يملك بوب غيتس وضعية غير عادية في النقاش حول السياسة الخارجية لإدارة أوباما: كان وزيرا للدفاع في عهد رئيس صقوري، هو جورج بوش الابن، ثم بعد ذلك في إدارة رئيس متحفظ، هو باراك أوباما. كان يدرك رغبة بوش في استخدام القوة كما خبر تردد أوباما.
يضع غيتس بشكل مميز أرضية مشتركة في النقاش الدائر منذ مقال جيفري غولدبيرغ في مجلة «أتلانتيك» الذي يعالج فيه تردد أوباما في استخدام القوة العسكرية في سوريا، والشرق الأوسط على نطاق أوسع. قال غيتس إن سياسة أوباما الخارجية «ليست سيئة كما تبدو. إن الطريقة التي تقدم من خلالها هي ما يؤدي لإضعاف تأثيرها».
أوضح غيتس في مقابلة يوم الأربعاء أن «الطريقة التي تنجز بها الأمور تنقل التردد في تأكيد القوة الأميركية. تنتهي الأمور في المكان الصحيح في كثير من الأحيان، لكن في توقيت متأخر وبفعالية أقل. يتم اتخاذ القرارات خطوة خطوة. وهي تقدم صورة بأن (الرئيس) يجد نفسه في كل مرحلة مضطرًا إلى التكيف مع التغيرات، وهذا يضعف تنفيذ ما فعله».
انتقد غيتس طريقة تنفيذ مجلس الأمن القومي الحالي للسياسات، ويدفع بأن «الإدارة الجزئية» التي يمارسها عدد كبير من مسؤولي مجلس الأمن القومي تعوق جهود أوباما لاستخدام القوة ضد تنظيم داعش أو احتواء الصين في بحر الصين الجنوبي.
انتقاد غيتس لمجلس الأمن القومي جدير بالملاحظة، لأنه عمل مساعدا لمستشار الأمن القومي، برنت سكوكروفت ضمن جهاز الأمن القومي في عهد جورج بوش الأب، الذي استشهد به أوباما كنموذج لكيفية إدارة السياسة. وفقًا لذلك المعيار، لمح غيتس إلى أن فريق مجلس الأمن القومي الحالي، بقيادة سوزان رايس، يحتاج لرفع مستوى أدائه.
أشاد غيتس بأوباما لتحركه باتجاه سياسات مدروسة بشكل أفضل من شأنها أن تبعث برسالة أقوى، مثل التوسع في استخدام القوات الخاصة على الأرض في سوريا والعراق. قال: «لست بحاجة لتهديدات كبيرة أو لفرض القوة، بقدر ما أنت بحاجة إلى الرغبة في إظهار أننا قادرون على التعامل بالقوة» متى لزم الأمر.
تأتي تصريحات غيتس في وقت يستعد فيه أوباما للسفر إلى أوروبا والشرق الأوسط للاجتماع بالحلفاء الذين أصبحوا أكثر انتقادًا لسياساته.
وأعقبت المقابلة مع غيتس كلمة ألقاها في الليلة السابقة، حلل فيها النزاع الدائر حول أيهما ينبغي أن يحكم السياسة الخارجية، «الواقعية» أم «المثالية». قال غيتس لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن السياسة الحكيمة هي التي تجمع بين قدر من كليهما.
وقال في كلمته: «ليس من قبيل النفاق ولا السخرية أن تؤمن بالحرية بشدة بينما تتبنى توجهات مختلفة لتعزيز الحرية في أوقات مختلفة - بما في ذلك إيجاد أرضية مشتركة بشكل مؤقت مع الحكام المستبدين لهزيمة التهديدات الأكبر».
عرض غيتس أمثلة على السياسة الواقعية التي مارسها كمدير لجهاز الاستخبارات المركزية ومسؤول بمجلس الأمن القومي. وقال إن عمليات «سي آي إيه» السرية كانت مفيدة للغاية في السنوات الأخيرة من الحرب الباردة.
ومع اقتراب نهاية المرحلة الأخيرة من الحرب الباردة في 1989، يتذكر غيتس أنه كلف مجموعة خاصة من مجلس الأمن القومي البدء بالتخطيط بشكل عاجل لمواجهة انهيار الاتحاد السوفياتي. وأقنعت تلك الدراسة صانعي السياسات بأنه ستكون هناك حاجة لحكومة مركزية قوية في موسكو بعد سقوط الشيوعية لمنع انتشار الأسلحة النووية.
ورأى غيتس أن هناك حاجة لوضوح استراتيجي مشابه الآن في التعامل مع «داعش». تحتاج الإدارة إلى تحديد «الحالة النهائية المرغوبة» بالنسبة لها في العراق وسوريا وتحريك السياسة باتجاه تحقيق هذا الهدف: «هل ما زلنا مؤيدين لدولة عراقية موحدة أم لشيء يميل أكثر نحو الفيدرالية؟ هل نريد دولة على كامل الأرض السورية، أم نرسل كل واحد إلى قاعدته الداخلية؟.. نحن لا نعرف ماذا نريد».
قدم غيتس آخر نصيحة: بسبب التصورات القائلة بأن أوباما كان مترددًا في استخدام القوة، «من الممكن أن يأتي رئيس يفتقر للموهبة ويفرط في رد الفعل، لا لشيء سوى تقليل هذا الانطباع.. خوفي هو أن يفرط ذلك الرئيس الجديد في رد الفعل».
* صحافي وروائي. وهو محرر مشارك وكاتب عمود في صحيفة "واشنطن بوست".
عن الشرق الاوسط