كانت الاجتماعات السرية مع الملك حسين، ملك الأردن، تجري بصورة عامة يوم السبت، وغالباً ما كانت في المقر الريفي للورد فيكتور ميشكون، صديق الملك حسين، في إنكلترا. كان حسين يصل مع رئيس حكومته زيد الرفاعي، أو مع من كان يتولى حينها منصب وزير البلاط الملكي، وكنت أحضر الاجتماعات مع شمعون بيريس، في البداية عندما كان رئيساً للحكومة بالمداورة. وبعدها عندما كان قائماً بأعمال وزير الخارجية. وصباح يوم الأحد كنت أعرض الأمور أمام القائم بأعمال رئيس الحكومة، إسحق شامير، الذي كان يهتم بها. وفي إحدى المرات سألته ما هي انطباعاته عن هذه الاجتماعات ولا سيما الأخيرة، فرد عليّ بأسلوبه المعتاد: «لن يؤدي هذا كله إلى سلام، لكن الاجتماع أمر جيد». أشعر تجاه الاجتماعات المتعاقبة بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى حد ما، مثلما شعر شامير (الذي أخطأ بالطبع بشأن فرص السلام مع الأردن). إن روسيا بوتين ليست دولة عظمى، لا في القدرات الاقتصادية ولا في القدرات العسكرية. وقد قضت على الأمل بالديموقراطية الحقيقة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وأدى انتقالها إلى السوق الحرة - أكثر من أي شيء آخر- إلى خصخصة وسائل الإنتاج ووضعها بين يدي الأثرياء المسيطرين، والذين هم عملياً في جهاز السلطة. لكن روسيا لا تزال دولة مهمة ذات قدرة عسكرية لا يمكن الاستخفاف بها، ولديها مواطنون متعلمون يشكلون رصيداً مهماً في أي دولة. وحتى لو كان هناك من يشعر باليأس من الولايات المتحدة ويرغب في استبدالها براعٍ آخر، فإنه لن يفكر جدياً بروسيا التوتاليتارية التي يضعف اقتصادها بسرعة. والبديل الوحيد للولايات المتحدة القوية التي تتدخل في الشرق الأوسط، هو ولايات متحدة أقل قوة وأقل تدخلاً في الشرق الأوسط. لكن روسيا قادرة على القيام بـ»تدمير شديد» وعلى إزعاجنا بشدة. فتأييدها للمحور السوري - الإيراني -»حزب الله» هو كالحسكة في حلقنا، ناهيك عن تصويت روسيا الدائم في الأمم المتحدة بشكل معاد لإسرائيل. إن هدف القناة المفتوحة بين إسرائيل وروسيا هو قبل كل شيء منع وقوع الأسوأ والحؤول دون صدامات عسكرية فيما يتعلق بسورية، ومنع تزويد إيران بسلاح خطر في نظرنا، ومحاولة فهم السياسة الروسية حيال موضوعات مهمة بالنسبة إلينا – وأن نشرح للقيادة الروسية وجهة نظرنا (ربما شرح نتنياهو لبوتين لماذا كان مهماً بالنسبة إليه التصريح بأننا لن نتخلى عن الجولان أبداً برغم أنه من الواضح أن بوتين – إن كان حقاً أصغى للشرح - لن يقبل بذلك، وسيستمر في التفكير بأن على إسرائيل في إطار اتفاق سلام النزول من على هضبة الجولان). ليس لدى إسرائيل أي مصلحة في تعميق تدخل روسيا في الشرق الأوسط، لكن أيضاً ليس لديها قدرة على منع ذلك، وإذا كانت روسيا تتدخل (من أجل تغطية إخفاقات داخلية، أو من أجل إظهار نفسها كقوة عظمى، أو لأي سبب آخر) فإنه من المهم - كما قال شامير عن المحادثات مع الملك حسين قبل 30 عاماً - المحافظة على العلاقة، وضمان علاقات جيدة قدر الممكن بين الدولتين.