سقطت معارضة الهيئة التفاوضية المنبثقة عن مؤتمر الرياض، في شَرِ تخطيطها السيئ، ولم تجد من يُساندها في مسرحية الانسحاب التي أُعدّت بسذاجة ومراهقة سياسية موصوفة، ما أوقعها في حيرة وارتباك، فراحت اذ استشعرت خطراً حقيقياً على تمثيلها المزعوم للمعارضات السورية متطرفها والمعتدل – تتحدث عن «وحدانية» تمثيلها, رافضة الوصف الموفق والصحيح الذي خلعه دي ميستورا على خطوتها المتهورة وغير المحسوبة... بالانسحاب، ما أدّى في النهاية الى شعورها بالعزلة، وان كانت لم تصل الى مرتبة الندم – الاّ انها اظهرت ذُعراً واضحاً, عندما تناهى الى مسامعها، ان خطوات جادة وذات وزن, قد اتُخِذَت لابراز او التعاطي مع جهات مُعارِضَة كانت ذات يوم – وربما الى حين مسرحية الانسحاب – محسوبة عليها, مثل احمد الجربا الذي أسس لنفسه تنظيماً وذراعاً عسكرية اطلق على الأول اسم «الغد السوري» فيما خلع على تنظيمه العسكري اسم «قوات النخبة» التي تتواجد كما قيل في وسائل الاعلام،ـ شرق سوريا لمحاربة «داعش».
ما علينا..
نحن اذاً امام سيناريو مُخادِع لا يعكس نضجاً سياسياً أو أدنى حِسٍ تفاوضي أو دبلوماسي, ظن معارضو وفد الرياض انهم (من خلاله) قادرون على دفع الجولة الراهنة من مفاوضات جنيف 3 الى الانهيار، فاذا بهم, هم أنفسهم, يواجهون خطر الشطب والإهمال, بعد ان تجاوز المبعوث الدولي خطوتهم ومضى في لقاءاته مع وفد الحكومة الشرعية, ثم شن رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف هجوماً لاذعاً على خطوتهم اليائسة، مُحذِراً اياهم من خطر الخسارة الصافية التي يُلحقونها بأنفسهم، ومنذراً ايضاً بأن من يضمهم وفدهم المفاوض, من متطرفين وارهابيين من جيش الاسلام واحرار الشام, انما يتماهون في مواقفهم وقراءاتهم من جبهة النصرة وتنظيم داعش، مُلمِحاً الى تطور – اذا ما تحقق – فانه كفيل إطاحة الهيئة التفاوضية التي يقودها رياض حجاب, عندما قال: ان هناك من «المعتدلين» من غادر الهيئة احتجاجا على قرارها الانسحاب من المفاوضات، فيما بقيت واشنطن كعادتها في مربع النفاق والرياء والغموض, فهي وان حرصت على تكرار كلامها الفارغ, بان الازمة السورية لن تُحلّ الا بالمفاوضات, الا انها سمحت لمصادرها تسريب انباء عن «احتمالات» تزويد المعارضة بصواريخ ارض جو «كتف»، ما يُعدّ تصعيدا واضحا في الازمة, يُنذر باحتمالات عديدة, ليس اقلها انهيار هدنة السابع والعشرين من شباط الماضي, التي يزعم مفاوضو وفد الرياض، انها تتعرض للاختراق من قِبَل النظام وحلفائه.
ما هو مقرر للمفاوضات ان تنتهي فيه – اي يوم الاربعاء القريب – يسير وفق اجندة دي ميستورا، واحتمالات عودة – او عدم عودة – وفد هيئة رياض حجاب (الذي ادّعى ان لدى هيئته, الوسائل الكافية والكفيلة باسقاط النظام) تبدو متساوية، لكنها وان كانت غير مؤكدة, الا انها وضعت الهيئة ومناخات التفاوض في اجواء جديدة، ليس اقلها بروز قوى تفاوضية «بديلة» ستضع حدا لادعاءات هيئة وفد الرياض، بحصرية التمثيل, ما سيطيح الهمروجة البائسة والاسطوانة المشروخة التي واصل اسعد الزعبي ومحمد علوش وخصوصاً «الجنرال» رياض حجاب، والماريشال جورج صبرا، الحديث المكرور عنها وهي «الاصرار» على وجود هيئة الحكم الانتقالي «كاملة الصلاحيات»، بدون وجود الرئيس الأسد أو أي أحد من أركان النظام القائم.
أين من هنا؟
ليس ثمة ما يشي بان الاستعراض الدبلوماسي الهابط الذي قام به اعضاء هيئة رياض حجاب التفاوضية، سيأتي بأي نتيجة او سيترك اي اثر على سير ومسار الجولة الراهنة, حتى لو لم تُحقِّق اي تقدم يُذكر، فضلا عن ان «الهدنة» رغم الخروقات التي تقوم المجموعات الارهابية وبخاصة في غوطة دمشق الشرقية وريف حلف الجنوبي وبعض احياء حلب الشرقية، ستصمد، لان البدائل باتت قليلة وهامش المناورة امام الارهابيين ووفدهم المفاوض (هيئة رياض حجاب) بات محدودا, وليس امامهم سوى القبول بما هو مطروح, وبما ينسف اطروحتهم المتهافتة, لان النظام ليس مهزوماً ولا يرفع الراية البيضاء، بل لم يرفعها عندما كان أسياد «الهيئة» هم من يُقرروا في الاقليم، ما بالك الآن بعد ان انهارت جبهاتهم, و تم تعديل موازين للقوى على النحو الذي يشهد يوماً بعد يوم اقتراب سقوط المؤامرة ودحرها؟
عن الرأي الاردنية