائيلي، قبيل لقاء رئيس الاركان أمنون ليبكن - شاحاك مع نظيره السوري. لسياسة «الغموض»، والتي بموجبها تهاجم اسرائيل في سورية ولكنها لا تعلن المسؤولية عن ذلك، كان منطق سليم. فهي ترمي الى تحقيق الاهداف العسكرية المتمثلة بمنع نقل السلاح المتطور، ولكن في الوقت ذاته منع الاهانة العلنية لنظام الاسد و»حزب الله»، وبالتالي تقليص الاحتمال في أن يردا حفظا لكرامتهما، حتى وان كان الكثيرون في العالم يقدرون بان اسرائيل تقف خلف هذه الاعمال. من الصعب أن نعرف اذا كان نتنياهو قرر الكشف عن السر في اعقاب نقاش معمق مع المحافل المخولة الاعلى – وزير الدفاع، رئيس الاركان وشعبة الاستخبارات، حول معنى الاقوال، واذا كان نعم، فلماذا في هذا التوقيت. اما التوجهات للحصول على ايضاحات في هذا الموضوع من مكتب رئيس الوزراء فلم يستجب لها. وجاء من مكتب يعلون بانهم لا يتناولون في الاعلام ما يقال بين مكتب رئيس الوزراء ومكتب وزير الدفاع. شيء واحد واضح، الوضع في سورية لم يتغير مقارنة بالاشهر السابقة. ذلك، باستثناء حقيقة أنه يجري هناك وقف نار هش للغاية بين نظام الاسد ومنظمات الثوار، باستثناء «داعش» و»جبهة النصرة». في كل الاحوال، من الواضح أن الوضع على حدود سورية في هضبة الجولان لم يتغير، وعليه فان تصريح رئيس الوزراء يثير العجب.
عبداللهيان: هناك خطة لتحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار لبضعة أيام
02 نوفمبر 2023