تحدث الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس وزراء قطر السابق، إلى صحيفة فايننشيال تايمز.. حديثاً كاشفاً وغامضاً.. فى آن.
(1)
قال رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها السابق: «كان لدينا ضوءٌ أخضر فى سوريا عام 2012.. وكانت قطر هى التى ستقود.. لم تكن السعودية تريد أن تقود.. لكنها غيّرت رأيها.. ولم تبلِغنا أن قطر يجب أن تكون فى المقعد الخلفى.. أصبحنا نتنافس مع بعضنا.. هذا لم يكن صحياً».
ويحمل هذا الاعتراف الخطير النقاط التالية:
أولاً: أن قطر قد حصلت على ضوء أخضر فيما يخصّ سوريا.. وأنها حصلت على «الضوء الأخضر» ليس فقط بالتدخل.. بل والقيادة. وهذا يعنى أن دور قطر فى سوريا لم يكن رؤية أخلاقية ولا رسالة إنسانية.. كما أنه لم يكن تصوراً ثورياً.. أو نظرة نضاليّة.. بل كان فقط -وبالضبط- مجرد «ضوء أخضر» جاء من خارج المنطقة، للقيام بدورٍ محددٍ ومرسوم.
ثانياً: أن السعودية حين غيّرت رأيها.. وقرّرت -لأسبابٍ تراها- التدخُّل فى سوريا.. لم تعمل قطر على التفاهم مع السعودية.. من أجل استكمال الثورة، ولم تتقدم قطر للسعودية بالشكر والامتنان على أنها قررت الدخول فى سوريا من أجل نفس الهدف الذى أعلنته قطر.. وهو إسقاط النظام.. ولكن قطر رأتْ فى الدور السعودى ما يهدِّد «القيادة القطريّة».. وما يدفع دور قطر إلى الوراء.. ولذلك قرّرت قطر التنافس وليس التكامل مع الدور السعودى.
بعيداً عن رؤية المملكة الشقيقة للأزمة ولدورِها.. فإن المؤكد هنا أن قطر قررتْ أن تضيّق على الدور السعودى.. وأن تدخُل معها المنافسة.. بعد أن أخذتْ الضوء الأخضر.
وهكذا تكون قطر قد أخذت «الضوء الأخضر» الخارجى مرتيْن.. مرةً حين قرّرت الدخول فى سوريا لقيادة ما يجرى. ومرةً ثانيةً حين قررت منافسة الدور السعودى فى سوريا مهما كانت التكاليف.
(2)
تحدّث رئيس وزراء قطر السابق عن الأزمة فى ليبيا.. قال: «كان هناك الكثير من الطباخين.. لذلك فسدتْ الطبخة».
هنا.. مرةً أخرى.. يعترف المسئول القطرى الكبير بأن ما كان يجرى فى ليبيا، من وجهة النظر القطرية، لم يكن «ثورة» بل كان «طبخة».. وأن ما حدث هو أن آخرين جاءوا مع قطر.. ليشاركوا فى «الطبخة».. فتنافس «الطباخ القطرى» مع «الطباخين الآخرين».. فكان أن فسدتْ الطبخة!
(3)
تحدّث الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى عن «العرب والغرب» فقال: «على مدى ثلاثين عاماً كنّا نضبط سعر النفط من أجل الغرب.. أنا لا ألوم أوباما على شىء.. نحن العرب لا نظهر أننا حليف يمكن الاعتماد عليه»!
وهنا فإن رئيس وزراء قطر السابق يعترف راضياً بأن سعر النفط طيلة العقود الماضية كانت بلاده تعمل مع آخرين على ضبطه من أجل «الغرب».. وليس من أجل «العرب».
ثم يمضى إلى العلاقات العربية - الأمريكية.. فلا يوجِّه لوماً واحداً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. ولا إلى سياسات الرئيس باراك أوباما. إنه لم يوجِّه نقداً للدور الأمريكى فى سوريا أو ليبيا أو غيرهما.. ولا للأداء الأمريكى فى مواجهة الإرهاب أو الترويج لديمقراطية جماعات الإسلام السياسى.. ولكنه يرى أن العيب فى «العرب» لا «الغرب».. وأن العرب -الذين ضبطوا سعر النفط من أجل الغرب، وبذلوا كل شىء لإرضاء الحليف الأمريكى- لم يُظهِروا -رغم ذلك كله- أنهم حلفاء يمكن الاعتماد عليهم!
إذاً.. فما الذى يُرضى الشيخ حمد ويُرضى الرئيس أوباما؟.. ما المطلوب عربياً من أجل أن يرقى العرب إلى مستوى قبول واشنطن لهم كحلفاء يمكن الاعتماد عليهم؟ إذا كان كل ذلك لا يرقى بهم!
(4)
إن هذا الحديث المثير للرجل القوى فى قطر لسنواتٍ طويلةٍ.. يرفع الالتباس، ويشير بالاتهام الصريح لقادة قطر.. ويُضعِف أى احتمالات للثقة بهم.
إن الحقيقة المؤكدة من هذا الحوار: أن قطر لم تُظهِر فى أىّ لحظة أنها حليف عربى يمكن الاعتماد عليه!
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
عن الوطن المصرية