عندما ينحاز القاضي الإسرائيلي لليميني ضد اليساري !

amira-hass
حجم الخط

القاضي دوف بلوك مقتنع بصدق بن تسيون غوفشتاين. وهذه الثقة توجد في أساس قراره تبرئة رئيس «لاهافاه» (منظمة منع الاندماج في الاراضي المقدسة) من تهمة الهجوم على نشيطين من منظمة «تعايش»، هما دانييل دوكورفيتش وعزرا ناوي. «أقبل الادعاء»، كتب بلوك في قراره، «بأن المتهم شعر بالخطر الفعلي عليه وعلى سكان الحي الذين كانوا قريبين منه حينما قرر عزرا ودانييل تسلق الجدار والدخول بهذه الطريقة المثيرة للشكوك. المتهم أخطأ فيما يتعلق بسبب دخولهم الى الحاضرة... وهكذا فان اساس الخطر الفعلي والشعور الشخصي لدى المتهم كانا موجودين». ولم يتم نفي الهجوم، وهو موثق وحدث أمام رجال الشرطة في شاي، في 2 آب 2008. وقد مرت سنتان حتى تكرمت وحدة الادعاء في شاي وقدمت لائحة اتهام، الامر الذي حدث بعد الحاح من تم الهجوم عليهما. وقد استمرت المحكمة فترة طويلة، ومنحت التبرئة لغوفشتاين، الاحد الماضي. لائحة الاتهام ليست كاملة وهي مليئة بالاخطاء. وهذه شهادة على أن وحدة الادعاء لم تبذل جهدها. لذلك سأقوم بتلخيص الاحداث: نشيط آخر من «تعايش» تم اعتقاله في ذلك الصباح عندما انضم الى الاحتجاج بسبب اغلاق طريق يربط بين قريتين صغيرتين. هذا هو حل الجيش منذ سنوات: المستوطنون يتعرضون للعمال الفلسطينيين. وقد تم اغلاق الطريق أمام الفلسطينيين. ناوي ذهب لأخذ المعتقل المطلق سراحه في مركز الشرطة في شاي، وطلب من الدكتور ديكوروفيتش أن يرافقه من اجل فحص اطفال فلسطينيين. وكان يرافقهما نشيطان آخران. مستوطنة جفعات هأفوت الصغيرة التي يعيش فيها غوفشتاين تطل على مركز الشرطة. دخل النشطاء بالسيارة عن طريق بوابة المستوطنة لأن هذه هي الطريق الوحيدة المؤدية الى مركز الشرطة. ولاحظوا عدداً كبيرا من اولاد المستوطنين الذين يرشقون الحجارة على منزل عائلة الجعبري القريب. ورغم القرب من مركز الشرطة ووجود بالغين ورجال شرطة في المكان، إلا أن أحدا لم يطلب من الاولاد التوقف. نشطاء «تعايش»، الذين هم الابطال الحقيقيون، سارعوا الى الصعود الى البوابة التي تفصل بين جفعات أفوت وبين منطقة الجعبري للوقوف الى جانب العائلة المعتدى عليها. وكان وجودهم وتدخلهم قد ألزم الجنود بتفريق المستوطنين الذين يرشقون الحجارة. وقد لاحظ النشطاء في حينه أن عددا من المستوطنين يتحركون بالقرب من السيارة بشكل مشبوه. واكتشفوا بعد ذلك أنهم قاموا بتخريب اطارات السيارة وأخذوا حقيبة الدكتور دوكوروفيتش. وعند رجوعهم الى السيارة قاموا بتسلق البوابة المغلقة والفاصلة. وهنا هاجمهم غوفشتاين. وقامت الشرطة باعتقال النشطاء. هذه الحقائق تجاهلها القاضي. واهتم فقط بمشاعر المهاجم الذي وصف نشاطه قبل سنة، ردا على توصية للشرطة بمحاكمته بسبب التحريض على خلفية عنصرية، بالطريقة التالية: «أنا أُمثل توراة اسرائيل التي علمتنا ما هو الفرق بين اسرائيل وبين الشعوب الاخرى». إن ثقة القاضي بغوفشتاين مقرونة بعملية متداخلة من الفصل والتميز. فهو يفصل المتهم الذي أمامه عن الصورة الاعلامية المعروفة جدا. وهناك من سيعتبر ذلك أمرا موضوعيا أو مهنيا. إن القاضي يوافق على المشاعر التي يتحدث عنها غوفشتاين، الامر الذي يسمح له بتصوير واقع امكانية الهجوم عليه من قبل العرب والنشطاء، وفي الوقت نفسه يتجاهل القاضي الحقائق الموضوعية التي جعلت من تم الهجوم عليهم يذهبون الى الخليل والمستوطنات. وبموافقته على ادعاء غوفشتاين فان القاضي يقوم بالتمييز بين من تم الهجوم عليه والمهاجِم. بين المستوطن وبين المتهم بالعربية أو اليسارية. بين اسرائيل وبين باقي الشعوب.