نسأل أنفسنا ماذا ينتظر زعماء السلطة الفلسطينية هذه المرة من خلال توجههم الدوري إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة؟ نتساءل، ليس لأننا اعتدنا هذه التوجهات أو أخرى شبيهة بها، وإنما في الأساس للنظر فيما تغير في المحيط القريب والبعيد كي يعطي هذا التوجه ثماره، على الأقل من الناحية الفلسطينية.
ونذكّر بأن البنود الأساسية في المسودة تتحدث عن لاقانونية المستوطنات في «يهودا» و»السامرة»، وعن الوقف الفوري للبناء فيها.
جرى التوجه الأخير للفلسطينيين إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة في شباط2011.
أيد نحو 14 عضواً القرار الذي جاء فيه من بين أمور أخرى، أن المستوطنات غير قانونية، ويومها استخدمت الولايات المتحدة الفيتو.
ويجدر التذكير أن هذه كانت المرة الوحيدة طوال فترة ولاية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التي استخدم فيها أوباما الفيتو في الموضوع الفلسطيني.
ماذا تغير منذ ذلك الحين؟
أولاً، لم تنجح محاولات إضافية من جانب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حتى الآن، سواء بسبب عدم فهم المسائل المركزية أو بسبب الرفض الفلسطيني.
ثانياً، أوباما نفسه قال قبل بضعة أسابيع إنه خلال ولايته لن تقوم دولة فلسطينية.
ثالثاً، الشرق الأوسط تغير تقريباً بحيث أصبح من الصعب التعرف إليه. دول عربية مصدر حدودها وتركيبتها السكانية التقسيم الاستعماري في منتصف القرن الماضي، تبدو مختلفة تماماً.
وتغيّر التوازن بين الدول العربية كلياً، وبدأت تتشكل تحالفات خيالية أمام أعين علماء السياسة، وتراجع الاهتمام بالموضوع الفلسطيني إلى الصفحات الأخيرة في الصحف، هذا إن ذُكر.
من ناحية إسرائيل هل تكفي المحافظة على السلبية وانتظار أن تنتهي المسألة من تلقاء ذاتها؟ بالتأكيد، كلا. أفترض أنه توجد اتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن نذكر بأنه إذا طرح مجدداً اقتراح القرار الفلسطيني فإن فرص أن تتصرف الولايات المتحدة كما في الماضي وتستخدم الفيتو كبيرة للغاية.
لماذا؟ لأن العلاقات بين الدول لا تتفكك في مجرد يوم، حتى لو بدت هذه العلاقات من الخارج وفي صفحات التاريخ وكأنها انقطعت تماماً، وينطبق هذا بالتأكيد على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
صحيح أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حافلة بالتقلبات والصعود والهبوط، لكن في نهاية الأمر العلاقة القائمة هي علاقة احترام ومساعدة متبادلة. فعلى سبيل المثال، على الرغم من قول دونالد ترامب إنه سيتعين على إسرائيل أن تدفع مقابلاً لأموال المساعدات، فمن المعروف أن المساعدة الأميركية هي جزء من شبكة العلاقات التي من خلالها تساعد إسرائيل الولايات المتحدة في مجالات كثيرة بصفتها حليفة لها.
لقد أظهر الواقع الناشئ في الشرق الأوسط للإدارة الأميركية أن المطلوب الصبر وأيضاً الحذر في محاولة المضي في حل مفروض.
وتدل التجربة على حقيقة مريرة تتجسد في ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط منذ خطاب أوباما الشهير في جامعة القاهرة قبل تسعة أعوام تقريباً.
إن حذر أوباما وتصريحه بأنه لن يجري التوصل إلى حل خلال فترة ولايته ينبعان بصورة أساسية من إدراك تعود جذوره إلى الرفض الفلسطيني المتواصل للتسوية.
وباستثناء التصريحات غير المنطقية التي لا أساس لها للمرشح الديموقراطي بارني سندرز بأنه يجب نقل مركز الثقل من الدعم «الأعمى» لإسرائيل إلى دعم الفلسطينيين، فإن موقف الولايات المتحدة لم يتغير بصورة راديكالية.
يعني هذا كله أنه لا مجال اليوم لحدوث تغير مفاجئ في توجه الولايات المتحدة، ولا مجال لامتناع أوباما عن استخدام الفيتو الآن.
عن «إسرائيل اليوم»