يكتب ابنير غولوب، في "يسرائيل هيوم" ان الاتفاق النووي مع ايران بات حقيقة واقعة، ورغم انه غاب عن عناوين الصحف الا ان النقاش حوله يتواصل. انصاره يؤكدون انجازاته الرئيسية: اعادة المشروع النووي الايراني الى الوراء، ووضع عراقيل كبيرة امام وصول ايران الى القنبلة خلال العقد القريب. اما المعارضين للاتفاق، فيبرزون ضعفه: رفع غالبية القيود عن المشروع النووي في العقد الثاني للاتفاق، ومنح شرعية للنشاط النووي الذي تم القيام به طوال سنوات (خلافا للمعايير الدولية ولقرارات مجلس الامن الدولي)، وتسريح الكثير من الأموال الايرانية، التي سيتم بشكل شبه مؤكد، استغلالها لزيادة دعم الارهاب ونشاطات ايران الاقليمية. هل تبرر انجازات الاتفاق مكامن ضعفه؟ فحص الانجازات وتأثيرها على الواقع في اليوم التالي للاتفاق يشير الى جواب سيئ جدا.
الإنجاز الرئيسي للاتفاق النووي - تمديد فترة الاختراق الإيراني من عدة أشهر إلى سنة - يقاس حسب الوقت اللازم لإيران لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع قنبلة نووية، بعد صدور قرار إيراني بتطوير أسلحة نووية. طالما لم يتخذ أي قرار من هذا القبيل، فان "الساعة الإيرانية" لن تبدأ بالتحرك. النظام الإيراني لم يقرر بعد تطوير أسلحة نووية، ربما لأن مثل هذا القرار سيعرض إيران الى حملة دولية ضد اقتصادها، وعزلها عن المجتمع الدولي، بل يمكن أن يعرضها لخطر الهجوم العسكري. ولذلك اكتفت إيران حتى الآن في تعزيز البرنامج النووي الذي سيطور قدراتها على إنتاج الأسلحة النووية عندما يحين الوقت، وتأجيل اتخاذ قرار بشأن تطوير الأسلحة الفعلية. ويمكن للأمر أن يصدر وفقا لسيناريوهين رئيسيين: أولا، تعرض النظام الإيراني الى تهديد مباشر، ربما من هجوم أمريكي. وثانيا، حدوث أزمة دولية واسعة تحرف الاهتمام الاستخباري والسياسي الأمريكي والغربي عن إيران.
هذان السيناريوهان متطرفان وامكانية تحققهما منخفضة. وهذا يعني أن الإنجاز الرئيسي للاتفاق - تمديد فترة الاختراق الإيراني - من المرجح أن تبقى نظرية. وعلاوة على ذلك، فإن إنجازات الاتفاق النووي لا تؤثر بشكل فعلي، تقريبا، على الوضع بعد التوقيع. السيناريو المتطرف الأول هو أساسا نتيجة لقرار امريكي. إذا لم تقرر واشنطن اتخاذ إجراءات ضد أصول النظام الإيراني، فمن الصعب أن نتصور من سيعمل على إسقاط نظام آيات الله. وإذا رغبت الحكومة الأمريكية في تشجيع تغيير النظام في إيران، سوف تكون هناك حاجة لمعالجة البرنامج النووي الإيراني، كما كان ينبغي العمل قبل التوقيع على الاتفاق.
وأخيرا، إذا تحقق السيناريو الثاني، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن لتمديد الوقت لسنة ان يسمح بمنع إيران من اجتياز العتبة النووية. صحيح ان فترة السنة أفضل من عدة أشهر، كما كان قبل الاتفاق، ولكن الحاجة إلى التغلب على حرف الانظار الاستخباري والسياسي، فضلا عن التوترات المحتملة بين القوى العالمية، سيجعل من الصعب جدا كشف القرار الإيراني ومحاولات وقف النشاط قبل تحول إيران الى دولة نووية، سواء بواسطة آلية العقوبات التي تم تحديدها في الاتفاق النووي، أو من خلال صياغة الدعم الدولي لهجوم عسكري.
هذا التحليل يثبت بأن الانجازات الأكثر بروزا للاتفاق النووي مع ايران، هي نظرية في الأساس، ويشكك بقدرتها على ان تصبح انجازات ملموسة في الواقع الذي سيلي توقيع الاتفاق النووي. ولذلك، اذا كان الرئيس اوباما يرغب بتخليد اسمه بصفته الرئيس الذي اوقف فعلا البرنامج النووي الايراني، عليه استغلال بقية فترة ولايته لضمان التزام ايران بتفاصيل الاتفاق، والعمل مع حلفاء الولايات المتحدة على انشاء اليات عقاب بديلة لتلك المنصوص عليها في الاتفاق، في حال حدوث خرق ايراني فظ. ويجب ان تشمل هذه الخطة الاستعداد للخيار العسكري الموثوق في حال قررت ايران الاختراق نحو القنبلة النووية. هذه الخطوات تعتبر مصيرية من اجل تدعيم القدرة على منع ايران فعلا من تطوير سلاح نووي. مع ذلك، يمكنها تعزيز الردع امام ايران ومنع صدور قرار ايراني بتطوير سلاح نووي، وبالتالي تدعيم الاتفاق النووي ودفع الهدف المعلن للرئيس الأمريكي: منع تحول ايران الى دولة نووية.