منظمة "من يربح من الاحتلال".. العمود الفقري لـ"بي.دي.اس"

501
حجم الخط

خدمات الحراسة والأمن التي تقدمها شركة «غلشان شفكيم» لمجالس محلية كثيرة في «يهودا» و»السامرة» ليست سرية. ففي بداية تشرين الثاني الماضي هاجمت «مخربة» عربية أحد حراس الشركة في بوابة مستوطنة «بيتار عيليت» وأصابته اصابة طفيفة. قام الحارس باطلاق النار عليها، ونجح في تحييدها. وقبل شهر فقط أطلق حارس آخر النار على سيارة كان فيها «مخربون» قاموا باطلاق النار على حافلة «إيغد» في مفترق «راموت». يعمل حراس «غلشان» في اماكن كثيرة في «يهودا» و»السامرة» مثل «جفعات زئيف وغوش عصيون وأدام وكريات أربع». قبل ثلاثة أشهر فقط أدرك المدير العام للشركة، موران راز، أن أحدا ما لا يحب العمل الذي تستثمر فيه الشركة في مناطق «يهودا» و»السامرة» وتندمج في توفير الحماية لمواطني اسرائيل هناك. وقد وضعت على طاولة راز في كانون الثاني الماضي رسالة موقعة باسم منظمة «من يربح من الاحتلال». «طاقم الجمعية» منح «غلشان» مهلة ثلاثة اسابيع للرد على المعلومات التي تفيد بأن الشركة تعمل في «المناطق». أبلغ طاقم «من يربح من الاحتلال» راز بنيته إدراج الشركة في قائمة الشركات التي تعمل في المستوطنات وفي مناطق «يهودا» و»السامرة» والجولان وشرقي القدس، في اسرائيل والخارج. ولم تكن لراز أي مشكلة مع هذا التهديد الضمني. فشركته لا تعمل في الخارج، لهذا لم يخش من أن يقرأ أحد هذه القائمة ويقوم بمقاطعة «غلشان». هناك شركات اسرائيلية تعمل في الخارج مثل شركة مواد التجميل «أهافا» أو شركات اجنبية تعمل في البلاد مثل شركة الحراسة «جي.فور.اس». هذه الشركات تضررت بشكل كبير. فقد أعلنت سيدة الاعمال، افيغيل دسني، أنها تتنازل عن ارباح مصنع «أهافا» بعد اتهام الشركة من قبل «من يربح من الاحتلال» بأنها «تستخرج الطين من المناطق الفلسطينية المحتلة، وتستغل المصادر الطبيعية للفلسطينيين». لقد ألغى البرلمان الاوروبي اتفاقيات له مع شركة الحراسة الدولية «جي.فور.اس» في اعقاب رسائل وضغوط مورست عليه من منظمات مختلفة بناء على معلومات من «من يربح من الاحتلال». وفي التقرير المشترك لـ»من يربح من الاحتلال» و»اتحاد نساء للسلام» تم ذكر شركة القطارات «دويتشا بان»، وهي احدى الشركات التي كانت شريكة في مشروع خط القطار السريع بين تل ابيب والقدس، وتركت المشروع بعد أن تبين أن جزءاً من هذا الخط يمر خارج الخط الاخضر. «من يربح من الاحتلال» اضافة الى «اتحاد نساء للسلام» يقودان لوبي من اجل الغاء اتفاق التجارة مع صناعة الادوية الاسرائيلية. لا تعمل منظمة «من يربح من الاحتلال» بشكل مباشر. فهي توفر الحقائق وتكتفي بنشر المعلومات عن الشركات الاسرائيلية التي تتصل اقتصاديا بمناطق «يهودا» و»السامرة» وشرقي القدس والجولان. ورغم ذلك فان مغزى نشاطها صعب: دخول شركة الى قائمة «من يربح من الاحتلال» يعرضها بشكل فوري لحملة الـ»بي.دي.اس» ولنشاط اللوبي الفعال الذي يضر بعملها. أسماء المحققين سرية في هذه الآونة تنشر منظمة «ان.جي.أو مونتر» تقريرا عن منظمة «من يربح من الاحتلال» وتصفها بأنها العمود الفقري لـ «بي.دي.اس – الحملة من اجل مقاطعة اسرائيل في المجالات الاقتصادية والاكاديمية والثقافية. وتعمل «ان.جي.أو مونتر» على نشر المعلومات والتحقيقات والانتقادات للمنظمات غير الحكومية في ارجاء العالم، التي تقوم بمصادرة حقوق الشعب اليهودي في تقرير مصيره ومقاطعة اسرائيل، واحيانا رفض وجود الدولة بذريعة العمل من اجل حقوق الانسان. في هذه المرة، تقوم «ان.جي.أو مونتر» بالاسهام في الحقيقة غير المعروفة، وهي أن معلومات «بي.دي.اس» تأتي من اسرائيل وأن المؤسسين هم اسرائيليون. ايتي رؤوبيني، الذي كتب تقريرا حول «من يربح من الاحتلال»، يشير الى كونها منظمة اسرائيلية، وهذا يمنحها المصداقية الخاصة في اوساط من يؤيدون «بي.دي.اس» في العالم. مشروع «من يربح من الاحتلال» تأسس في العام 2007 على يد ائتلاف «نساء للسلام»، وهي منظمة فلسطينية - اسرائيلية تدافع عن حقوق المرأة. وقد استجابت «لدعوة الفلسطينيين للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل». وبعد ذلك بست سنوات تحولت «من يربح من الاحتلال» الى جمعية مستقلة لكنها استمرت في تعاونها مع اتحاد «نساء من اجل السلام». اعضاء المنظمة لا يكشفون عن أنفسهم، وهم لا يذكرون في الانترنت أو في رسائل المنظمة الرسمية. وحسب مسجل الجمعيات فان «من يربح من الاحتلال» أنشئت على يد ايتسل متسنماكر ورونا موران ويارا ساديا واناس الياس ودبورا ليرمان وعنات مطر وهناء عمرية. يسهب تقرير «ان.جي» في الحديث عن شخصية اخرى هي داليا باوم وهي من مؤسسي المشروع، عندما كانت منظمة «من يربح من الاحتلال» ما زالت تعمل في اطار اتحاد «نساء من اجل السلام». تعتبر باوم الآن هي المركزة لخطة الشرق الاوسط للجنة الخدمات لـ»الاعضاء الكافكاريين الأميركيين». هذه المنظمة كما تقول «ان.جي» «تسعى الى فرض المقاطعة على اسرائيل وتقوم بالمقارنة بين ما تقوم به في الابرتهايد من اجل وصف الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين، وتعمل من اجل حق العودة للفلسطينيين. وتلك المنظمة تمول ايضا بشكل علني منظمات في اسرائيل تؤيد رفض الخدمة العسكرية من قبل اليهود والدروز. باوم، حسب التقرير الجديد، كانت عضوا في اللجنة الادارية للجمعية المتطرفة «نتذكر» التي تعارض وجود دولة اسرائيل كدولة قومية يهودية. وقد تم انشاء المنظمة من اجل «الاعتراف بمسؤولية الجمهور اليهودي في اسرائيل عن النكبة ومن اجل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين». النكبة تُذكر ايضا في رسائل التحذير التي ترسلها منظمة «من يربح من الاحتلال». وهذه الرسائل تبين للشركات أن اعمالها تتعلق بـ»طرد الفلسطينيين من اراضيهم ومنازلهم، الامر الذي بدأ بنكبة 1948 وهو يستمر الى الآن من خلال سياسة سرقة الاراضي». أحد المؤسسين لمنظمة «من يربح من الاحتلال»، الدكتورة عنات مطر، وهي نشيطة في «تعايش» وكانت عضواً في منتدى آباء رافضي الخدمة. وقد أقامت اللجنة الاسرائيلية من اجل الأسرى الفلسطينيين. وقد أيدت مطر في السابق المقاطعة الاكاديمية لجامعة اريئيل. من صندوق التقاعد إلى الهاتف المحمول تذكير: في أيار 2015 وصلت حملة الـ»بي.دي.اس» ضد الشركة الفرنسية «اورانج» ذروتها مع شركة «بارتنر». المنظمات التي شاركت في هذه الحملة هي «من يربح من الاحتلال» والمنظمة الفلسطينية «الحق» اضافة الى ثلاث منظمات فرنسية لها تاريخ طويل في حملة سلب شرعية اسرائيل. في موقع «من يربح من الاحتلال» توجد صفحة مخصصة لشركة «بارتنر» وتعكس أجندة سياسية لا ترتبط بالتدخل التجاري لـ»بارتنر» في «يهودا» و»السامرة» والجولان. الاخطاء الكبيرة التي تتهم بها «بارتنر» هي اعطاء التغطية لوحدتين عسكريتين اسرائيليتين على مدى سنوات في اطار مشروع «تبنى جنديا»، وتقوم بدعم وحدة مدرعات ووحدة انقاذ من خلال تمويل ايام رياضية وتدريبات. «في صيف 2014 كانت بارتنر – اورانج في خط المواجهة الامامي، حيث قدمت خدمات هاتفية للجنود الاسرائيليين وتخفيض الاسعار للجنود الذين قاتلوا في غزة في 2014 العام». هناك معلومات اخرى نشرتها «من يربح من الاحتلال» عن شركة «مكوروت». قالت «ان.جي» إن «من يربح من الاحتلال» اتهمت مكوروت كذبا بأنها تميز ضد الفلسطينيين في مجال المياه ومنع تطوير البنى التحتية لشبكة المياه الفلسطينية وتقييد كميات المياه المعطاة للمناطق الفلسطينية. هذه المعلومات شكلت الاساس لحملات ضد التعاون المخطط له بين «مكوروت» وبين اتحاد المياه الهولندي وشركة المياه البريطانية. أحد نجاحات «من يربح من الاحتلال» البارزة كانت مع شركة «صودا ستريم» التي تنتج ادوات منزلية لتحضير المشروبات الغازية وهي تعمل في 42 دولة وعدد زبائنها يبلغ 10 ملايين شخص. في اعقاب نشر المعلومات عن «صودا ستريم» ونشاطها في «المستوطنات غير القانونية»، أغلقت «صودا ستريم» المصنع في «ميشور ادوميم»، وتم فصل مئات العمال ومنهم عمال فلسطينيون. يوجد لـ»من يربح من الاحتلال» قائمة لـ 500 جهة أو شركة تعمل بهذه الطريقة أو تلك في «المناطق» أو تقوم بتقديم خدمات للسكان والدولة هناك، منها «بيزك» و»انجل واريسون للاستثمارات» وشركة باطون عطروت وشركة عيدان وبنوك وغيرها. وحسب تقرير «من يربح من الاحتلال» الذي قامت بتقديمه لمسجل الجمعيات فقد حصلت في السنوات 2014 – 2015 من دول اجنبية على مبلغ 1.477.350 شيكل. وجميع هذه التبرعات تأتي من اجل تمويل الابحاث. معطيات «ان.جي» تكشف أن المبالغ الطائلة تأتي من منظمة المساعدة الكنسية في هولندا التي منحت أكثر من مليون شيكل وتبرعت في السابق لـ»نحطم الصمت» وبعد عملية «الرصاص المصبوب» كانت ثمة صلة بين «نحطم الصمت» وبين الحصول على 90 شهادة لجنود كل سنة حول ما يحدث في مناطق «يهودا» و»السامرة». التنظيم الكنسي الهولندي يمول ايضا «الانتفاضة الالكترونية»، وهو موقع للانترنت مناهض لاسرائيل، ويسعى الى مقاطعة اسرائيل ويرفض الصلة التاريخية للشعب اليهودي بـ»ارض اسرائيل». جهة كنسية اخرى تتبرع لـ»من يربح من الاحتلال» هي «تروكارا». وقد تبرعت في تلك الفترة بـ 181 ألف شيكل. وهي نفسها تمول من حكومة ايرلندا، وتؤيد مقاطعة اسرائيل وتعمل على قطاع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل. وخلافا لسياسة حكومة ايرلندا فان «تروكارا» تقوم بحملة من اجل فرض العقوبات على اسرائيل من خلال تجميد اتفاق التجارة بين اسرائيل وبين الاتحاد الاوروبي. وقد حاولت ايضا منع انضمام اسرائيل الى منظمة الدول الصناعية المتقدمة. بنك اهداف المنظمة ايتي رؤوبيني، الذي كتب التقرير الجديد عن «من يربح من الاحتلال» يقول إن هذه المنظمة تدعم حملة «بي.دي.اس» في الشبكات الاجتماعية، وقد ذكرت في جميع تقارير هذه الحملة. وهو يذكر في الوثيقة المشتركة التي صيغت في 2015 بين اتحاد «نساء من اجل السلام» وبين «من يربح من الاحتلال» تمويلا غير مباشر من الحكومة السويدية. هذه الوثيقة المشتركة تتحدث عن ارباح الاتحادات الاسرائيلية والدولية من «الاحتلال». ويتحدث رؤوبيني ايضا عن رسائل تم ارسالها من طاقم جمعية «من يربح من الاحتلال» الى المشاريع الاسرائيلية عن ضمها الى قائمة المنظمة. وفي هذه الرسائل تقول «من يربح من الاحتلال» إنها «معهد ابحاث يسعى الى الكشف عن التدخل التجاري للشركات بالسيطرة الاسرائيلية المتواصلة على اراض فلسطينية وسورية». يشير رؤوبيني الى أنه في موقع المنظمة وفي التقارير، الرسائل، والوثائق، لا تشمل اسماء عاملين وباحثين، بل يتم كتابة «طاقم من يربح من الاحتلال» الذين لهم أجندة واضحة، حيث يتم ذكر نكبة 1948 مثلا. ويوجد للمنظمة بنك أهداف يساعد منظمة «بي.دي.اس» في العمل على مقاطعة اسرائيل وفرض العقوبات عليها. وقال رئيس معهد ابحاث «ان.جي. مونتر»، البروفيسور جيرالد شتاينبرغ، إن «من يقود (بي.دي.اس) هم النشطاء المتطرفون في منظمة من يربح من الاحتلال على اختلاف اشكالها، بما في ذلك اتحاد نساء من اجل السلام. الحملات المخيفة يتم تمويلها من دافعي الضرائب في هولندا وألمانيا وايرلندا واماكن اخرى، حيث يتم نقل الاموال بشكل رسمي الى منظمات كنسية معادية لاسرائيل. ويتم حرف هذه الاموال سرا الى نشطاء راديكاليين، حيث تأسس الامر على الكراهية العمياء لاسرائيل. وهذا هو الشكل الحديث للاسامية الكلاسيكية». اذا أرادوا سيردون جميع المحاولات التي قمنا بها من اجل الحصول على رد «من يربح من الاحتلال» حول تقرير «ان.جي.مونتر» لم تنجح. وفي بداية الاسبوع اجريت مكاملة هاتفية مع استر متسنماكر، التي هي من مؤسسي المنظمة. وأرسلت رسالة الكترونية لها كي ترد عليها، إلا أنها حولتني الى البريد الالكتروني الخاص بالجمعية وقالت «أرسل اليهم، واذا أرادوا فسيردون». وطلبت معرفة الى من أتوجه هناك، لكنها لم تعطيني أسماء وكررت «أرسل. واذا أرادوا سيردون». البنود الاساسية الواردة في المقال مع بعض الاسئلة تم ارسالها بالبريد الالكتروني عدداً من المرات، لكنها لم تحظ بأي رد. وعن طريق الفيسبوك ايضا لم يكن أي رد. وقمنا بارسال رسالة خطية لـ «استر» ذكرنا فيها الرسالة الالكترونية التي قمنا بارسالها للمنظمة، ولم ترد ايضا. وفي موقع «من يربح من الاحتلال» الرسمي لا تظهر اسماء المديرين أو الباحثين. الاسئلة التي قمنا بتوجيهها للجمعية تتعلق بالمعلومات الواردة في تقرير «ان.جي.مونتر» وحول نشاط «من يربح من الاحتلال» ضد شركات اسرائيلية تعمل وراء الخط الاخضر. ومصادر التمويل والعلاقة مع «بي.دي.اس». وسألنا لماذا تُذكر النكبة، وهل وجود دولة اسرائيل كدولة قومية لليهود مقبول بالنسبة اليهم، ولماذا هناك شركات تعتبر مثالا للتعايش وتقوم بتشغيل الفلسطينيين والاسرائيليين بشكل متساو. وحتى كتابة هذه السطور لم يصل أي رد من منظمة «من يربح من الاحتلال».