إن كان المسرح هو اكتشاف الذات من وجهة نظر الفنانة المسرحية "فاتن خوري" فإن اكتشاف جمالية احساسها الداخلي حلم لا ينتهي بالنسبة لها، فلضجيج ما هو مطلوب منها لاكتشاف ذاتها أكثر، تغرف ما بداخلها من جمالية لتقدمها للجمهور ارقى المشاهد المسرحية واكثرها تأثيرا للوصول الى ما تصبو اليه من تغيير ثوري على صعيد الفن المرئي والمسموع لتحدث قفزة نوعية نحن بحاجة لها كما هي بحاجة اليها ايضا، سيما وان مشاهد البشاعة تتعمق في مجتمعنا والمجتمعات العربية بفعل هجوم الظلام ولجوء الضوء الى الدفاع المستميت، لان رسالة النور اكبر من أن تنهزم، كذلك هي تؤمن أن رسالة مقاومتها الإنسانية للاحتلال، تصل عبر هذا الفن الثقافي المقاوم للبشاعة وللاحتلال معاً، كيف لا وهي ابنة الناصرة، المدينة الفلسطينية المقاومة عبر التاريخ.
فالبراعة في اتقان الأدوار في العمل المسرحي "لخوري" جعل منها فنانة واعدة، حيث يشعر المشاهد لقوة ادائها ، ان باستطاعتها ان تقدم اقوى مما قدمته سابقا على خشبة المسرح، ليس لحفظها للنص عن ظهر قلب، ولا لنبرة صوتها المتمكن، ولا لأداء جسدها المميز فحسب، بل لأن المشاهد يرى من خلال هذا الأداء ان ليس لحلمها نهاية في تقديم ما هو كفيل بإيصال العمل المسرحي في فلسطين الى الهدف المنشود بقوة النصوص المسرحية، وعبقرية إخراجها، ومتانة وجمالية الأداء.
فكرة بناء العمل المسرحيّ بوعي الفنانة "خوري" يعتبر عملا خلاقا في التحكم والتركيز ما بين ما يكتب في النص، وما هو الأكثر ملائمة في الأداء المسرحي، وما يختلجه عقل الفنان من عبقرية تخزين النص في الذاكرة لإخراجه أداء لا يقل عبقرية عن القدرة والاحتفاظ به أثناء ازدحام وضجيج الذاكرة.
"خوري" تسبح في فضاءات مسرحية فنية، ثقافية لا تنتهي، كما هو حلمها الذي لانهاية له، إلا برؤية وطنها كله محرراً وموحداً وينعم بالحرية، وبالسيادة ،والعدالة، والمساواة ،وبالكرامة الوطنية.