معارضة واحدة – يهودية – عربية

8306ba3148144076344a2755f97b72e6
حجم الخط

يكتب رامي ليفني، في "هآرتس" انه قيل الكثير عن معارضة الجبهة الديموقراطية للسلام والتجمع الوطني الديموقراطي لتعريف حزب الله كتنظيم ارهابي، وقبل ذلك، عن اللقاء الذي عقده نواب من التجمع مع عائلات المخربين. هذان الحدثان يقودان، كما نتخيل الى قمة التوجه المتطرف، خاصة اللفظي، في السياسة العربية في اسرائيل، والذي يثير القلق والشجب المبررين. مع ذلك، من المناسب ان نأخذ في الاعتبار حقيقة كون الجمهور العربي يشعر هو ايضا بالقلق ازاء ظاهرة التطرف – التي يراها بالذات في الجانب اليهودي، وما يؤلمه بشكل خاص – التطرف في احزاب اليسار الصهيوني وعلى رأسها حزب العمل.

حقيقة تغيير اسم قائمة حزب العمل الى "المعسكر الصهيوني"، تم التعامل معها كإقصاء لغير اليهود، لكن الخطوات التي جاءت بعد ذلك – دعم المعسكر الصهيوني لمنع ترشيح النائب حنين الزعبي للكنيست، وتصويت الحزب الى جانب تمديد قانون منع لم الشمل، والانضمام الى الائتلاف في لجنة الأخلاق البرلمانية ضد نواب التجمع، والمشاحنات والمواعظ الأخلاقية غير المتوقفة من على منصة الهيئة العامة، والتصريحات التعيسة لرئيس الحزب يتسحاق هرتسوغ في الاسبوع الماضي، الذي تنكر لتصوير الحزب "كمحب للعرب" – هذه كلها يتعامل معها الجمهور العربي كتحطيم للآليات من جانب اليسار الصهيوني والانضمام الى اجواء نزع شرعية العرب.

لبالغ الأسف، الجانبان ليسا مخطئان. هناك تطرف متبادل في السنوات الأخيرة، وهو ينبع من سببين عميقين، اولهما حقيقة انه قام مع مرور السنوات بين اليسار الصهيوني وممثلي الاحزاب العربية  فصل قومي شبه مطلق. اليسار الصهيوني يتوجه الى اليهود فقط، يأخذ في الاعتبار احتياجاته ومشاعره وحساسيته فقط، والعرب ليسوا قائمين بالنسبة له. في المقابل تهتم القائمة المشتركة بالعرب فقط، ولذلك لا تكلف نفسها التوقف وسؤال نفسها عما اذا كانت التصريحات بشأن حزب الله او العنف الفلسطيني يمكنها ان تقصي جانبا من اليهود، او ربما يمكن التخلي عنهم.

السبب الثاني، هي السنوات الطويلة التي امضاها اليسار الصهيوني والاحزاب العربية في المعارضة، دون تحديد سياسة عملية، ودون ملامسة العمل الفعلي من اجل الحياة نفسها. التيه السياسي والجلوس على الهامش، جعل الجانبان يستثمران كل جهودهما في التعريف اللامتناهي لهويتهما امام جمهورهما المتخيل، احيانا من خلال شحذ مستقطب للفوارق بينهما. اليسار اليهودي استسلم فقط لترسيخ صورته الصهيونية الامنية الرئيسية، بينما عمل السياسيون العرب على تضخيم موقفهم الفلسطيني القومي الشامخ.

يمكن الافتراض بأنهما لو انشغلا، في اطار ائتلاف مشترك او كتلة مانعة، في تقسيم الميزانيات واقامة المراكز الجماهيرية، والاعتراف بالقرى البدوية او دفع العملية السلمية – لما وجدوا وقتا فارغا للحديث عن حزب الله او منع ترشيح نواب في الكنيست. زد على ذلك، ان التعاون السياسي كان سيجبرهما على ايلاء الاهمية ايضا لآراء الجانب الثاني، اليهودي او العربي، ولو من اجل مصلحة الحفاظ على الشراكة.

الحرب السياسية بين اليسار الصهيوني والقائمة المشتركة سيء جدا للمعارضة. انه يقسمها الى قسمين، معارضة يهودية ومعارضة عربية، ويمنع بلورة كتلة واحدة امام اليمين. هذا يسبب الضرر لليسار ايضا من ناحية جوهرية واخلاقية، وكذلك لمصالحه، وهو يمس بشكل بالغ بنسبة التصويت لدى العرب، ويقوض امكانية عرض معسكر واسع وقوي امام الجمهور، يمكن اقناعه بقدرته على تركيب حكومة.

اليسار لن يرجع الى السلطة بدون العرب وممثليهم السياسيين، والعرب لن يتمكنوا ابدا من المشاركة في صياغة السياسة الإسرائيلية وتصحيحها من دون اليسار اليهودي. اليسار اليهودي والقائمة المشتركة يحتاجان الى بعضهما البعض، عليهم الاستيقاظ وبدلا من محاربة بعضهما، الجلوس لصياغة معاهدة شراكة معارضة كقاعدة لاتفاق على التعاون السياسي داخل كتلة مانعة للحكومة القادمة. مثل هذه المعاهدة يجب ان تشمل كل ما يمكن الاتفاق عليه بين الجانبين – وهو كثير – دون ان يتم طمس الفجوات الايديولوجية بينهما. لن تكون هناك بشرى افضل من ذلك لكل الطامحين لاستبدال سلطة نتنياهو.