ما زال الحـــل التكـنــولــوجــي للأنـفـــاق بعــيــداً

20162104075307
حجم الخط

الكشف عن النفق من قطاع غزة الممتد إلى داخل اسرائيل عرّض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للهجوم من اليمين واليسار. فقد ظهر وكأنه يتغاضى عن الحاق الضرر بالسيادة الاسرائيلية، وهو يجد صعوبة في الدفاع عن سكان غلاف غزة من خطر الانفاق، وهو لم يحقق التصريحات الإسرائيلية في نهاية الحرب الأخيرة في صيف 2014، التي قالت إن الانفاق الهجومية ضد اسرائيل قد دمرت، وإنه لن يتم حفر انفاق جديدة الى داخل اسرائيل. وتقول التقديرات الاستخبارية إن «حماس» استأنفت حفر الانفاق ويبدو أن بعضها قد عبر حدود اسرائيل، الامر الذي يضع مصداقية وادعاءات نتنياهو السابقة موضع الشك.
في ظل الازمة السياسية المناوبة لنتنياهو، أخرج كرت ثبتت فعاليته وهو العبقري اليهودي. الامر الذي صاغه وزير الدفاع بحذر تحدث عنه رئيس الحكومة بتأكيد. أعلنت اسرائيل أنها الدولة الاولى في العالم التي حققت انطلاقة تكنولوجية عن طريق ايجاد الحل لانفاق «الارهاب».
اكتشاف النفق بالقرب من كيبوتس حوليت تم بالفعل بمساعدة تكنولوجيا جديدة. ولكن يبدو أن الاعلان عن اقتراب حل هذه المشكلة مبالغ فيه. فلا توجد بعد «قبة حديدية تحت ارضية»، قال نتنياهو. الدمج بين الافكار المختلفة والوسائل المختلفة للكشف عن الانفاق ما زال في المراحل الاولى. والقدرة على تمشيط كل المنطقة والكشف عن الانفاق التي تم حفرها بحاجة الى إثبات. وكانت تقديرات الجيش الاسرائيلي، أول من أمس، أنه سيمر عامان أو ثلاثة الى أن يتم نشر البنية التكنولوجية التي ستقوم بالعمل بشكل كامل.
وأضاف رئيس الحكومة أن اسرائيل استثمرت الكثير من الاموال في المشروع وستستمر في الاستثمار طالما وجدت حاجة لذلك.
تعتقد وزارة الدفاع أن تكلفة اقامة عائق جديد في حدود القطاع، الذي سيشمل ايضا جدارا فوق الارض ووسائل تحت الارض، ستبلغ حوالي 2.7 مليار شيقل على الاقل. ورغم النوايا الحسنة فانه لم يتم وضع بند في الميزانية بموافقة المالية. واذا أرادت اسرائيل الهدوء المتواصل مع «حماس» فهناك امور اخرى يجب عليها فعلها اضافة الى الكشف عن الانفاق وتجهيز الجيش لاحتمال الحرب. أحد المواضيع الملحة هو تحسين ظروف الحياة في القطاع، الفكرة التي أيدها وزراء في اليمين مؤخرا. ولكن هذا المجال بالذات لا يتم الاهتمام به، وكأن لنا كل الوقت وأن القطاع لن يشتعل لاسباب لا ترتبط بشكل مباشر بالانفاق.
رغم اللهجة الحربية التي تسمع في القدس منذ بداية الاسبوع، فان السياسة الاسرائيلية نحو القطاع بقيت كما هي. من الردود المتشددة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع موشيه يعلون وقادة الجيش الاسرائيلي، هناك عامل غائب وهو التهديد بعملية عسكرية فورية ردا على الكشف عن النفق. وبالفعل وبتوجيه من المستوى السياسي فان سياسة الجيش الاسرائيلي لن تتغير. الحكومة تطلب من الجيش توفير الهدوء المتواصل بقدر الامكان في القطاع.
إن استبعاد المواجهة العسكرية القادمة مع «حماس» سنة على الاقل ستجد المباركة في القدس. ويبدو أنه لا توجد لنتنياهو أي نية لاسقاط حكم «حماس»، وفي الاصل ليست له نية للمبادرة الى فعل أي شيء في القطاع. رئيس الحكومة ووزير الدفاع يتمسكان بتقدير أن «حماس» ضعيفة ومردوعة وأن البدائل الاخرى في القطاع أسوأ كثيرا (الفوضى ونظام مقرب من «داعش»)، أو أنها غير قابلة للتحقق (اعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع).

ليس هناك دليل على وجود «مهندس»
شاتيلا أبو عيادة، من سكان كفر قاسم، التي طعنت وأصابت مواطنة اسرائيلية في عملية طعن في المنطقة الصناعية في رأس العين في بداية نيسان، كانت لها خطة طموحة. في لائحة الاتهام التي قدمت ضدها، هذا الاسبوع، تزعم النيابة أنها تعلمت عبر الانترنت كيفية تصنيع عبوة، وخططت لوضع العبوة في مطعم في المنطقة الصناعية. وقد قامت بزيارة المطعم عددا من المرات من اجل التخطيط للعملية. وبعد فشل محاولاتها بتجهيز العبوة وفشلها في الحصول على السلاح، انتقلت الى الخطة البديلة وهي الطعن.
إن حالة أبو عيادة ليست استثنائية. ففي كثير من لوائح الاتهام التي صدرت مؤخرا هناك محاولات ناجحة احيانا في تحضير عبوات عبر الانترنت. من المعطيات الاولية للعملية في الباص في القدس والتي صدر أمر حظر نشر تفاصيلها، يبدو أن الحديث يدور عن حالة مشابهة. عدد المصابين القليل نسبيا لا يشبه ما كان في الانتفاضة الثانية حتى الآن على الاقل. ولا يوجد برهان على أن «حماس» قد جهزت «مهندساً» دمويا مثل «المخربين» الذين قاموا بتحضير العبوات للعمليات التي قتل فيها مئات الاسرائيليين في تلك السنوات.
أغلبية هؤلاء المهندسين تمت تصفيتهم أو اعتقلوا أو تم طردهم الى غزة في صفقة شاليت. في السنوات الاخيرة أدت جهود الامن الاسرائيلية  ضد خلايا «حماس» في الضفة الى الكشف عن عدد من الخلايا التي كانت في المراحل الاولى لتحضير عبوات ناسفة. وفي هذا المجال بالتحديد توجد لـ»الشاباك» تجربة غنية.
تهتم اسرائيل في الاشهر الاخيرة بعلاج «الذئاب المنفردين» الذين يعملون وحدهم، وليس كجزء من شبكة منظمة لها تسلسل هرمي. ومؤخرا حسنت الاستخبارات طريقة متابعة الشبكات الاجتماعية الفلسطينية في «المناطق». إن الكشف المبكر عن الشباب الذين يريدون تنفيذ العمليات يؤدي الى الكثير من الاعتقالات قبل التنفيذ، اضافة الى الخطوات المانعة للأجهزة الفلسطينية. إن الدمج بين المجالين الاسرائيلي والفلسطيني هو كما يبدو السبب في تراجع نسبة العمليات في الأشهر الأخيرة.
العملية في القدس تقلق الاجهزة الامنية ولكن لاسباب مختلفة. الاول هو النجاح الرمزي في تقليد الانتفاضة الثانية. والثاني يتعلق بالتوقيت. «الارهاب» يضرب القدس بعد اسابيع من الهدوء النسبي وقريبا من عيد الفصح. وعشية العيد يتوقع وجود توتر على خلفية العمل المكثف لمنظمات الحرم في الطرف الاسرائيلي، حيث سيصل الكثير من الزوار اليهود الى المكان وهناك دعوة  من الفلسطينيين لمقاومة ذلك. إن الميدان حساس جدا لاستفزاز الطرفين والعملية في الباص تزيد من خطورة تدهور الوضع.
على هذه الخلفية تتخذ القيادة الاسرائيلية خطوات كبح. وقد قام رئيس الدولة بعقد مؤتمر مع عدد من رجال الدين اليهود والمسلمين والمسيحيين لاجل تهدئة الخواطر. وأعلن المفتش العام للشرطة أنه سيستمر في منع زيارة اعضاء الكنيست الى الحرم. وقامت اسرائيل بارسال رسالة الى الملك عبد الله، ملك الاردن، تعهدت فيها بالحفاظ على الهدوء في الحرم وفي القدس. وقد تراجعت عمان، هذا الاسبوع، خطوة الى الوراء حينما أعلنت عن تجميد خطة وضع الكاميرات في الحرم على خلفية معارضة الفلسطينيين. وكما يبدو فان الاردنيين يريدون الانتظار ورؤية اذا كان التصعيد سيستأنف في القدس، قبل المخاطرة في الدخول في مواجهة مع السلطة الفلسطينية من اجل بث الصور بشكل مباشر من الحرم، حيث يبدو أن الوضع متوتر بما يكفي دون وضع الكاميرات.