بوجي هرتسوغ لن يكون، على أي حال، رئيس وزراء في دولة اسرائيل. حتى لو أظهر التحقيق الجنائي الجاري الآن ضده بانه لم يعرف، لم يسمع، لم يرَ أو لم يفهم بان التبرعات المحظورة تتدفق الى صندوقه، فان الحزب الذي يترأسه لا يبدو حزب حكم. فيه الكثير من الدم الفاسد، وفيه أرال مرغليت. استمعت للاقوال التي قالها في الشريط الذي نشره على أمل أن أنتسب بعد أن أسمعه، وفهمت بانه يريد «ان يعيدوا له الدولة». تبدو الرسالة بأسرها مهددة، بل وعينا الرجل الذي اطلقها تبدوان وكأنهما اخذتا من فيلم رعب ما. هذا ليس الرجل الذي يحتاجه هذا الحزب. هذا رجل سيؤدي به الى هوة ليس فيها سوى الوحشية. فاذا كانت هذه هي البشرى الجديدة للمعسكر الصهيوني، فليس ثمة نهاية سيصل اليها العار إذن. ببساطة لا يصدق المرء بان مثل هذه الاقوال تخرج عن لسان منتخب من الجمهور. لا اعرف عنه شيئا، ولكنْ واضح لي ان هذا رجل شقاق ونفاق. سمعت الترهات التي أمليت عليه كما يبدو من «مستشار استراتيجي» وقلت لنفسي انها تذكرني بزعماء من عهود اخرى. أكاذيب وأنصاف حقائق استخدمها أرال مرغليت على نحو متداخل. هكذا يتحدثون من يريدون السيطرة على الاحزاب بقوة الديماغوجيا عندما يرفعون عبثا علم الديمقراطية. ولكن هذا ليس اساس مشكلة الحزب الذي ترأسه ذات مرة دافيد بن غوريون. فهو لم يضطر، في حينه، الى عناوين فاقعة. فقد فعل ما كان ينبغي فعله في اثناء حرب الاستقلال، دون أن يعتذر ودون أن يتردد. فقد حطم «حدود التقسيم» وأمر الجيش الاسرائيلي بان يري العرب بانهم فوتوا اللحظة لاقامة دولة لانفسهم. اما الآن فتحول حزب دافيد بن غوريون ليصبح المعسكر الصهيوني، وليصبح خليطا من اصحاب الاراء المتناقضة. هذا الاسم لم يضف شيئا، بالطبع، لمصداقية هذا المعسكر. فزهير بهلول، مثلا، اصبح جزءا منه – وهو ليس كذلك. زهير بهلول هو فلسطيني يحمل بطاقة هوية اسرائيلية. وهو يتماثل تماما، برأيي، مع مطلب اقامة دولة فلسطينية حسب الصيغة التي تقررت في 1947 في الجمعية العمومية للامم المتحدة، وبرأيه فان كل من يقاتل في سبيل هذا الهدف ليس «مخربا» بل مقاتل حرية. وينبغي الاعتراف بالحقيقة: الفلسطينيون، اولئك الذين لم يهربوا أو يطردوا، او يتركوا أماكن سكنهم لأي سبب آخر، ببساطة حبسوا في داخل الدولة اليهودية في نهاية حرب تحريرنا. هم لم يرغبوا في نتائجها، وهم بالتأكيد يأملون بان تدور عجلة التاريخ الى الوراء ويجد تطلعهم للسيطرة في كل بلاد اسرائيل الغربية تعبيره على الارض. محظور علينا أن نقع في الاوهام. زهير بهلول بليغ اللسان يقول ببساطة كل ما يفكر فيه ويتمناه كل فلسطيني، على جانبي الخط الاخضر. هذا لن يحصل بالطبع، ولكنْ مسموح لزهير بهلول ان يتطلع الى أن تعود عائلته الى حيفا. وهو أبدا لن يسمي حق العودة بالاسم الصريح، ولكن هذا ما يريده. وهذا تمام جدا. ولكن ماذا يقول هذا عن الحزب الذي يقوده، حاليا، بوجي هرتسوغ؟ ألا يوجد حقا من بين المعسكر الصهيوني ما يريد الامور ذاتها التي يريدها زهير بهلول؟ مهما يكن من أمر، ليس في هذه المجموعة التي تجمعت تحت اسم المعسكر الصهيوني شيء يبرر تسليم دفة الحكم اليها. ولغة أرال مرغليت بالتأكيد لن تعيدها الى المسار الذي يجعل احدا ما من هذا الحزب يجلس على كرسي رئيس الوزراء.