جورج حبش لا يرضى!..............بكر أبو بكر

11058396_971318802908519_2880325301509037643_n
حجم الخط
 

في ظل اختلاط المفاهيم وعدم القدرة على الرؤية تمتزج المواقف المتضادة معا في نسيج بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وعندما تختلط المفاهيم فأنت لا تملك القدرة على التمييز بين اليمين واليسار، فصباحا قد يكون (المختلط عليه الأمر) يمينيا ثم ينقلب في المساء يساريا متطرفا .

ان التقلبات السياسية السريعة هي في حقيقتها افتقاد للمنهج والرؤية، وهي قد تكون رغبة في التميز والتمايز وإظهار الذات، وقد تكون صراعات داخلية داخل الفصيل تعبر عن ذاتها وفق الأهواء الحزبية أو (مزاج) الناس وليس وفق مسؤولية التنظيم السياسي الأساسية في توعية أوتوجيه وإقناع وقيادة الجماهير.

صادفتنا في الايام القليلة الماضية مجموعة من المواقف سواء من فصيل "حماس" أو "الشعبية" اقتربت من حالة اختلاط المفاهيم وفقدان الوزن فأصبح الهجوم على الرئيس أبو مازن فرضا وليس سُنّة (فرض الهجوم والتشهير والفتنة تطبل له قناة "حماس" الفضائية من غزة منذ سنوات بلا توقف وبشكل ان أحسنا اللفظ بوصفه فهو قلة أدب) ، وأصبح التعاطي مع العدو سُنة وليس فرضا فلك أن ترى منع فصيل "حماس" لمهرجان ضد الانقسام وبالقوة في غزة منعا للتجمهر في ذات الوقت الذي تسمح بمهاجمة الرئيس بحيث أن مبرر منع التجمهر يصبح متداعيا عندما يوجه ضد العدو الأول أي السلطة الوطنية ورأسها؟! ولكن مبرر المنع يعود ليكتّف أي عمل شعبي أو وطني أو فصائلي، حيث ترى العجب من الفصائل في المقابل فتبرز لغة لطيفة في تعاملها مع منعها من مهرجان ضد الانقسام في غزة، بينما تصرخ بالخيانة في تظاهرة ضد (الكيان الشقيق في الضفة)؟

أن تصبح عبارة (حسبي الله ونعم الوكيل) في غزة مدعاة للغرامة أو السجن ليس غريبا في حال اختلاط المفاهيم، وفقدان البوصلة وتحكم الهوى والتلاعب بعقول الناس،وحين يصبح الانتحار يمر مرور الكرام كما الاعتقالات ومنع إطلاق الصواريخ من الحدود في ظل النشوة بشعار المقاومة العسكرية؟!

أم تراه غريبا حين تفرض الاتاوات على الناس؟! وحين يصبح العقل مفتوحا فقط لسلب مال الناس واستقرارهم وكرامتهم تحت اسم "قوانين" ما هو مسموح في ظل الايدي المتوضنة بل ويحض علبه.

يكتب د.موسى أبو مرزوق ضد المحكمة الدستورية وله رأيه الذي نحترمه فيه قطعا سواء وافقناه أو اختلفنا معه، لكن دون أن يشير الدكتور لا هو ولا حزبه للحطة أن سواد ليالينا جاء مع انقلابه العسكري على السلطة عام 2007 ومازال متشبثا بالسلطة بأسنانه ، وهو الذي يرفض أوسلو مع الفصائل الأخرى لكنهم يصرون على نتائجها من معاشات وامتيازات في خلط غير مفهوم ولا مبرر ما بين الثوري والمقاوم وبين السلطة والامتيازات التي يعيرون بها حركة فتح فقط؟!

وفي اطار اختلال المفاهيم وفقدان الاتزان والرؤية تصرخ الفضائيات مؤيدة لما تسميه (انتفاضة) القدس، وهي ومن وراءها من أحزاب لا تقدم شيئا لهذه الانتفاضة لا دعما ولا تنظيما ولا وحدة ولا احتضانا بحيث أن واقع الحال لديها يقول كم الآية الكريمة (فاذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا لقاعدون).

قال حكيم الثورة جورج حبش (ان المقاتل غير الواعي سياسيا كمن يوجه فوهة البندقية نحو صدره) ولا نقبل لفصيل عريق مثل الجبهة الشعبية أن يكون هذا حاله أبدا فيتوه ويغيب عن المسيرة الوطنية في حالة (فقدان الوعي السياسي) وتمييز الاستراتيجي والتكتيكي.

في حالة فقدان الوعي السياسي كما أسماها الحكيم تصبح المواقف السياسية غير ثابتة على أرضية صلبة ، وتصبح صيحات الغوغاء محرك القيادة بلا تمحيص أو وعي، فهي لا تمتلك رؤية أو استراتيجية فكيف لها أن تنشد صلابة الارضية وصحة المواقف.

الاشاعات والمبالغات والأكاذيب لا تنتهي لزمرة اتقنت ذلك لهدف وحيد هو منع التواصل بين رئتي فلسطين (أي الضفة وغزة) وقتل أي سعي لتحقيق الدولة، وفي سعي لإدامة الانقلاب في غزة ما دام فسطاط الحق الأوحد مسيطرا مهيمنا إلا الأبد، وهذه الزمرة في مختلف الفصائل وعلى رأسها الاغلبية من تلك الزمرة في غزة التابعة لجزء في "حماس" لا يتم مواجهتها وكشفها وتعريتها كاستراتيجية وطنية تبغي الوحدة بل بدلا من ذلك يتم التساوق معها خوفا وطمعا فيصبح تقليص المخصصات عن كافة الفصائل او تأجيل صرفها مدعاة للتساوق مع هذه الزمرة فأين الرؤية الاستراتيجية وأين الأرضية الصلبة.

من المهم أن نغرس وعيا وفهما متجددا، ومن المهم لدينا في كافة الفصائل أن نعود لتحديد حقيقة المشروع الوطني في الإطار العربي الأوسع والعالمي في ظل أن العدو الرئيس مازال هو هو، وفي ظل أن الثانويات إما تُذاب أو تؤجل في أوان المواجهة، والا يصدق فينا حالة التيه وقول الحكيم.