التواصل جزء أساسي من العلاقات بين البشر. يعرف بأنه حالة من الفهم المتبادل بين نظامين أو كيانين، أحدهما يكون مرسلاً والآخر مستقبلاً على أن يتم تبادل الأدوار بين الإرسال والاستقبال. لكن بما أن المرسل والمستقبل هما كيانان مختلفان، بشخصيات مختلفة ومفاهيم مختلفة فإن مضموناً واحداً يمكن أن يتم فهمه بأشكال مختلفة.
الاختلاف هذا يتضاعف في حال كان طرفا التواصل هما ذكر وأنثى. بطبيعة الحال التواصل جزء أساسي من أي علاقة، لكن بما أن العبرة في الخواتيم فإن الخاتمة هنا هي أن النساء غالباً ما يخرجن بخلاصات ونتائج واستنتاجات لا علاقة لها بما كان الرجل يحاول قوله.
بالنسبة للنساء التواصل من خلال الكلام له أهميته الكبرى، وهذا جزء من طبيعتهن، أما بالنسبة للرجل فهو يعتمد أساليب مختلفة قائمة على الاختصار والوضوح. مبدأ لا يتوافق مع طبيعة النساء التحليلية التي لا يمكنها أن تتقبل أن جملة «تفاحة حمراء» قد تعني بالفعل أن التفاحة لونها أحمر.
فما هي أسباب وجود لغتين مختلفتين لجنسين مختلفين؟
بالنسبة إليه التواصل يجب أن يكون له هدفه الواضح. فكل حديث يجب أن يرتبط بمشكلة يجب حلها أو نقطة ما يجب إيضاحها. فأي نوع من التواصل بالنسبة للرجل هو طريقة للوصول إلى أصل المشكلة بأسرع وقت ممكن. في المقابل التواصل بالنسبة إليها طريقة لاكتشاف مشاعرها. كل حديث من وجهة نظرها هو وسيلة للمشاركة وفرصة لزيادة التقارب مع الشريك.
مثلاً حين تسألها إن كانت تعاني من خطب ما ستجيب بأنها بخير. لكن هذا وبما أن جوابها مرتبط بسياق عام فإن الجملة هذه تعني أنها في حالة من الغضب الشديد بحيث يمكنها قتل أحدهم، في المقابل حين تسألك السؤال نفسه وتجيبها الجواب نفسه فأنت تعني أنك بخير فعلاً.
لكن بما أن عقلها يعمل بطريقة مختلفة فهي لن تأخذ جوابك على ما هو عليه بل ستبدأ بالتحليل والاستنتاجات في محاولة لمعرفة ماذا يعني واقع أنك بخير.
اختلاف حول «الكمية»
عندما يريد أن يروي لها حادثة ما فهو يرويها بشكل مختصر، ويذكر النقاط الأساسية لها فقط والتي تدعم هدف القصة. أما بالنسبة إليها فهي تستخدم الحديث لمعرفة أي معلومات هي أساسية وأي مجرد إضافات لا أهمية لها وأحياناً ومن خلال حديثها تكتشف هدف القصة.
الرجل وفي حال كان يستمع إليها سيقاطعها حين يشعر بأنه حصل على ما يكفي من معلومات ويعرض الحل، أما بالنسبة إليها فهي لا تبحث عن حل، بل تبحث عن شخص يستمع ويتفهم مشاعرها.
مثلاً تسألك «كيف كان يومك؟ » جوابك بطبيعة الحال «جيد، كيف كان يومك؟» حينها ستدخل في التفاصيل وتتحدث عن كل شاردة وواردة. لهذا فهي لا ترتاح لجوابك المختصر؛ لأنها لا تتفهم بأن الرجل لا يريد إطلاقاً أن يعيش يومه مجدداً من خلال الحديث عن كل صغيرة وكبيرة . في هذه الحالة سيكون استنتاجها بأن هناك بعض الأمور التي تحاول أن تخفيها عنها، ما يجعلك مذنباً بنظرها.
هل تستمع حقا؟
عقل الرجل مبرمج على الاستنتاج بأن أي حديث عن أمر ما هو من أجل البحث عن الحلول أو النصائح أو لطلب المساعدة. أما عقلها فمبرمج للحديث عن مشاعرها؛ من أجل التخلص مما يزعجها فهي لا تريد الحل بل تحصل على راحتها النفسية من خلال مشاركة مشاعرها معك.
تقول لك «لا تستمع لما أقوله أبداً»، جوابك «كل ما أقوم به هو الاستماع؛ لأن كل ما تقومين به هو الكلام». بالطبع أنت تجيب بصمت هنا؛ لأنك تتمتع بما يكفي من الذكاء لتعرف أنه عليك ألا تقول ذلك بصوت مرتفع. عندما تتحدث امرأتان هناك الكثير من الأخذ والرد، لكن عندما ينخرط ذكر وأنثى في الحديث فإن الرجل يستمع بصمت؛ ما يجعلها تظن أنه لا يستمع إليها. الصمت هذا من وجهة نظرها قلة اكتراث وأنانية.
عند الشعور بالحزن
عندما يشعر الرجل بالحزن أو الإحباط فإن هدفه يكون الخروج من حالته تلك بأسرع وقت ممكن من خلال إيجاد الحلول لما يزعجه. وهو بالتأكيد لا يريد أن يتحدث عن مشاعره. أما حين تشعر هي بالحزن فهي تريد الحديث عن ذلك والتخلص من المشاعر السلبية وفي الوقت عينه الحصول على دعمه المعنوي والعاطفي.
الرجل لا يحب التواصل حين يكون منزعجاً بل كل ما يريده هو أن يترك وشأنه للتعامل مع الأمر، أما هي فتريد أن تعرف منك ما عليها فعله لجعلك تشعر بالتحسن. ولن تتقبل تركك وشأنك كحل. تركك وشأنك يعني بالنسبة إليها أنك تبعد نفسك عنها وهي بالتأكيد لا تتفهم كيف يمكن لشخص أن يفضل المعاناة بصمت على أن يشارك العبء مع شخص يحبه.