رواية "هآرتس" العربية عن "القدس السفلى"

F150917MA013
حجم الخط

«القدس السفلى» كان عنوان مقال مكون من صفحتين في صحيفة «هآرتس» في ملحق العيد الذي استفزني جدا. هذا المقال يتناول الفراغات القديمة في البلدة القديمة في القدس. ويا ليت المقال جاء ليتحدث عن المناطق القديمة في البلدة القديمة. فعليا كان المقال عبارة عن دعاية تحريضية من شأنها اثارة المؤامرات والمشاعر المعادية. العنوان الفرعي في المقال «بعد بضع سنوات يستطيع الزوار في القدس القديمة زيارة مدينة اخرى هي القدس السفلى. وسيكون في هذه المدينة مكتشفات أثرية وطرق سرية أكثر وأماكن لاجراء المناسبات. ما الذي لن يكون؟ العرب. أو شهادة على وجودهم عدة امتار فوقها. رحلة الانفاق في القدس بوجود شعب واحد». حتى هنا الاقتباس المستفز. وكأن كل هدف الكشف عن ماضي القدس مغلف بالرغبة في «عدم رؤية العرب» في القدس. واليكم تذكير، نحن هنا منذ 4 آلاف سنة. كل شيء بدأ في الحرم وعلى عتباته: المملكة الموحدة، الهياكل والصلاة التي بقيت للسنة القادمة في القدس المبنية. لقد جاء في المقال على سبيل المثال أن هناك امكانية لوصل انفاق حائط المبكى بمشاريع اخرى. وهذا يُذكرني بما أشعل احداث النفق في 1996 وأدى الى قتل 17 جنديا اسرائيليا. الحركة الفلسطينية على مر الاجيال، بما في ذلك السلطة الفلسطينية والحركة الاسلامية الآن، تزعم أن اسرائيل تقوم بالحفر تحت الحرم للاضرار بالمساجد. هذه اكاذيب بالطبع لأنه ليس هناك نفق باتجاه الحرم. يمكن ملاحظة الخط الواضح في المقال: نبع جيحون مثلا، المكان الذي تم فيه تنصيب ملوك اسرائيل حسب التوراة، على مشارف الحرم، يتم تقديمه في الصحيفة تحت الاسم العربي (ومن الجدير التذكير بأن اليونسكو والفلسطينيين نجحوا في الاسبوع الماضي في محو اسم جبل الهيكل وإبقاء اسم الاقصى فقط). وقد تم اظهار جمعية العاد بصورة سلبية. أما جمعية اخرى يسارية تسمى «عيمق هشفا» فقد نشرت تقريرا في موقعها يشبه موضوع المقال بعنوان «القدس السفلى – حفر الانفاق والفراغات في الحوض المقدس». وهناك يتحدثون عن هدف التقرير وهو محاولات اسرائيل في النزول الى أسفل الملكية الفلسطينية. أنا على ثقة أنه لا توجد صلة. لكن ما أزعجني هو ما نشر في صفحات اخرى. ففي الصفحة الثالثة من نفس الملحق يوجد اعلان كبير عن «عيمق هشفا». وفي المقال ظهرت خارطة تظهر أن جميع الاماكن التي يتم الحفر فيها قائمة منذ عشرات السنين وبعضها في المساجد والأديرة. يا للخسارة. موضوع جيد وصل الى زاوية مريرة. إن الانفاق التي يقوم بحفرها اعداؤنا في غزة تهدف الى الحصول على سلاح يخل بالتوازن. أما الحفر هنا في القدس فهو قبل كل شيء حفر أثري وعلمي وسياحي واقتصادي. لكنه بالفعل يخل بالتوازن بسبب الكشف عن حقيقة ماضينا هنا. أبو مازن وغيره ينكرون حقيقة وجود هيكلين في الحرم. وهم يحاولون نفي ذلك. وبفضل الحفريات تتكشف الحقيقة وهي مفتوحة أمام جميع الشعوب. وقد لاحظت «هآرتس» قصة مهمة، لكن الطريقة التي اختارت أن تعرضها فيها تناسب الرواية الفلسطينية الكاذبة وهي أن الحفر يوجد من ورائه دوافع تآمرية وسياسية.